في إطار حرب الإبادة الجماعية الممارسة بحق أهالي قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر 2023، يوسع جيش الاحتلال الإسرائيلي حربه على أهالي شمال القطاع، مرتكبًا أبشع المجازر، في وقت يمنع فيه دخول الطعام أو الشراب أو الدواء إلى تلك المناطق، حيث تواترت الأدلة المؤكدة على أنه يستهدف من وراء ذلك تهجير الفلسطينيين.
صراخات لا تُسمع
واستمرار لتلك الإبادة فقد أنذر جيش الاحتلال الإسرائيلي بمنشورات ألقاها على مشروع بيت لاهيا الأهالي بإخلاء المنطقة فورًا والتوجه إلى جنوبي القطاع، مستبقًا ذلك بشن قصف مدفعي عنيف استهدف منطقة مشروع بيت لاهيا، ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من الفلسطينيين.
ويطالب جيش الاحتلال الفلسطينيين بالنزوح إلى الجنوب من ممرات يزعم أنها "آمنة"، لكنها في حقيقة الأمر ما هي إلا مصايد يعمل من خلالها على تنفيذ عمليات إعدام بحقهم.
ومن المحتمل أن تؤدي الهجمات الإسرائيلية والقيود التي تفرضها والتهجير القسري الذي تمارسه في شمال غزة إلى "إنهاء الوجود الفلسطيني في تلك المنطقة"، وفق ما ذكره مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان الاثنين.
ويقول المكتب إن الهجمات التي تشنها إسرائيل في شمال غزة، مروعة، موضحًا أن الحياة أصبحت "مستحيلة" بالنسبة للمدنيين المحاصرين في شمال غزة، وأن الكثير من السكان على حافة المجاعة بسبب النزوح القسري المتكرر والقيود الشديدة المفروضة على الوصول إلى إمدادات المساعدات الإنسانية الأساسية.
وفي الوقت ذاته، أشار إلى أن إسرائيل تواصل قصف المنطقة ومهاجمتها بوحشية، لا سيما مخيم جباليا للاجئين وما حوله، مبينًا قيام القوات الإسرائيلية بتجريد العديد من المواطنين من ممتلكاتهم قبل حلول فصل الشتاء وتدمر المنازل والمدارس التي تستخدم كملاجئ.
واليوم، أفاد مكتب الإعلام الحكومي بغزة، بأن جيش الاحتلال منع إدخال أكثر من ربع مليون شاحنة مساعدات وبضائع منذ بدء حرب الإبادة الجماعية في أكتوبر 2023، بينما يواصل تعزيز سياسة التجويع وخاصة بمحافظة شمال قطاع غزة بجباليا تحديدًا.
واعتبر المكتب أن منع إدخال هذه الشاحنات يأتي في إطار تعزيز سياسة التجويع واستخدامها سلاح حرب ضد المدنيين، وضد الأطفال خصوصًا من خلال منع إدخال الغذاء وحليب الأطفال والمكملات الغذائية، وهو ما يعد جريمة ضد الإنسانية.
وأوضح أن ذلك يتزامن مع إغلاق جيش الاحتلال لآخر معبر في قطاع غزة، منذ 169 يومًا، وإحكام الحصار بشكل خانق على جميع محافظات القطاع، في إشارة منه إلى معبر رفح الذي تغلقه القوات الإسرائيلية.
واستنكر صمت المجتمع الدولي والدول الأوروبية أمام هذه الجريمة الوحشية التي يرتكبها الاحتلال بحق أكثر الفلسطينيين في قطاع غزة. محذرًا من استمرار هذه الكارثة، وسط صمت العالم، ما ينذر بأزمة إنسانية عميقة قد يروح ضحيتها الآلاف من شعبنا الفلسطيني.
وحمل المكتب "إسرائيل والإدارة الأمريكية والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا والدول المشاركة في الإبادة الجماعية كامل المسؤولية عن استمرار جريمة التجويع بحق المدنيين والأطفال والنساء من أبناء شعبنا الفلسطيني"، وفق قوله.
وطالب المجتمع الدولي بالضغط الفعلي والجاد على إسرائيل لوقف التجويع والقتل والإبادة في غزة، وخاصة في محافظة شمالي القطاع.
في غضون ذلك، أكدت حركة حماس، أن جيش الاحتلال الذي وصفته بـ"الفاشي" يواصل محاولاته لتنفيذ مخططه "الإجرامي" المعروف بخطة الجنرالات في شمال غزة، ويحاصر المدارس والمستشفيات ويرتكب المجازر بحق المواطنين العزل والنازحين.
وتابعت:"جيش الاحتلال ينفذ أبشع عملية تهجير قسري على الهواء مباشرة وأمام مرأى ومسمع من العالم أجمع"، مطالبة المنظومة الدولية بالتحرك الفوري لوقف جريمة التهجير القسري والتطهير العرقي والمذابح التي ينفذها الاحتلال شمالي قطاع غزة.
وأكدت حماس على أن "ما تشهده جباليا ومخيمها ومشروع بيت لاهيا وعموم محافظة شمال غزة من مجازر يومية وتدمير شامل، وعمليات تهجير قسري وتطهير عرقي، واستهداف وحشي للمدارس ومراكز الإيواء والمستشفيات هو انتهاك صارخ لكل القوانين والشرائع والأعراف".
وفي الوقت نفسه، أكدت على أن هذه الجرائم لم تكن لتمر لولا حالة الصمت والتخاذل، التي تعتري المنظومة الدولية، والسلوك المتواطئ للإدارة الأمريكية مع جرائم "العدو الصهيوني".
من جانبه، اعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد مصطفى، أن ما يحصل في شمال قطاع غزة، وفي جباليا منذ أكثر من أسبوعين هو استكمال لجريمة الإبادة الإسرائيلية في أبشع صورها وفصولها، من تهجير وتجويع ونسف المربعات السكنية على رؤوس ساكنيها، وحصار المستشفيات وتجمعات النازحين وإجبارهم على النزوح باتجاه الجنوب بالقوة.