على مر العقود كانت ولا تزال العلاقات المصرية الجزائرية نموذجا للتعاون والعلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين، حيث دعمت البلدان بعضهما البعض في أزماتهما، وخلال السنوات العشر الماضية ربطتهما علاقات أعمق في ظل حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على تعزيز أوجه التعاون مع الجزائر الشقيقة.
ويستقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي، نظيره الجزائري عبدالمجيد تبون، اليوم، حيث يعقد الرئيسان جلسة مباحثات مشتركة، وتأتي زيارة الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون؛ إلى مصر لبحث سبل التعاون بين البلدين وبعض الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
علاقات مصر والجزائر
وظلت العلاقات المصرية الجزائرية على قدر كبير من القوة والترابط حيث دعمت البلدان كل منهما الأخرى في الأزمات، فكان لمصر دورا بارزا في دعم الثورة الجزائرية العظيمة لمواجهة الاستعمار الفرنسي عام 1954، وفي المقابل دعمت الجزائر مصر بشكل كبير في حربها ضد العدو الإسرائيلي لتحرير سيناء منذ عام 1967 وحتى انتصار أكتوبر المجيد 1973.
ووضعت اللمسات الأخيرة للتحضير لاندلاع الثورة التحريرية في اجتماعي 10 و24 أكتوبر 1954 بالقاهرة من طرف لجنة الستة ومجلس قيادة الثورة المصرى، وهو الأمر الذي نصب مصر الراعي الأول لاندلاع هذه الثورة التحريرية التي امتدت بعدها لقرابة السبعة سنوات ونصف من الكفاح المسلح والعمل السياسي المستمر.
وكان الدعم المصري الكبير وغير المحدود لثورة التحرير الجزائرية عام 1954، بارزا، حيث دعمت مصر ثورة الجزائر بالسلاح والخبراء، وهو ما جعل الدور الغربية تهاجم مصر، كذلك مثلت مصر الجزائر في مؤتمر باندونج الذي عقد في مايو 1955، كما كانت القاهرة مقر الحكومة الجزائرية المؤقتة التي تأسست في 19 سبتمبر 1958.
كما تجلى الدعم الجزائري لمصر، خلال حرب أكتوبر 1973 وفترة الإعداد لها، حيث توسط الرئيس الجزائري الأسبق هواري بومدين بنفسه عند الاتحاد السوفيتي لكي يسمح بتصدير السلاح لمصر، وذلك بعد معرفة بنية قيام إسرائيل بالحرب على مصر.
وخلال حرب أكتوبر 1973 شاركت قوات جزائرية، في المعركة، وكانت الجزائر ثانى دولة من حيث الدعم خلال الحرب، فشاركت على الجبهة المصرية بفيلقها المدرع الثامن للمشاة الميكانيكية بمشاركة 2115 جنديا 812 صف ضباط و192 ضابطا جزائريا، وأمدت الجزائر مصر بـ 96 دبابة 32 آلية مجنزرة 12 مدفع ميدان و16 مدفعا مضادا للطيران وما يزيد عن 50 طائرة حديثة من طراز ميج 21 وميج 17 وسوخوى 7.
العلاقات المصرية الجزائرية في عهد السيسي
وشهدت العلاقات المصرية الجزائرية في عهد الرئيس السيسي تعزيزا لأوجه ومجالات التعاون، حيث كانت الجزائر أول دولة يزورها الرئيس السيسى، بعد انتخابه وتوليه مقاليد الحكم رسميا في يونيو 2014 الأمر الذي أدى إلى حدوث تطور إيجابي كبير في علاقات البلدين.
وتحرص البلدان على تعزيز أوجه ومجالات التعاون والتنسيق، هناك تطابق كامل فى وجهتى نظر البلدين في عدد من القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية وضرورة حل الدولتين، وكذلك الملف الليبى، حول أهمية استقرار الوضع في ليبيا وبناء الدولة الليبية والاستجابة لطلبات الشعب الليبي والحفاظ على المؤسسات الليبية الوطنية وصون وحدة وسيادة ليبيا الشقيقة وتعزيز دور الجهات الأمنية في مكافحة الإرهاب والجماعات المتطرفة، وكذلك تعظيم الجهود الدولية لإخراج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية.
ودائما ما يؤكد الرئيسان على ضرورة العمل على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية لتتناسب مع العلاقات السياسية المتميزة، فضلاً عن مواصلة التعاون والتنسيق العسكري والمعلوماتي بين البلدين، وكذا تعزيز الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب، خاصة في ظل التحديات الأمنية المختلفة التي تفرضها المستجدات الإقليمية الأخيرة، لا سيما في منطقة الساحل والصحراء،
زيارة رئيس الجزائر لمصر
وكانت آخر زيارة أجراها رئيس الجزائر لمصر في، 26 يناير 2022، حيث استقبله خلالها الرئيس السيسى، واتفق الرئيسان على دفع أطر التعاون الثنائي بين البلدين من خلال تفعيل آليات التشاور والتنسيق بينهما على كافة المستويات، ووجها في هذا السياق بعقد الدورة المقبلة للجنة العليا المشتركة بين مصر والجزائر برئاسة رئيسي وزراء البلدين وآلية التشاور السياسي على مستوى وزيري الخارجية.
وخلال تلك الزيارة، بحث الرئيسان عددا من القضايا من بينها أهمية الحفاظ على الأمن القومي العربي في ظل التحديات الخطيرة التي تواجهها المنطقة، وتعزيز مفهوم الدولة الوطنية، ودعم دور مؤسساتها لتلبية طموحات الشعوب العربية، ورفض محاولات التدخل الخارجي في الشئون الداخلية للدول العربية، وأهمية دعم أطر وآليات العمل العربي المشترك وجهود جامعة الدول العربية ذات الصلة بما يصون المصالح العربية.
وفيما يخص القضية الفلسطينية، اتفق الرئيسان على حفظ حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق، وتحقيق تطلعاته وآماله المشروعة في إقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وحشد الجهود الإقليمية والدولية ذات الصلة.
كما اتفق الرئيسان حينها ضرورة دعم استقرار الأوضاع في السودان واحترام سيادته ووحدة أراضيه لما يمثله ذلك من أهمية بالغة لتحقيق السلم والأمن في القارة الأفريقية، أكد الرئيسان على أهمية دعم جهود تحقيق الاستقرار في منطقة الساحل والصحراء في ظل الأوضاع الأمنية الراهنة التي تشهدها، وبما يحول دون تمدد أنشطة الجماعات الإرهابية والمتطرفة في هذه المنطقة، ويضمن مساعدة دول الساحل والصحراء على اجتياز التحديات التي تواجهها بما في ذلك تكثيف الدورات التدريبية المقدمة لكوادرها في مجال مكافحة الإرهاب، أشار الرئيسان إلى أهمية التعاون المشترك بين البلدين من أجل الارتقاء بمنظومة الاتحاد الأفريقي لتحقيق الاندماج القاري والاقتصادي من خلال التنسيق بين الاتحاد الأفريقي والتجمعات الاقتصادية الإقليمية الأمر الذي من شأنه تحقيق أهداف أجندة التنمية الأفريقية 2063.