جعل تقارب نتائج استطلاعات الرأي بين مرشحي الرئاسة الأمريكية كامالا هاريس مرشحة الحزب الدميقراطي، ودونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري، أصوات المسلمين -بما في ذلك العرب منهم- حلبة صراع لكليلهما، حيث باتت تلك الأصوات، التي تتوزع في ولايات له وزنها في المجمع الانتخابي الذي له كلمة الحسم في الإيصال للبيت الأبيض، ورقة حاسمة تتعلق بها آمالهم.
وكانت تلك الأصوات القليلة نسبيًا، الحاسمة في تلك الأوقات، إحدى أوراق الحزب الديمقراطي أمام منافسه الجمهوري، قبل أن تنقلب الأمور رأسًا على عقب بفعل الحرب الإسرائيلية التي تشنها إسرائيل بدعم لا محدود من إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن، ضد قطاع غزة.
وكان لزامًا على الحزب الديمقراطي أن يعي بشكل مبكر وقع تأثير الحرب على تلك الأصوات، إلا أن الرئيس بايدن واصل سياسة الدعم، رغم أن إسرائيل تسببت له في الإحراج مرارًا، بينما فشلت مرشحة حزبه كاملا هاريس في إقناع تلك الفئة أنها ستحمل تغييرًا ولو طفيف في سياسة البيت الأبيض نحو الصراع الدائر.
ويتضح يومًا تلو الآخر، أن العلاقة بين الأمريكيين المسلمين والعرب وبين الحزب الديمقراطي انتهت إلى أضيق أفق، في ظل ما تظهره استطلاعات الرأي، حيث تؤكد أن معظمهم لن يصوتوا لمرشحته كامالا هاريس.
لمن سيصوت العرب والمسلمون؟
وتؤكد استطلاعات الرأي أن أحد الأصوات التي كانت بمثابة ركيزة للحزب الديمقراطي، أنثرتها رياح الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، حتى بات المرشح الجمهوري يتقدم على منافسته الديمقراطية، وذلك برغم أن سياسته أكثر دعمًا لإسرائيل.
ومن جانبه، يستغل المرشح الجمهوري دونالد ترامب، الأوضاع المتأزمة في الشرق الأوسط؛ ليجذب المزيد من تلك الأصوات الحائرة، إذ يؤكد أنه قادر على جلب السلام للمنطقة، دون أن يحدد آلية لذلك.
في حين أن الشرق الأوسط سيقضي العقود الأربعة القادمة في النيران، وأطفاله سيذهبون إلى الحرب، وربما حتى الحرب العالمية الثالثة، إذ وصلت المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس إلى البيت الأبيض، بحسب ما يذكره ترامب.
وإلى موقف العرب الأمريكيين، بما في ذلك غير المسلمين، حيث نجح المرشح الجمهوري في إحراز تقدم طفيف على منافسته الديمقراطية، كامالا هاريس، بحسب ما أظهره استطلاع "أراب نيوز/يوجوف"، الذي نشرت نتائجه يوم الاثنين الموافق الـ21 من الشهر الحالي.
ووفقًا لهذا الاستطلاع، فقد حظي ترامب على دعم 45 بالمائة من تلك الأصوات، مقابل 43%، حصلت عليها هاريس، ما يؤكد أن الديمقراطيين فقدوا دعم الناخبين العرب ذوي النفوذ الكبير في بعض الولايات الحاسمة.
ويدلل ذلك الاستطلاع على أن قاعدة الحزب الديمقراطي من تلك الأصوات تتآكل يومًا تلو الآخر، وذلك وفقًا لنتائج استطلاع سابق أجراه معهد الأمريكيين العرب، حيث كان ترامب وهاريس متعادلين تقريبا بنسبة 42 بالمائة إلى 41 بالمائة على التوالي.
وسبق أن أظهر استطلاع للرأي، نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، مايو الماضي، أن الحرب على غزة ستكون المؤثر الأكبر، في الطريقة التي سيصوت بها نحو 70 بالمائة من عرب الولايات المتحدة في الانتخابات الرئاسية المقرر لها في الخامس من نوفمبر المقبل.
وبالنسبة لموقف الناخبين المسلمين عمومًا، الذين يقدر عددهم بنحو 2.5 مليون ناخب، ما يجعهلم في وضع يسمح لهم بالاضطلاع بدور حاسم في تشكيل المشهد السياسي؛ لحضورهم الكبير في الولايات المتأرجحة الرئيسية، بحسب مركز العلاقات الأمريكية الإسلامية "كير".
ووفقًا للاستطلاع الذي أجراه المركز في المدة من 25 إلى 27 أغسطس 2024، فقد حصلت مرشحة حزب الخضر المستقلة جيل ستاين، على أغلبية أصوات من شملهم الاستطلاع من العرب والمسلمين بنسبة 29.1 بالمائة، بينما حصلت مرشحة الحزب الديمقراطي، كاملا هاريس على 29 بالمائة من الأصوات.
فيما حل المرشح الجمهوري دونالد ترامب، ثالثًا، حيث حصل على تأييد 11.2% من تلك الأصوات، يليه المرشح المستقل كورنيل ويست، الذي حصل على تأييد 4.2 بالمائة من الأصوات.
لكن، لاحقًا، وجد استطلاع أجراه المركز نفسه، أن هاريس تقدمت، حيث حصلت على 29.4% من أصوات المسلمين في أنحاء البلاد، مقابل 11.2% للأخير، بينما فضل 34 بالمائة طرفًا ثالثًا مثل ستاين التي حصدت 29.1 بالمائة.
وعمومًا، من شأن تلك النتائج أن تحرم مرشحة الحزب الديمقراطي من الفوز في ولايات حاسمة، ينظر إليها على أنها ستحدد مصير انتخابات الرئاسة في ظل تقاسم التقدم مع المرشح الجمهوري، وفقًا لما تشير إليه استطلاعات الرأي.
وسبق، أن أعلنت اللجنة العربية الأمريكية للعمل السياسي، أنها لن تؤيد المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس ولاحتى الجمهوري دونالد ترامب، في الانتخابات الرئاسية القادمة، وعزت ذلك إلى دعمهما الحكومة "الإسرائيلية الإجرامية" في حربي غزة ولبنان.
كما قررت صحيفة "أراب أمريكان نيوز" عدم تأييد أي من المرشحين الديمقراطي أو الجمهوري عازية السبب إلى أن "كل ما سمعناه من الطرفين هو إما إهانة أو مجاملات فارغة".
بخلاف ذلك، حصلت هاريس على تأييد "إمجيج أكشن" التي تقول عن نفسها، إنها منظمة وطنية غير حزبية مكرسة؛ لتعبئة الناخبين المسلمين وتمكينهم، ما يؤكد أن أصوات المسلمين باتت مشتتة.