إن قانون العمل الجديد خطوة مهمة نحو تحقيق تطلعات العمال الذين طالما واجهوا تحديات عديدة في مسيرتهم المهنية، فإنه أكثر من مجرد نص قانوني بل هو وعد بالتغيير ورؤية تسعى لضمان حقوق العامل وتوفير بيئة تعزز من قيمته فكل حرف في هذا القانون ينبض بآمال أولئك الذين يسعون لبناء مستقبل أكثر أمانا وعدلا في رحلة لا تعرف الكلل ولا الملل بل تحمل إصرارا على الكرامة والاحترام.
وجاءت أيضا موافقة مجلس الوزراء على مشروع قانون العمل الجديد كخطوة هامة نحو تعزيز حقوق العمال وضمان استقرارهم الوظيفي وذلك ضمن إطار الأجندة التشريعية للحكومة والتي تركز على تحقيق تطلعات فئة كبيرة من القوى العاملة في البلاد وهذا القانون يمثل إحدى المبادرات الإصلاحية التي تسعى إلى معالجة العديد من المشكلات التي يعاني منها العمال مثل الاستغلال الوظيفي وعدم الأمان في بيئة العمل فمن أهم ملامح مشروع القانون الجديد هو توفير إطار قانوني متوازن يحقق التوازن بين حقوق العامل واحتياجات أصحاب العمل بما يسهم في تحقيق بيئة عمل أكثر أمانا واستقرارا فمن أهم الإصلاحات التي تضمنها القانون الجديد هو إلغاء "استمارة 6" التي كانت تستخدم من قبل بعض أصحاب العمل كأداة للضغط على العمال وإنهاء خدماتهم دون سابق إنذار أو تعويض فقد كانت هذه الاستمارة توقع عند بداية العمل كإجراء احتياطي ما يجعل العامل معرضا لفقدان وظيفته في أي لحظة ويمثل إلغاء هذه الاستمارة خطوة محورية في حماية العمال حيث يحفظ لهم حقوقهم ويعزز من الشعور بالأمان الوظيفي ويضع حدا لظاهرة الفصل التعسفي التي طالما عانى منها العديد من العمال.
ومن بين الحقوق الجديدة التي كفلها القانون للعاملين هو الحق في التعويض في حال الفصل التعسفي حيث نص القانون على منح العمال المفصولين تعسفيا تعويضا قدره شهرين من الأجر عن كل سنة من سنوات الخدمة وهو ما يعد تحفيزا على التزام أصحاب العمل بتوفير بيئة عمل آمنة ومستقرة للعمال ويضمن لهم عدم تعرضهم للفصل دون مبرر ويمثل هذا التعويض دعما ماليا مهما للعامل المفصول حيث يساعده على التكيف مع الظروف الجديدة حتى يتمكن من إيجاد فرصة عمل أخرى.
كما حرص القانون على معالجة قضية العقود المؤقتة التي تعد من أبرز التحديات التي تواجه العمال في القطاع الخاص فقد نص القانون على تحويل العقود المؤقتة إلى عقود دائمة بعد مرور أربع سنوات من الخدمة المتواصلة الأمر الذي يمنح العامل شعورا بالاستقرار ويعزز حقوقه الوظيفية وتحويل العقود المؤقتة إلى دائمة يشكل حماية كبيرة للعمال حيث إنه يضمن لهم الحق في العمل الدائم والمستقر ويحميهم من تكرار حالة عدم اليقين الوظيفي التي تخلقها العقود المؤقتة ويعكس هذا التعديل التزام الحكومة بضمان حقوق العمال وتعزيز دورهم في المجتمع الاقتصادي.
ويهدف القانون أيضا إلى تحسين بيئة العمل بشكل عام بما في ذلك وضع ضوابط تحد من استغلال العاملين من خلال ساعات العمل الطويلة أو عدم توفير إجازات كافية ويتوقع أن يسهم تطبيق هذا القانون في تعزيز الإنتاجية حيث إنه يدفع أصحاب العمل إلى تحسين شروط العمل والالتزام بمعايير السلامة والأمان وهو ما قد يؤثر إيجابيا على نفسية العمال ويعزز من ولائهم للمؤسسة.
وبالإضافة إلى ما سبق يعد القانون جزءا من رؤية شاملة تسعى الحكومة من خلالها إلى تعزيز التنمية الاجتماعية وتحقيق العدالة الاقتصادية فإن تحسين ظروف العمل ليس فقط مطلبا حقوقيا، بل هو أيضا ركيزة أساسية لتحقيق تنمية مستدامة حيث إن رفع مستوى الأمان الوظيفي والعدالة في بيئة العمل يسهم في خلق بيئة اقتصادية مستقرة ويدفع نحو تحقيق النمو الاقتصادي.
ويعد مشروع قانون العمل الجديد مؤشرا على اهتمام الدولة بتحسين مستوى حياة المواطنين وحماية حقوقهم في مجالات عدة فهو يسهم في تعزيز ثقة المواطنين في النظام القانوني والتشريعي ويؤكد التزام الحكومة بإنشاء مجتمع يعمل على أسس من العدل والمساواة ومن المتوقع أن يسهم هذا القانون في استقطاب المزيد من العمال إلى سوق العمل نظرا لما يوفره من ضمانات حقوقية تسهم في تحسين بيئة العمل وتعزيز الأمان الوظيفي.
لذا فلا شك أن مشروع قانون العمل الجديد يمثل نقلة نوعية في حماية حقوق العمال وتحقيق الاستقرار الوظيفي ومع التطبيق الفعال للقانون يمكن أن يتحقق تحسين حقيقي في بيئة العمل ويعزز من وضع القوى العاملة بكل عام.