بعد توقف دام نحو 15 عامًا، تعود شركة النصر لصناعة السيارات لاستئناف نشاطها الإنتاجي، في خطوة تعكس الروح الوطنية وريادة الابتكار، أعلنت الشركة عن قرب إطلاق أول أتوبيس محلي الصنع بنسبة مكون محلي عالية، ما يجسد عودة الصناعة المصرية إلى الساحة بقوة وإصرار على التواجد والتحدي.
وفي هذا السياق، نسلط الضوء خلال الأسطر التالية، على بدايات شركة النصر وانطلاقتها العملاقة بالإحصائيات والأرقام المسجلة في مجال الصناعة العربية، في لحظة تاريخية تعيد إلى الأذهان أمجاد الماضي، وتفتح آفاقًا جديدة لمستقبل واعد للصناعة الوطنية، بحسب أرشيف مجلة "المصور".
«انطلاقة قوية عملاقة في دنيا الصناعة العربية»
«عودة للماضي ورؤية ثاقبة للحاضر».. تصدر هذا العنوان تصدر غلاف مجلة المصور في عددها الصادر بتاريخ 16 أغسطس 1963، احتفلت «المصور» بالانطلاقة القوية التي شهدتها الصناعة العربية في بلادنا وأشادت بأن «هذا التطور الضخم لا يكفي أن نطلق عليه اسم النمو، لأنه في الحقيقة أكبر من ذلك وأعظم.. أنه انطلاقة وثورة، انبثقتا مع انبثاق فجر ثورة 23 يوليو الخالدة، وراحت تجري بسرعة الصاروخ في مختلف ميادين الإنتاج، بحيث تبدو أرقامها المتطورة مذهلة لكل من يحاول تتبع هذا التطور الضخم وهذه الانطلاقة الجبارة».
قصة البداية.. بدأت من عنبر
أشارت «المصور» إلى أنه في العيد الحادي عشر لثورة يوليو وفي عنوان «تدعيم الصناعة العربية» افتتح الرئيس الراحل جمال عبد الناصر شركة النصر التي كانت في مقدمة افتتاح المصانع الجديدة، والتي كانت سبب في رفع عدد العمال من 4 آلاف عامل إلى 12 ألف، كما أن المصنع بدأ في «عنبر صغير» ولكنه خلال عامين أصبحت مساحته مليون متر، كما أن المشروعات التي قامت بها الشركة وفرت لمصر 40 مليون جنيه من العملة الصعبة.
مصانع النصر هي قصة كفاح
وكتبت مجلة المصور، أن قصة بداية مصانع النصر للسيارات هي قصة كفاح.. وقصة إيمان وقصة ثورة منطلقة لا تعترف بالمستحيل، وترى في حلم يومها واقع غدها لقد كانت بلادنا قبل الثورة تقوم باستيراد كل وسائل النقل وقطع الغيار من الخارج، وكان ذلك يكبدها الكثير من العملات الصعبة كل عام.. ومن ناحية أخرى، فإن الثورة كانت تدرك حقيقة الخدعة التي حاول الاستعمار أن يخلق منها عقيدة في نفوسنا وقلوبنا، وهي أن بلادنا لا تصلح لغير الزراعة.
وأوضحت المجلة، أن ثورتنا المباركة تنفخ من روحها في النهضة الصناعية، وتحاول أن تسد حاجة البلاد من الصناعات المختلفة بتصنيعها محليا، وكان مشروع إقامة مصنع للسيارات من بين المشروعات الصناعية الهامة التي أولتها الثورة اهتماما بالغا من البداية.
وقالت، ظلت التجارب والاختبارات تجرى من أجل هذا الغرض، تم توقيع عقد مشروع صناعة السيارات في 19 سبتمبر 1959 . وهو المشروع الذي قامت بتنفيذه فيما بعد شركة النصر لصناعة السيارات والتي تأسست في يونيو 1960 برأس مال قدره ثمانية ملايين من الجنيهات.. ولم تكن البداية على هذا النحو الكبير المتطور، فقد بدأ المشروع صغيرا في مصنع 36 الحربي. ولكنه في مدى عامين اثنين استطاع أن ينطلق قويا ماردا، وأن يصبح مصنعا مستقلا كبيرا على مساحة قدرها مليون متر مربع، وهذا التطور كان يقابله تطور مماثل في أرقام الإنتاج.
وأضافت، أن الإنتاج بدأ في عام 60/61 بما قيمته ثلاثة ملايين و 180 ألف جنيه ارتفع، في عام 62/61 الى أربعة ملايين و 760 ألف جنيه، ثم وصل في عام 63/62 إلى 13 مليونا و 420 ألف جنيه، وبمنطق الأرقام الذي يعتبر أقوى وأصدق منطق نستطيع أن نرى الانطلاقة الكبيرة، وأن نشاهد الثورة الصناعية المتطورة التي عمت أرجاء البلاد، وراحت تقفز في سرعة مذهلة أقرب إلى الخيال.
وأشارت إلى أن تطور الإنتاج في مصانع شركة النصر للسيارات تمشيا مع الخطة الخمسية الثانية، فقد تم التعاقد مع شركة فيات الإيطالية في مارس 1961 على إنتاج سيارات الركوب بطاقة إنتاجية قدرها 12000 سيارة سنويا، وبدأ الإنتاج فعلا في يونيو 1962.
كما تم التعاقد مع شركة اندستريا موتورا تراكتورا اليوغسلافية في يوليو 1961 على إنتاج الجرار الزراعي بطاقة إنتاجية قدرها ثلاثة آلاف جرار سنويا، وبدأ الإنتاج في يوليو 1962.
ولفتت المجلة إلى أن: التكاليف الفعلية لجميع المشروعات التي تضطلع بها الشركة نحو 40 مليون جنيه وهي موزعة على النحو التالي:
- 5 ملايين من الجنيهات للأراضي والمباني والمرافق.
- 17.3 مليون جنيه للآلات والمعدات.
- 9.6 مليون جنيه قيمة الحد الأدنى للمخزون وذلك لضمان استمرار الإنتاج.
- 8.4 مليون جنيه رأس مال عامل، وأما تكاليف المشروعات التي تم تنفيذها وقام الرئيس جمال عبد الناصر بافتتاحها فقد بلغت 13 مليون جنيه.
مشروعات شركة النصر
ووفقا للمصور، فقد ضمت مشروعات شركة النصر للسيارات في بدايتها 7 مشروعات حيوية، تهدف جميعها إلى توفير وسائل النقل وقطع الغيار اللازمة، وهذا المشروعات تلخصت في: مشروعات اللوري وشاسيهات الأتوبيس، صناعة جسم الأتوبيس، صناعة المقطورات، صناعة اللوريات المتوسطة، صناعة الجرارات، صناعة سيارات الركوب، صناعة عربات الديزل.