في فترة زمنية ليست قريبة كان زمن مجد الفتوات، يقفون أمام البوابات يُهلبون جيوب كل من يريد المرور جزية أو ضريبة، ومع انتهاء عصر الفتوات، ظهر فتوات جُدد بمسميات مختلفة منهم من يستهدف سيارات البضائع عنوة مثلما جسدها فيلم "سلام يا صاحبي" عندما استوقفوا الزعيم عادل إمام وسعيد صالح أمام عربة البطيخ ليدفعوا ثمن المرور بالقوة "بالبلدي شخلل تعدي".
ومع مرور السنوات وفي كل مرة تنتهي تلك الظاهرة، تظهر بشكل جديد مرتدية قناع التخفي، ومن عصر لعصر ومن زمن لآخر يختفي ويظهر أصحاب تلك المهنة الخبيثة، ولكن بجوهر مختلف وقناع جديد ذكرني أيضا بأحد أفلام الزعيم "المتسول" عندما اتخذ شعار "أرحموا عزيز قوم ذَل" وهو الأنسب لرواد مهنة أكل السحت والتسول المدعين بكونها وظيفة مسماه "فود بلوجر"، شخص يدعي التخصص وإنه حاصل على كورسات التذوق ولديه مهارات التقييم، من خلال بعض الكلمات يقوم باختراعها واستخدمها في بعض فيديوهاته.
وأصبح لكل منهم تسعيرة تبدأ بوجبة مجانية معٌتبرة من كل قوائم الطعام، ومبلغ يصل لخمسون ألف جنيهاً مقابل ثلاث دقائق دعاية لتقييم المطعم بالاتفاق بين الطرفين، فظهر الفتوة الجديد، وأصبح البعض يذهب للمطاعم يطلبون كل ما هو متاح بالقائمة هم وأصدقائهم، وفي حال طلب المطعم منهم دفع الفاتورة يتحول لعدو كاسر له ويشهر بالمطعم وجودته والخامات والخدمة والأسعار نفس نظرية عصر الفتوة "شخلل عشان تعدي" ومؤخراً ظهر العديد من هؤلاء الأشخاص بمقاطع مصورة يبتزون فيها المطعم، فهو لم يكتفى فقط بطاولة طعام له ولأصدقائه، بل يريد التحصل على مجموعة من الوجبات الفاخرة لمنزله ومعاها عدد لا بأس به من النقود، وإلا سوف ينال المطعم من السب والقذف والتهديد ما لا يعد ولا يحصى حتى يغلق المطعم لادعاء التسمم.
ربما كان بعض أصحاب المطاعم لا يحاسبون المشاهير من مجال الفن والكرة مقابل إذاعة جزء من مائدتهم كي يصبح المكان أكثر شهرة، ولكن بعدما أصبح لكل فنان مشروع خاص وغالبا مطاعم وكافيهات فاخرة يعملون من أجلها ويظهرون بها، ظهر بدلاً منهم تلك العينة المنتفعون بالباطل "بلطجية الطعام"، لا يستهدفون تناول طعام مجاني فقط بل هدفهم الأساسي التصوير للمنظرة وتصوير الفاتورة "للفشخرة" وامتلاء حسابهم البنكي أما التذوق ففي مثواه الأخير.
وحقيقة لم أتعاطف مع أصحاب المطاعم فبعضهم يستحق هؤلاء الأشخاص بعد فتح الباب لهم لجذب عدد كبير من الزبائن متناسين بأن العمل بجد وضمير يأتي ثماره بدون الحاجة لهم.