حينما فاز ريال مدريد في بطولة دوري أبطال أوروبا ثلاث مرات وأربع مرات قبل فترة، قال جمهوره إنه قد ختم كرة القدم في أمم أوروبا، حيث لم يتمكن أي منتخب من تحقيق ذلك. في كأس كوبا أمريكا، آخر من حقق ذلك كان في الأعوام 1945، 1946، و1947. أما في آسيا، فقد حققت إيران ذلك في الستينات وأوائل السبعينات، حيث كانت المنتخبات المشاركة في كأس آسيا خمسة أو ستة فقط.
المنتخب الوحيد الذي تمكن من الفوز بالثلاث بطولات القارية وأربعة في العصر الحديث، وبالتحديد في القرن الواحد والعشرين، هو المنتخب المصري، الذي طبق مقولة محمد هنيدي "حانيِّم الصين من المغرب" لكن على إفريقيا!
بداية المشوار!
سنتحدث عن قصص البطولات الثلاث، وسنركز على العموميات، لنبدأ ببطولة 2006 التي استضافتها مصر، حيث كانت هناك ضغوط. أولاً، في عام 2002، تعادلت الكاميرون مع مصر من حيث عدد الألقاب، حيث أصبح لكل منهما أربعة ألقاب. كذلك، كانت هناك ضغوط متزايدة على المنتخب المصري بسبب فشله في التأهل في عام 2002، مما أدى إلى مرور 16 سنة بدون تأهل حتى ذلك الحين. وبالتالي، كانت هناك ضغوط كبيرة للقيام بشيء على الأقل في أمم أفريقيا!
تلك الفترة كانت فترة كرة القدم الأفريقية، التي لم تكن عربية، حيث كانت أسماء النجوم من ساحل العاج والكاميرون هي الأسماء السائدة في الساحة الأوروبية. تم لعب البطولة ما بين يناير وفبراير من عام 2006، وكانت ساحل العاج والكاميرون هما المرشحين الأبرز لتلك البطولة. كما كان المنتخب المصري هو أبرز مرشح عربي بصفته يلعب على أرضه.
وقعت مصر في المجموعة الأولى مع كوت ديفوار، المغرب، وليبيا. استطاعت ليبيا هزيمة كوت ديفوار، وتعادلت مع المغرب، فتصدرت مجموعتها وتأهلت. سريعاً في مرحلة البطولة، كان هناك دور ثمانية غريب جداً بين ساحل العاج والكاميرون، حيث تم لعب ركلات الترجيح وانتهت بفوز ساحل العاج 12-11، وبالتالي تخلصت مصر من أحد المنافسين وهو الكاميرون.
في تلك البطولة، سجل حسام حسن هدفه وأصبح أكبر لاعب عمراً يسجل هدفاً في بطولة أمم أفريقيا في تلك اللحظة. قبل المباراة النهائية، ظهرت بعض الضغوط على ميدو، النجم العالمي الذي يلعب في أوروبا. كانت هناك ضغوط على حسن شحاتة لإدخال ميدو إلى المعسكر، لكنه أصر على أنه لا يحتاج إلى ميدو بجانبه، لأنه كان سيؤثر على أجواء الفريق. لذا، رفض أن يبقى ميدو في المعسكر وطرده قبل يومين من المباراة النهائية.
الفوز الذي رجّ استاد القاهرة في 2006!
في المباراة النهائية مع ساحل العاج، في الدقيقة 96، حصل منتخب مصر على ركلة جزاء أهدرها أحمد حسن، مما جعل الحظ يميل لصالح ساحل العاج. عندما لعبوا ركلات الترجيح، تصدى حسام الحضري لأولى التسديدات. في النهاية، توجت مصر بالبطولة.
مصر حققت إنجازات كبيرة في تلك البطولة، لكن دعونا ننتقل إلى النسخة الأخرى في عام 2008، حيث كان صاحب الأرض منتخب غانا الذي بدأ يتشكل فيه مواهب جديدة. شاركت مصر في غياب ميدو وحسام غالي ومحمد بركات، وكان الفريق في مجموعة تضم الكاميرون والسودان وزامبيا.
في المباراة النهائية مع الكاميرون، انتهى الوقت الأصلي بالتعادل السلبي، واستغل محمد زيدان خطأ المدافع الكاميروني سونغ، وقاتل على الكرة حتى آخر لحظة. كان محمد زيدان قد انتقل من هامبورغ إلى دورتموند، وكان في أوج نجوميته في أوروبا، حيث كان هناك حديث كثير عن أن دورتموند مجرد محطة لفريق أكبر. وضع زيدان الكرة لأبو تريكة الذي لم يخطئ، ليحقق منتخب مصر لقب أمم أفريقيا للمرة الثانية على التوالي.
أبرز النجوم.. وأفضل بديل!
نجوم البطولة كانوا معروفين، فحسام الحضري وأبو تريكة وحسني عبد ربو الذين فاز بأفضل لاعب، بالإضافة إلى عمرو زكي الذي سجل العديد من الأهداف الحاسمة في البطولة. كان محمد زيدان الفارق الحقيقي في النسخة 2008، حيث صنع الهدف في 2008، وأيضًا كان صاحب صناعة هدف الفوز في 2010.
في دور الثمانية، واجهت مصر الكاميرون، وانتهت المباراة بالتعادل 1-1 في الوقت الأصلي، وفي الوقت الإضافي، نزل محمد جدو وسجل هدف الفوز. بعدها، كان نصف النهائي فرصة للتعويض أمام الجزائر، حيث كانت هناك رغبة كبيرة من الجمهور المصري في الفوز. بدأت المباراة بالطريقة التي أرادها المنتخب المصري، حيث حصل المنتخب الجزائري على بطاقة حمراء.
توجهت الأمور لصالح المنتخب المصري، مما ساعده في الوصول إلى المباراة النهائية مع غانا، التي كانت تضم مجموعة من الشباب الموهوبين. كانت مباراة غانا صعبة للغاية على المنتخب المصري، حتى أن مدرب غانا قال إنهم يمكن أن يهزموا مصر بفرصة واحدة. ورغم كل هذه التحديات، استطاعت مصر الفوز بهدف مقابل لا شيء.
جدو سجل هدف اللقب دون أي لقاء، وكان هذا الهدف ربما هو الهدف الوحيد في تاريخ الاحتياطي لبطولة أمم أفريقيا حتى أن الكثير من المصريين حققوا ثروات من استخدام برومو كود MelBet في الرهان على تسجيل جدو لهدفٍ قبل نهاية المباراة. الغريب أن أول هدف له في مسيرته الدولية كان مع منتخب مصر ضد ماني في دبي، وكان أيضًا بدء احتياطي. متوسط تسجيله كان هدفًا كل 35 دقيقة، مما جعله نجم البطولة في تلك اللحظة.
كما كان أحمد فتحي لاعباً يتمتع بروح رياضية عالية، واكتشف البطولة كان جدو. قصص ثلاثة ألقاب سريعة في كأس الأمم الإفريقية، وكل واحدة منها تحمل قصة مختلفة، لكن ميزتها المشتركة أن مصر لم تتلق أي هدف في المباريات النهائية الثلاث. هنا نعرف قيمة عصام الحضري وعبد الله جمعة، وقيمة الروح القتالية والتنظيم وروح الجماعة التي خلقها حسن شحاتة للفريق.
الخلاصة
في الفترة بين 2006 وحتى 2010 كان فريق مصر قادرًا على اللعب في كل بطولة كأنه يلعب في نهائي، كل مباراة كانت تتطلب القتال، وهذا الشيء تحقق أيضًا في كأس القارات، كان المنتخب المصري مجموعة متكاملة، حيث كان كل لاعب مستعدًا للتضحية من أجل زميله. برأيي الشخصي، إنجاز المنتخب المصري لن يتكرر في بطولات أمم أفريقيا، أو حتى مع وجود اليوتيوب!