مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان حيز التنفيذ مع الساعات الأولى من صباح اليوم، توالت ردود الفعل العربية والدولية المرحبة بتلك الخطوة، وكذلك داخل لبنان، حيث بدأ الجيش اللبناني الانتشار في مدينة صور بالجنوب، وتوالت جموع النازحين في العودة إلى منازلهم، وخاصة في قرى النبطية وبلداتها وأنحاء جنوب لبنان رغم التحذيرات الإسرائيلية بعدم عودة النازحين الآن إلى قراهم.
ولما يقرب من 70 يوما كثف العدوان الإسرائيلي غاراته على أنحاء لبنان وخاصة الضاحية الجنوبية، مع محاولة التدخل بريا في جنوب لبنان، قبل أن يتوقف العدوان بقرار وقف إطلاق النار الذي أعلن مساء أمس بعد مفاوضات استمرت لعدة أيام.
اتفاق وقف إطلاق النار
ومع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، بدأت قوات الجيش اللبناني اليوم تنفيذ خطة انتشار واسعة في مدينة صور جنوبي لبنان.
وبدأ النازحون اللبنانيون العودة إلى ديارهم على طريق زفتا – النبطية، حيث توافدت العائلات إلى أنحاء المدن اللبنانية، منها منطقة العرقوب التي شهدت كثافات مرورية، مع عودة العائلات إلى بيوتها، وسط عمل مكثف لتسهيل حركة المرور وفتح الطرق.
وفي النبطية، التي شهدت قصفا إسرائيليا مستمرا وليلة من الغارات قبل بدء وقف إطلاق النار بدقائق استهدفت أنحاء مدينة النبطية وبلدة كفررمان وحبوش، بدأت جموع النازحين في العودة، وسط تحذيرات بعدم ارتياد الحقول تخوفا من انفجار القنابل العنقودية التي ألقتها قوات الاحتلال خلال العدوان.
ورصدت وكالة الأنباء اللبنانية، قوافل النازحين التي بدأت بالعودة منذ الرابعة فجرا، اليوم الأربعاء، إلى النبطية، حيث توافدت القوافل على الطرق من صيدا إلى الزهراني وصعودا نحو النبطية وهي ترفع الأعلام اللبنانية وأعلام المقاومة، رغم ما خلفه العدوان من دمار للأنية والطرق والبنى التحتية وكافة الخدمات والمرافق مثل المياه والكهرباء والطرق.
أكد مفوض الدفاع المدني المركزي بكشافة الرسالة الإسلامية ربيع عيسى، أن فرق الدفاع المدني مع الآليات تجهزت للانتشار بكل المناطق اللبنانية منذ الصباح، لتسهيل العودة الآمنة للمواطنين وتجنب الزحام وضمان وصولهم إلى قراهم بسلام.
وأوضح أنه تم الانتشار في نقاط موزعة على الطرق الرئيسية والفرعية والعمل على فتح الطرقات وإزالة آثار الغارات والدمار، والقيام بجولات بالجنوب والبقاع وبيروت والضاحية الجنوبية وجبل لبنان، لمتابعة حركة سير المركبات خلال عودة المواطنين".
وأضاف أن أولويات العمل تتضمن تأمين إعادة السكن للمواطنين العائدين إلى قراهم، ومساعدتهم على تجهيزها وتجهيز محيطها، إلى جانب الدعم النفسي للأطفال والأهالي خاصة بعد ما شهدوه خلال الشهرين الماضيين، وتقديم الخدمات المختلفة التي هم بحاجة إليها.
وأشار إلى أنه تم الإعلان عن أرقام هواتف في حال وجد المواطنين قذائف غير منفجرة وقنابل عنقودية وألغام، لتقديم المساعدة.
وفي المقابل أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن استمراره في نشر قواته في جنوب لبنان، مؤكداً استعداده لمواجهة أي انتهاك لاتفاق.
ردود فعل دولية على وقف إطلاق النار في لبنان
ونص الاتفاق المبرم لوقف إطلاق النار في لبنان، على انتشار قوات الأمن الرسمية وقوات الجيش اللبناني على طول جميع الحدود ونقاط العبور والخط المحدد للمنطقة الجنوبية كما هو موضح في خطة الانتشار، على أن تنسحب إسرائيل تدريجياً من جنوب الخط الأزرق في فترة تصل إلى 60 يومًا، بينما تعزز الولايات المتحدة مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل ولبنان للوصول إلى حدود برية معترف بها.
وتوالت ردود الفعل العربية والدولية التي أعربت عن ترحيبها بالقرار، حيث أكدت مصر في بيان أصدرته وزارة الخارجية أن ترحيبها بالإعلان عن دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في لبنان اليوم، وأكدت أن هذه الخطوة من شأنها أن تسهم في بدء مرحلة خفض التصعيد بالمنطقة، وذلك من خلال التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 1701 بكافة عناصره وتمكين الجيش اللبناني في الانتشار في جنوب لبنان وبسط سيطرته على كامل الأراضي اللبنانية، وفقا لبيان للخارجية المصرية منذ قليل.
وجددت مصر تأكيدها على الأهمية البالغة لاحترام سيادة لبنان وعدم التدخل في شأنه الداخلي وضرورة العمل علي استكمال باقي مؤسسات الدولة ومن بينها الاستحقاق الرئاسي دون أية إملاءات خارجية وفي ظل الملكية الوطنية اللبنانية والتوافق الداخلي.
كذلك وصفت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان بأنه "بصيص أمل" للمنطقة بأسرها، موضحة أن "هذه الهدنة تمثل نجاحا للدبلوماسية وما يمكن تحقيقه من خلالها".
وأعرب رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو عن ترحيب بلاده بـ"التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان"، فقال: "ترحب كندا باتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان"، مؤكدا ضرورة هذه الخطوة لضمان الاستقرار والأمن في المنطقة، ووجه الشكر للولايات المتحدة وفرنسا على جهودهما في تحقيق الاتفاق.
وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر: "إن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله سيوفر قدرا من الارتياح للمدنيين"، مضيفا أنه يجب رؤية تقدم فوري نحو التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، وإطلاق جميع الرهائن، ورفع القيود عن وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع".
كما رحبت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جانين بلاسخارت فيبيان رسمي بالاتفاق معتبرة أن "ضمان استدامة تنفيذه على المدى الطويل يتطلب الكثير من العمل"، مؤكدة أن "هذا الاتفاق المفصلي يمثل نقطة انطلاق لعملية حاسمة تهدف لضمان سلامة المدنيين على جانبي الخط الأزرق".
وقالت رئيسة وزراء إيطاليا جورجا ميلوني إن بلادها ترحب بإعلان وقف إطلاق نار في لبنان، مضيفة: "أنه كان هدفا عملت الحكومة الإيطالية على تحقيقه منذ فترة طويلة".
وفي إيران، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي إن بلاده "ترحّب بنبأ انتهاء عدوان الكيان الصهيوني على لبنان"، مؤكدا "استمرار الدعم الإيراني الراسخ للبنان حكومة وشعبا ومقاومة".
ورحبت تركيا بتلك الخطوة، فقالت الخارجية التركية إنها تأمل أن يكون هذا الوقف لإطلاق النار دائما وأنه: "ينبغي على المجتمع الدولي الضغط على إسرائيل، للالتزام حرفيا بوقف إطلاق النار، والتعويض عن الأضرار التي ألحقتها بلبنان".
ورحبت قطر، فقالت وزارة الخارجية القطرية في بيان: "ترحب دولة قطر باتفاق وقف إطلاق النار في الجمهورية اللبنانية، وتعرب عن أملها في أن يفضي إلى اتفاق مماثل لوقف الحرب المستمرة على قطاع غزة والاعتداءات الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة".
كما رحبت الرئاسة الفلسطينية، بالاتفاق، قائلة إنها تأمل أن تسهم هذه الخطوة في وقف العنف وعدم الاستقرار اللذين تعانيهما المنطقة جراء السياسات الإسرائيلية التي تقود المنطقة إلى الانفجار الشامل"، مؤكدة "الدعم الفلسطيني الكامل لاستقرار لبنان".