«الفاجومي مات، آخر خبر فى الراديوهات، وفى الكنايس، والجوامع، وفى الحواري، والشوارع، وع القهاوي وع البارات، الفاجومي مات، واتمد حبل الدردشه، والتعليقات، مات المناضل المثال، يا ميت خسارة على الرجال»..
"يا خسارة.. يا خسارة" ظل الرجل يردد كلماته باكيا، وهو يسير في الجنازة التي شيعها المصريون (ظهر الثلاثاء 3 ديسمبر 2013)، شاهدته يومها، الرجل يغالب دموعه ويجري ناحية النعش يلمسه ويضعه فوق إحدى كتفيه، دون أن يكف عن ترديد الكلمة الوحيدة التي عبر بها عن رحيل الشاعر أحمد فؤاد نجم، "يا خسارة"، كل يوم تودعي حد من عيالك المخلصين يا مصر.
حزن ذلك المصري المفجوع برحيل الفاجومي لا يقل عن حزن باقي المصريين الذين حولوا مواقع التواصل الاجتماعي (يومها) إلى سرادق عزاء في وداع "نجم"..
"أنا فلاح مصرى، ومواطن عربى منتهك الأرض والعرض مكبل ومطارد.. أنا حفيد الفلاح الفصيح.. فلاح مصرى فاهم كل حاجة ولا أستطيع أن أبلع لسانى"..
نجم ، "آخر الصعاليك المحترمين"، أحد أبرز شعراء العامية على الإطلاق في النصف الثاني من القرن العشرين، الذي مثل أحد أهم الظواهر الشعرية السياسية المصرية، وأحد أبرز اليساريين المناضلين الذين دفعوا أثمانًا من أعمارهم خلف القضبان من أجل التعبير عن الروح النضالية لهذا البلد، مازجًا هموم الطبقة العاملة بالسخرية والحقيقة المرة للقهر.
لم ينفصل نجم يوما، الذي عرف بلقب "الفاجومي" عن هموم الشعب المصري، و"تقديراً لمساهماته وأشعاره باللهجة العامية المصرية التي ألهمت ثلاثة أجيال من المصريين والعرب، فقد تميزت قصائده بحس نقدي ساخر وبتأكيدها على الحرية والعدالة الاجتماعية"، فقد نال جائزة الأمير "كلاوس الهولندية" قبل شهرين من وفاته، لكن القدر لم يمهله حتى تسلم الجائزة التي كان مقررا لها العاشر من ديسمبر 2013.
كانت آخر كلمات نجم التي ألقاها عقب إحياء أمسية شعرية بالعاصمة الأردنية عمان أنه يرى ما حدث في 30 يونيو موجه ثالثة للثورة، وأن مصر "مامتتش".
وبالرغم من سنوات عمره التى عمرت 84 عاما، إلا أن نجم كما قال في إحدى مقابلاته "يكتب كابن 25 عاما ويشرب كابن 25 عاما، ويسعد امرأة كابن 25 أيضًا"..!