امتلك شخصية أدبية اجتمعت فيها القوة المستمدة من نبض الشارع، قادرة على التعبير عن هوية الشعب بجمال اللغة العامية المصرية، وذاع صيته في بلاد الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، إنه «الفاجومي المصري» الشاعر أحمد فؤاد نجم، الذي رأى وآمن أن العامية أهم شعر عند المصريين؛ لأنهم شعب متكلم فصيح، وأن العامية المصرية أكبر من أن تكون لهجة، أو لغة، فهي في فلسفته الخاصة أهم إنجاز حضاري للشعب المصري.
من رحم القرية المصرية
وُلد الشاعر أحمد فؤاد نجم 22 مايو 1922م في قرية كفر أبو نجم، بمدينة أبو حماد بالشرقية، والتحق كعادة أبناء القرية، بالكتاب ليتعلم القراءة والكتابة، وظهرت موهبة «نجم» من فرط المعاناة، بداية من طفولته، وفي مظاهر مقاومته للظلم مرات ومرات، حيث توفي والده وهو طفلا ما أجبره إلى انتقاله إلى بيت خاله حسين بالزقازيق، وبعدها أودع بملجأ أيتام 1936م والذي التقى فيه بالفنان عبد الحليم حافظ، ليخرج منه عام 1945م، وعمره 17 عاما، ثم عاد بعد ذلك لقريته للعمل راعيًا للماشية، ثم انتقل للقاهرة عند شقيقه؛ إلا أنه طرده بعد ذلك ليعود إلى قريته.
الانطلاقة الحقيقية
وكانت انطلاقة أحمد فؤاد نجم الحقيقية بعد لقائه بالملحن والمطرب المصري الشيخ إمام، في عام 1962م، وشكل الاثنان معًا ثنائيًا فنيًا ناجحًا، ع وكان أول تعاون بينهما كان في أغنية «أنا أتوب عن حبك أنا»، لتتوالى بعد ذلك أعمالهما الغنائية، وأكسبهما هذا التشارك شهرة واسعة، وخصصت الإذاعة المصر في ذاك الوقت لهما برنامجًا بعنوان «مع ألحان الشيخ إمام» كانا يقدمان فيه أغانيهما المشتركة.
قصائد ودوواين الفاجومي
قدم أحمد فؤاد نجم، الكثير من القصائد تعبر عن الهوية المصرية وقوة الشعب المصري في مواجهة الاحتلال.. ومنها يعيش أهل بلدي، شيد قصورك، جائزة نوبل، الأخلاق، الخواجة الأمريكاني، استغماية، الأقوال المأسورة، هما مين واحنا مين، الكلمات المتقاطعة، نيكسون جاء، بابلو نيرودا، شقع بقع، الثوري النوري، الندالة، أبجد هوز «سايجون»، بقرة حاحا، العيسوي بيه، تخيل لي الأماني أن حظى، القلعة، بحبك يامصر، مصر يا ما يا بهية، حسبة برما.
وأصدر «الفاجومي» العديد من الدواوين الشعرية، منها: «اصحي يا مصر»، «عيون الكلام» 1976، «أغنيات الحب والحياة»1983، «بيان هام»1985، «كلام على سفر»1989، «نوارة» 1996، «عجايب» ، «كلام جرايد» ، «الفاجوميات» وغيرها، وكتب الفاجومي سيرة ذاتية ، وصدرت له الأعمال الكاملة 2005، وكتاب يضم مقالاته بعنوان ياأهلي ياحبي ياحتة من قلبي، كما ألف مسرحية«عجايب» 2013.
ولم يتوان الشاعر أحمد فؤاد نجم يومًا عن نصرة القضية الفلسطينية، و ظهر ذلك، جليًا في قصائده التي كتبها عن فلسطين الأرض، مثل: «يا فلسطينية، وتل الزعتر»، وغير ذلك.
يعتبر أحمد فؤاد نجم شاعرًا متدفق الموهبة؛ فقد ألف العديد من الأغاني، والتي كانت تعبر جميعها عن رفضه للظلم، وحبه الفياض لمصر، ومن بين من غنوا أغانيه: الموسيقي السوري بشار زرقان؛ الذي ربطته به علاقة عمل استمرت لسنوات، حيث سجلا معاً ألبوم «على البال»، وآخر أعماله قبل وفاته كانت عام 1999م تمثلت بخمس أغان من أشعاره ضمن ألبوم غنائي بعنوان: «الأرض» عناوينها: الأرض، السلام، آدم، إيزيس، البنت زوزا، وأغنية لم نولد؛ للشاعر أمل دنقل، وأغنية يا صديقي للشاعر إبراهيم عبد الفتاح، والألبوم من ألحان وغناء الفنان الأردني نايف الزعبي.
جوائز عالمية وأوسمة
اختير أحمد فؤاد نجم من قبل المجموعة العربية في صندوق مكافحة الفقر التابع للأمم المتحدة سفيرا للفقراء في عام 2007 م، فاز بجائزة الأمير كلاوس الهولنديةعام 2013 م، وهي من أرقى الجوائز في العالم ولكن رحل عن عالمنا قبل استلامها ببضعة أيام، وفي العام نفسه 2013 في 19 ديسمبر مُنِح وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، من الدولة المصرية كما حصل على المركز الأول في استفتاء وكالة أنباء الشعر العربي.
«الفاجومي».. في السينما المصرية
وتقام العديد من المسابقات لشعر العامية باسم الشاعر أحمد فؤاد نجم، وبعد ثورة 25 يناير لعام 2011 أنتج فيلم يحكي سيرته واسمه «الفاجومي»، وهو مأخوذ من مذكراته الشخصية للمخرج عصام الشماع، ومن بطولة الممثل خالد الصاوي الذي قدّم شخصية «نجم»، وشارك بالبطولة نخبة من الفنانين منهم.. صلاح عبد الله، جيهان فاضل، كندة علوش، فرح يوسف، محمود قابيل، محمود مسعود ، زكي فطين عبد الوهاب، ياسر علي ماهر، أشرف طلبة، ماهر سليم، ليلى جمال، أحمد منير.
رحيل وأثر باق
رحل الشاعر أحمد فؤاد نجم عن عالمنا عن عمرٍ ناهز 84 عامًا، 3 ديسمبر 2013م، و صادف ذلك عودته من العاصمة الأردنية عمان، التي قدم فيها آخر أمسياته الشعرية، و كانت بمناسبة ذكرى اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، ورحل«الفاجومي» عن عالمنا لكن سيظل حاضرا باقيا بكلماته وأثره وجزء من هوية الشعر المصري في العصر الحديث، وخاصة شعر العامية المصري، ومتربعًا على عرشه بين رواده وقراءه.