تتمسك المعارضة الكورية الجنوبية بعزل رئيس البلاد يون سيوك يول على خلفية قرار فرض الأحكام العرفية، الذي جعله مرمى للانتقاد حتى من قبل حزبه، الذي طالبه بالاستقالة المبكرة، رغم أنه سيحاول الحيلولة دون تمرير مقترح العزل، إلا أن الكفة في الأخير تميل لصالح الجانب الآخر.
عزل الرئيس
بدأ البرلمان الكوري الجنوبي، اليوم السبت، الجلسة العامة الخاصة بالتصويت على مقترح عزل رئيس يون سيوك يول؛ بسبب إعلانه المفاجئ للأحكام العرفية ثم رفعها لاحقًا، مما تسبب في إثارة حالة من الاضطراب السياسي في البلاد.
وقد تقدم بهذا المقترح الحزب الديمقراطي المعارض الرئيسي، وخمسة أحزاب معارضة أخرى، على أساس أن إعلان الرئيس "يون" للأحكام العرفية يمثل انتهاكًا للدستور وقوانين أخرى، على حد وصفهم.
وقبيل الجسلة حاول "يون" استمالة الجماهير الغاضبة بالاعتذار عن الخطوة التي أقدم عليها، والتي كان من شأنها أن تقوض الحياة السياسية في البلاد، متعهدًا بعدم القيام بمحاولة أخرى لفرض الأحكام العرفية.
ويتطلب تمرير مقترح عزل الرئيس موافقة ثلثي الأعضاء في الجمعية الوطنية، مما يعني أن المعارضة تحتاج إلى ثمانية أصوات من حزب سلطة الشعب الحاكم لتمرير الاقتراح.
وبحسب التشريعات في البلاد، يجب أن يتم التصويت على مقترح العزل بين 24 و72 ساعة من تقديمه إلى الجلسة العامة، وفي حال تم تمرير ذلك المقترح في التصويت البرلماني، فإن المحكمة الدستورية ستقرر ما إذا كان سيتم إعادة "يون" إلى منصبه أو عزله.
وفي حال تأييد قرار العزل من قبل المحكمة، سيكون "يون" ثاني رئيس في تاريخ كوريا الجنوبية يعزله البرلمان بعد الرئيسة السابقة بارك كون هيه في 2017.
ونأى الحزب الحاكم بنفسه عن دعم "الرئيس"، حيث دعا زعيمه إلى تعليق فوري لمهام الرئيس يون، لكنه قرر في وقت لاحق الحفاظ على موقفه المتمثل في منع تمرير مقترح العزل.
وقال هان دونج هون، رئيس حزب سلطة الشعب، إن الاستقالة المبكرة أصبحت حتمية بالنسبة للرئيس، موضحًا أنه لم يعد في وضع يمكنه من أداء مهامه بشكل فعال.
ومن جهته، يقول الحزب الديمقراطي، إن عزل "يون" ليس موضوعًا للصراع السياسي بين الحزب الحاكم والمعارضة، بل هو قضية تتعلق بأمن 52 مليون مواطن ومستقبل كوريا الجنوبية، ويجب إنهاء هذه الأزمة الوطنية التي تسبب بها "يون" في أسرع وقت ممكن.
وبدوره، أكد لي جيه ميونج، رئيس الحزب الديمقراطي، أنه لا خيارات سوى استقالة الرئيس على الفور أو عزله، مشيرًا في السياق ذاته، إلى أنه سيبذل قصارى جهده في هذا الصدد.
وبشأن اعتذار "الرئيس"، أوضح "لي" أن تصريحات "يون" كانت أقل بكثير من توقعات الشعب، وأثارت المزيد من الشعور بالخيانة والغضب بين المواطنين.
فرض الأحكام العرفية
ودخلت كوريا الجنوبية في خضم أزمة سياسية بشكل متسارع للغاية، وذلك عقب إعلان الرئيس "يون"، الثلاثاء، فرض "الأحكام العرفية" في عموم البلاد، إثر اتهامه المعارضة بالتورط في أنشطة مناهضة للدولة.
وبرر الرئيس الكوري تلك الخطوة، بأنها تستهدف القضاء على القوات الموالية لكوريا الشمالية، والحفاظ على الحرية والنظام الدستوري، لكن هناك من ربطها برفض الحزب الديمقراطي المعارض مشروع قانون الميزانية في البرلمان.
أما كتلة المعارضة بالبلاد ذكرت أن القرار الرئاسي بإعلان الأحكام العرفية، يأتي في سياق حماية السيدة الأولى كيم كيون هي، من تحقيق تخضع له، في إشارة إلى تهمة قبول حقيبة "كريستيان ديور" بقيمة 2200 دولار هدية، وهو انتهاك محتمل لقانون مكافحة الفساد في كوريا الجنوبية.
وعلى إثر ذلك، عقد برلمان كوريا الجنوبية، الثلاثاء، جلسة للمطالبة برفع الأحكام العرفية، وهو ما تم بالفعل، خلال الجلسة التي حضرها 190 عضوًا من أصل 300.
وذكر البرلمان أن الأحكام العرفية المعلنة في البلاد أصبحت "لاغية" بعد التصويت، وتباعًا غادر بشكل كامل جميع الجنود الذين كانوا قد دخلوا إلى المبنى الرئيسي للبرلمان، عقب إصدار القرار الرئاسي المشار إليه.
وفي غضون ذلك، قرر الرئيس "يون"،الأربعاء الماضي، رفع الأحكام العرفية بعد التصويت البرلمان، وعلى إثر ذلك جرى سحب كافة القوات التي تم حشدها لتطبيق الأحكام العرفية.
وبعد أن رضخ الرئيس "يون" لقرار السلطة التشريعية المتمثلة في "البرلمان" ورفع الأحكام العرفية، التي سبق أن أقرها، وجد نفسه أمام أصوات من كل ناحيه تطالبه بالتنحي قبل أن يعزل.