يسعى الحزب الحاكم في كوريا الجنوبية بعد أن أفشل مقترح عزل الرئيس على وقع فرضه الأحكام العرفية، إلى تنفيذ رحيل مبكر له، وحتى يأتي ذلك الحين، لن ينخرط في إدارة شؤون الدولة، حيث ستؤول تلك الصلاحيات إلى يدي رئيس الوزراء، في خطوة وصفت بأنها "غير دستورية" من قبل المعارضة، مما يعني زيادة حدة الانقسام السياسي في المجتمع الداخلي.
إجراء "غير دستوري"
وأكد حزب سلطة الشعب الحاكم، أن الرئيس يون سوك يول، لن ينخرط في إدارة شؤون الدولة، بما في ذلك الدبلوماسية، حتى قبل رحيله عن السلطة، وسيقود رئيس الوزراء شؤون الدولة حتى رحيل "يون" المبكر والمنظم.
وقال هان دونج هون، زعيم حزب سلطة الشعب الحاكم، اليوم الأحد، إنه من خلال الرحيل المبكر المنظم للرئيس، سنعمل على تسوية الوضع السياسي بشكل مستقر، ودعم الديمقراطية الحرة مع تقليل الفوضى في البلد وبين صفوف المواطنين.
وجاءت هذه التصريحات في خطاب عام مشترك ألقاه في مقر الحزب في العاصمة "سول" مع رئيس الوزراء هان دوك سو، بحسب ما أفادت به وكالة الأنباء "يونهاب".
وشدد زعيم الحزب الحاكم، على أن "الرئيس" لن ينخرط في إدارة شؤون الدولة، بما في ذلك الدبلوماسية، حتى قبل رحيله عن السلطة، متعهدًا بضمان إجراء تحقيق صارم وشفاف في الاضطرابات السياسية الحالية، وعقد محادثات منتظمة مع رئيس الوزراء لمنع الفراغ المحتمل في إدارة شؤون الدولة.
ومن جهته، شدد رئيس الوزراء، هان دوك سو، على أهمية تجنب حدوث أي فراغ في إدارة شؤون الدولة، متعهدًا بأن تبذل الحكومة قصارى جهدها لمعالجة الوضع الحالي بسرعة، مع التركيز فقط على الشعب واتباع إرادته.
وأردف قائلًا: "أنا وجميع أعضاء مجلس الوزراء، بالإضافة إلى مسؤولي المؤسسات الحكومية سنضع إرادة الشعب في المقام الأول، وسنعمل مع الحزب الحاكم للتصرف بحكمة من أجل ضمان إدارة جميع وظائف الدولة بشكل مستقر وسلس".
وفي غضون ذلك، دعا الحزب الديمقراطي المعارض الرئيسي، اليوم الأحد، إلى اعتقال الرئيس يون سيوك يول فورًا والتحقيق معه بشأن إعلانه للأحكام العرفية لفترة وجيزة الأسبوع الماضي، مؤكدًا رفضه بشكل قاطع خطة الحزب الحاكم التي ترمي لجعل رئيس الوزراء يقود شؤون الدولة.
وأكد كيم مين سوك، النائب عن الحزب الديمقراطي، أن تعليق مهام "يون" الرئاسية هو الأمر الوحيد الذي يتفق مع الدستور، في حين أن أي تدابير أخرى غير دستورية ولا تتجاوز كونها نوعًا آخر من أعمال التمرد.
وتابع كيم: "على الرغم من هذا الإجماع بين يون ورئيس الوزراء وزعيم الحزب الحاكم، فإن مثل هذه الطريقة غير الدستورية في الحكم لا يمكن القبول بها حتى ولو لدقيقة واحدة"، مضيفًا أن "تمرد يون يؤدي الآن إلى تمرد آخر من قبل هان دونج هون وهان دوك سو والنيابة العامة".
وعلى وقع ذلك، أكد وو وون شيك، رئيس الجمعية الوطنية "البرلمان"، على أن قيام رئيس الوزراء والحزب الحاكم بممارسة السلطة الرئاسية بشكل مشترك سيكون انتهاكًا صارخًا للدستور.
واقترح البرلمان إجراء محادثات بين الحزب الحاكم والحزب المعارض الرئيسي لمناقشة التعليق الفوري لسلطات الرئيس "يون" وحل الفوضى التي أثارها فرض الأحكام العرفية لفترة وجيزة الأسبوع الماضي.
أزمة الأحكام العرفية
ودخلت كوريا الجنوبية في خضم أزمة سياسية بشكل متسارع للغاية، وذلك عقب إعلان الرئيس "يون"، الثلاثاء، فرض "الأحكام العرفية" في عموم البلاد، إثر اتهامه المعارضة بالتورط في أنشطة مناهضة للدولة.
وبرر الرئيس الكوري تلك الخطوة، بأنها تستهدف القضاء على القوات الموالية لكوريا الشمالية، والحفاظ على الحرية والنظام الدستوري، لكن هناك من ربطها برفض الحزب الديمقراطي المعارض مشروع قانون الميزانية في البرلمان.
أما كتلة المعارضة بالبلاد ذكرت أن القرار الرئاسي بإعلان الأحكام العرفية، يأتي في سياق حماية السيدة الأولى كيم كيون هي، من تحقيق تخضع له، في إشارة إلى تهمة قبول حقيبة "كريستيان ديور" بقيمة 2200 دولار هدية، وهو انتهاك محتمل لقانون مكافحة الفساد في كوريا الجنوبية.
وعلى إثر ذلك، عقد برلمان كوريا الجنوبية، الثلاثاء، جلسة للمطالبة برفع الأحكام العرفية، وهو ما تم بالفعل، خلال الجلسة التي حضرها 190 عضوًا من أصل 300.
وذكر البرلمان أن الأحكام العرفية المعلنة في البلاد أصبحت "لاغية" بعد التصويت، وتباعًا غادر بشكل كامل جميع الجنود الذين كانوا قد دخلوا إلى المبنى الرئيسي للبرلمان، عقب إصدار القرار الرئاسي المشار إليه.
وفي غضون ذلك، قرر الرئيس "يون"،الأربعاء الماضي، رفع الأحكام العرفية بعد التصويت البرلمان، وعلى إثر ذلك جرى سحب كافة القوات التي تم حشدها لتطبيق الأحكام العرفية.
وبعد أن رضخ الرئيس "يون" لقرار السلطة التشريعية المتمثلة في "البرلمان" ورفع الأحكام العرفية، التي سبق أن أقرها، وجد نفسه أمام أصوات من كل ناحيه تطالبه بالتنحي قبل أن يعزل.
وبالفعل، بدأ البرلمان الكوري الجنوبي، أمس السبت، الجلسة العامة الخاصة بالتصويت على مقترح عزل رئيس، غير أن النصاب القانوني لم يكتمل بعد أن تخلف جميع نواب حزب سلطة الشعب الحاكم عن الحضور، باستثناء ثلاثة نواب، في حين أدلى جميع نواب المعارضة البالغ عددهم 192 نائبا بأصواتهم.