تُعد قصيدة «دَنا البَينُ مِن أَروى فَزالَت حُمولُها» للشاعر الأخطل، إحدى أهم القصائد التي عرفها تاريخ الشعر العربي، حيث وصف بأنه مَصقول الألفاظ، حسَنَ الدِّيباجة، وفي شعره إبداع، وظلَّ شعره إلى اليوم مصدرَ إلهام للشعراء والأدباء.
يُعَد «الأخطل» من أبرز شُعراء العصر الاموي، وقد مدح خلفاء بني أمية بدمشق في الشام، وأكثر في مدحهم، وأحدُ الثلاثة المتَّفق على أنهم أشعرُ أهل عصرهم: جرير والفرزدق والأخطل.
وتعتبر قصيدته «دَنا البَينُ مِن أَروى فَزالَت حُمولُها» من أبرز ما قيل في الشعر العربي، ومن أشهر القصائد، وتحتوي على 30بيتًا، علاوة على تميز أسلوب وقصائد الأخطل التي تدور حول نفسه ومدح الملوك، ظهرت موهبتُه الشعرية مبكِّرًا.
نص قصيدة «الخيل والليل والبيداءُ تعرفني»:
دَنا البَينُ مِن أَروى فَزالَت حُمولُها
لِتَشغَلَ أَروى عَن هَواها شُغولُها
وَما خِفتُ مِنها البَينَ حَتّى تَزَعزَعَت
هَماليجُها وَاِزوَرَّ عَنّي دَليلُها
وَأُقسِمُ ما تَنآكَ إِلّا تَخَيَّلَت
عَلى عاشِقٍ جِنّانُ أَرضٍ وَغولُها
تَرى النَفسُ أَروى جَنَّةً حيلَ دونَها
فَيا لَكِ نَفساً لا يُصابُ غَليلُها
وَكَم بَخِلَت أَروى بِما لا يُضيرُها
وَكَم قَتَلَت لَو كانَ يودى قَتيلُها
وَباعَدَ أَروى بَعدَ يَومَي تَعِلَّةٍ
خَبيبُ مَطايا مالِكٍ وَذَميلُها
تَواصَوا وَقالوا زَعزِعوهُنَّ بَعدَما
جَرى الماءُ مِنها وَاِرفَأَنَّ جَفولُها
إِذا هَبَطوا مَجهولَةً عَسَفَت بِها
مُعَرَّقَةٌ لَأَلحي ظِماءٌ خَصيلُها
فَإِن تَكُ قَد شَطَّت نَواها فَرُبَّما
سَقَتنا دُجاها ديمَةٌ وَقَبولُها
لَها مَربَعٌ بِالثَنيِ ثِنيِ مُخاشِنٍ
وَمَنزِلَةٌ لَم يَبقَ إِلّا طُلولُها
طَفَت في الضُحى أَحداجُ أَروى كَأَنَّها
قُرىً مِن جُواثى مُحزَئِلٌّ نَخيلُها
لَدُن غُدوَةً حَتّى إِذا ما تَيَقَّظَت
هَواجِرُ مِن شَعبانَ حامٍ أَصيلُها
فَما بَلَّغَتها الجُردُ حَتّى تَحَسَّرَت
وَلا العيسُ حَتّى اِنضَمَّ مِنها ثَميلُها
لَعَمري لَئِن أَبصَرتُ قَصدي لَرُبَّما
دَعاني إِلى البيضِ المِراضِ دَليلُها
وَوَحشٍ أَرانيها الصِبا فَاِقتَنَصتُها
وَكَأسِ سُلافٍ باكَرَتني شَمولُها
فَما لَبَّثَتني أَن حَنَتني كَما تَرى
قِصيراتُ أَيّامِ الفَتى وَطَويلُها
وَما يَزدَهيني في الأُمورِ أَخَفُّها
وَما أَضلَعَتني يَومَ نابَ ثَقيلُها
وَلَكِن جَليلُ الرَأيِ في كُلِّ مَوطِنٍ
وَأَكرَمُ أَخلاقِ الرِجالِ جَليلُها
إِذا الشُعَراءُ أَبصَرَتني تَثَعلَبَت
مَقاحيمُها وَاِزوَرَّ عَنّي فُحولُها
وَمُعتَرِضٍ لَو كُنتُ أَزمَعتُ شَتمَهُ
إِذاً لَكَفَتهُ كِلمَةٌ لَو أَقولُها
قَريبَةُ تَهجوني وَعَوفُ بنُ مالِكٍ
وَزَيدُ بنُ عَمروٍ غِرُّها وَكُهولُها
أَلا إِنَّ زَيدَ اللاتِ لا يَستَجيرُها
كَريمٌ وَلا يوفي قَتيلاً قَبيلُها
مَعازيلُ حَلّالونَ بِالغَيبِ لا تَرى
غَريبَتَهُم إِلّا لَئيماً حَليلُها
أَمَعشَرَ كَلبٍ لا تَكونوا كَأَنَّكُم
بِعَمياءَ مَسدودٍ عَلَيكُم سَبيلُها
فَما الحَقُّ أَلّا تُنصِفوا مَن قَتَلتُمُ
وَيودى لِعَوفٍ وَالعُقابِ قَتيلُها
وَلا تُنشِدونا مِن أَخيكُم ذَمامَةً
وَيُسلِمُ أَصداءَ العَويرِ كَفيلُها
أَحاديثُ سَدّاها اِبنُ حَدراءَ فَرقَدٌ
وَرَمّازَةٌ مالَت لِمَن يَستَميلُها
إِذا نِمتَ عَن أَعراضِ تَغلِبَ لَم تَنَم
أَبا مالِكٍ أَضغانُها وَذُحولُها
فَلا تُسقِطَنكُم بَعدَها آلَ مالِكٍ
شِرارُ أَحاديثِ الرِجالِ وَقيلُها
جَزى اللَهُ خَيراً مِن صَديقٍ وَإِخوَةٍ
بِما عَمِلَت تَيمٌ وَأوتِيَ سولُ