نجيب محفوظ، لم يكن فقط أديب نوبل بل كان صاحب رؤية مستقبلية، تميزت مؤلفاته بالبساطة والسلاسة التي جعلت الشباب يقرأونها حتى وقتنا هذا، في ظل عصر ملئ بالتكنولوجيا والسرعة، التي فرضت نفسها على حياة العديد، ورُغم ذلك ظلت رواياته راسخة حتى اليوم كأنها صدرت أمس.
كما عرف ذلك الجيل بتعلقه وحبه للقراءة في وسط تلك الموجة التكنولوجيا التي أصبحت شغل الجميع، وجمدت العديد من العقول عن التفكير والخيال، ورُغم ذلك ظل الشباب يحاربون تلك التكنولوجيا ويقرأون لمحفوظ وغيره من كبار الكتاب مما يتيح لهم فرصة ترك عنان خيالهم وتوسيع أفق تفكيرهم، وزيادة ثقافتهم.
وكأن محفوظ كان شاعرًا بما سيحدث الأن وما سيمر به ذلك الجيل والعصر من عاصفة التكنولوجيا، ترك أعمالًا تميزت بلغتها القريية من الجمهور القراء، باستخدام فلسفيته الطبيعية، والحارة الشعبية، والأسلوب البسيط الفكاهي الساخر والمشوق الذي يدفعك لتكمله مؤلفاته رغما عنك، فهو النجيب صاحب الأفاق الواسعة نجيب محفوظ التي تحل اليوم ذكرى ميلاده.
العوامل التي أثرت على أدب نجيب محفوظ
يوجد العديد من العوامل التي أثرت على نجيب محفوظ والتي جعلت العديد من الشباب مازالوا متعلقين بكتاباته وأدبه البعيد عن الرتابة والملل، فمن تلك العوامل:
البيئة الاجتماعية والسياسية
نشأ محفوظ في حي الجمالية بالقاهرة القديمة، ما منحه وعيًا عميقًا بالحياة الشعبية المصرية وطبقاتها الاجتماعية المختلفة.
تأثر بالأحداث السياسية الكبرى مثل ثورة 1919، والحرب العالمية الثانية، وثورة يوليو 1952، مما أثر في تناوله لقضايا السلطة والتحولات الاجتماعية.
الواقع المصري وتغيراته
صور محفوظ التحولات الاجتماعية والاقتصادية في مصر، خاصة انتقال المجتمع من الإقطاعية إلى الاشتراكية وما صاحب ذلك من تغيرات ثقافية.
الحارات المصرية
جسّدها محفوظ في رواياته، مثل "بين القصرين" و"زقاق المدق"، أصبحت رموزًا محفوظة في التراث الأدبي.
الثقافة والتعليم
دراسته للفلسفة في جامعة القاهرة أثرت في عمق رؤيته للأمور وفلسفة الحياة والموت التي تظهر في أعماله مثل أولاد حارتنا وثرثرة فوق النيل.
اطلاعه على الأدب الغربي والعالمي.
اطلع على كثير من الأعمال مثل دوستويفسكي وتولستوي وكافكا، مما ساعده على تطوير أسلوبه الروائي ومزج الطابع المصري بالعالمية.
التراث الديني والأسطوري
تأثره بالثقافة الدينية الإسلامية والمسيحية وكذلك الأساطير الشعبية، وهو ما يتجلى في روايات مثل أولاد حارتنا التي تحمل أبعادًا رمزية ودينية عميقة.
الفن والسينما
اهتمامه الكبير بالسينما ساعد في صياغة أعماله بأسلوب بصري وسينمائي جعلها مناسبة للاقتباس الفني.
القيم الإنسانية
عالج محفوظ قضايا تتجاوز الحدود المصرية، مثل الحب، الظلم، الحرية، والصراع بين الخير والشر.