"الحرية هي ذلك التاج الذي يضعه الإنسان على رأسه ليصبح جديراً بإنسانيته"، تلك المقولة عبر بها نجيب محفوظ عن إنسانيته ومحاولاته للدفاع عن حق الإنسان في الحرية والرفاهية بعيدًا عن الفقر والاحتياج والاحتلال، حيث كان مؤمنًا بأن الأدب هو خير وسيلة للتعبير عن التسامح والمحبة.
ظهر ذلك جليا في ثلاثيته بين القصرين وقصر الشوق والسكرية، وبداية ونهاية، وخان الخليلي، وغيرهم، فكان صاحب موسوعة أدبية ذاخرة بتناوله معظم القضايا المهمة، من خلال اهتمامه بالحق والإنسانية، وفي ذكرى ميلاد أديب نوبل العالمي الذي تحل اليوم ، كيف ناقش وجسد نجيب محفوظ في رواياته دفاعه بقلمه عن حقوق الإنسان؟!.
بين القصرين
بين القصرين هي الجزء الأول من ثلاثية نجيب محفوظ الشهيرة، حيث تدور أحداثها حول أسرة تعيش في حي شعبي من أحياء القاهرة في فترة ما قبل وأثناء ثورة 1919، تتكون من والد ذو شخصية قوية هو السيد أحمد عبد الجواد "سي السيد"، وزوجته أمينه، وأبنائه ياسين وفهمي وكمال إضافة إلى ابنتيه خديجة وعائشة.
وتلقي الرواية أجوائها على ما كان يدور في مصر من وقوعها تحت وطأه الاستعمار الإنجليزي، ودفاع الابن فهمي عن الوطن والحرية والحق في حياة هانئة بعيده عن الظلم والاحتلال وعن أمينه الزوجة المسلوب حقها في التعبير عن حقوقها بسبب زوجها المتسلط.
قصر الشوق
قصر الشوق هي الجزء الثاني من الثلاثية، وكانت سببًا في حصول محفوظ علي جائزة نوبل في الأدب عام 1988، وسُمِّيت الرواية نسبة إلى منطقة قديمة في حي الجمالية «قصر الشوق».
وتسرد الراوية حياة أسرة السيد أحمد عبد الجواد في منطقة الحسين بعد وفاة نجله فهمي في أحداث ثورة 1919، ويكبر الابن الأصغر كمال ويرفض أن يدخل كلية الحقوق مفضلا المعلمين لشغفه وحبه بالآداب والعلوم والفلسفة، ويشعر بالحزن لفقدانه لحلمه وأمله بالالتحاق بالكلية التي يريدها، رغم هدوء والده عما كان من قبل بعد وفاه نجله فهمي.
السكرية
أما السكرية هي الجزء الأخير من الثلاثية، وتبدأ الرواية بطلبٍ من «جميل الحمزاوي»، وهو مساعد السيد أحمد عبد الجواد في إدارة دُكَّانه، بخطبة ابنه «فؤاد الحمزاوي» لابنة عائشة «نعيمة»، ويتكبَّر السيد على هذا الطلب في أول الأمر بسبب الفرق بين منزلة أسرة التاجر وأسرة العامل.
ويظهر محفوظ في تلك الثلاثية التفرقة الطبقية التي أظهرها السيد وابنته وتنضمُّ له «خديجة» ولكن يفاجأوا بأن «فؤاد الحمزاوي» ارتقى في السُلَّم الوظيفي والاجتماعي حتى أصبح أعظم شأنًا منهم جميعًا، بل إنه يظهر علامات للتكبر حينما يزور السيد ويتغاضى تمامًا عن ذكر الزواج من «نعيمة».
بداية ونهاية
تُعد تلك الرواية ذات طابع تراجيدي، تجسد صعوبات الحياة وعلاقات الأفراد، وتدور أحداثها عن أسرة فقيرة تتكون من الأم وأبنائها الأربعة، ليس لهم دخل مادي سوى راتب الأب المتوفي.
وتتصاعد أحداث الرواية، تضحي الأم من أجل تربية أبنائها، ويعمل الأشقاء في اتجاهات مختلفة ويتجهوا نحو الهاوية إلا ولد واحد وهو حسين أمل الأسرة الوحيد الذي التحق بالحربية، حيث تسلط الرواية الضوء على حق الإنسان في الرفاهية والسعادة، والخسائر الذي يخلفها الفقر من العناء والقهر.