رمز من رموز الأدب العربي، أديب لبناني، ومؤرخ عظيم، ومؤسس دار الهلال العريقة، إنه الأديب اللبناني الكبير جرجي زيدان.
ولد جرجي زيدان في بيروت، لبنان في 14 ديسمبر عام 1861، في أسرة مسيحية متواضعة، يُعتقد أنّ أصولها تعود إلى حوران في سوريا.
أظهر جرجي شغفًا بالتعلم، التحق بمدرسة "الشوام" حيث أتقن اللغة الفرنسية، عمل في مطعم والده لفترة، ثم توجه لتعلم صناعة الأحذية، قبل أن يتركها لعدم رغبته فيها.
كان لرواد مطعم أبيه من المثقفين والأدباء تأثير كبير عليه، من أبرزهم: إبراهيم اليازجي، يعقوب صروف، فارس نمر، سليم البستاني.
التحق زيدان بالكلية البروتستانتية (الجامعة الأمريكية لاحقًا) ونجح في اختبارات القبول لكلية الطب، لكنه بعد عام من الدراسة، ترك الطب واتجه لدراسة الصيدلة.
بعد فترة وجيزة من دراسته للصيدلة في بيروت، قرر الهجرة إلى مصر، حيث اقترض ستة جنيهات من أحد جيرانه والتحق بكلية الطب هناك، لكن ظروفه المادية دفعته للبحث عن عمل.
وجد ضالته في جريدة "الزمان"، كانت الجريدة الوحيدة المتاحة في مصر بعد أن أوقف الاستعمار الإنجليزي نشاط الصحافة.
انتقل للعمل كمترجم في مكتب المخابرات البريطانية بالقاهرة، ثم رافق الحملة الإنجليزية إلى السودان، ثم عاد إلى بيروت عام 1885.
انضم إلى المجمع العلمي الشرقي، حيث تعلم العبرية والسريانية، ما مكّنه من تأليف أول كتاب في فلسفة اللغة العربية عام 1886.
استقر في القاهرة بعد عودته من إنجلترا، حيث عمل في التأليف والترجمة، وأدار مجلة "المقتطف" لمدة 18 شهرًا قبل أن يستقيل.
اشترك مع الناشر اللبناني نجيب متري في إنشاء مطبعة، لكن شراكتهما انتهت بعد عام واحد، واحتفظ جرجي بالمطبعة وأسماها "مطبعة الهلال".
أصدر مجلة الهلال عام 1892، وحققت شهرة واسعة، ونشر فيها كتبه ورواياته التاريخية الشهيرة.
استقطبت مجلة الهلال كتابات عمالقة الفكر والأدب في مصر والعالم العربي، وترأس تحريرها كبار الأدباء أمثال حسين مؤنس، أحمد زكي، علي الراعي، وصالح جودت.
تُرجمت روايات زيدان إلى لغات عدة، وتركزت كتاباته على فترات الصراع على السلطة والنفوذ في التاريخ الإسلامي، مما عرضه للنقد.
من أبرز أعماله: "تاريخ التمدن الإسلامي"، "تاريخ آداب اللغة العربية"، "تراجم مشاهير الشرق"، إضافة إلى رواياته الشهيرة مثل "المملوك الشارد" و"أرمانوسة المصرية".
رحل جرجي زيدان في 21 يوليو 1914، تاركًا وراءه إرثًا غنيًا في الصحافة والتأليف والترجمة.