"هذه المرة غير سابقاتها".. هكذا وصفت المفاوضات الجارية بين حماس وإسرائيل في الوقت الحالي، على أمل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار في قطاع غزة، الذي صار كومة من الأنقاض، جراء حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023.
ويحيط بذلك المسار التفاوضي ما أسماه الوسطاء بـ"التفاؤل الحذر"، الذي قد يترجم إلى اتفاق وقف إطلاق نار، خاصة إذا توقف الجانب الإسرائيلي عن وضع شروط جديدة، حيث أفسدت تلك العادة الجهود المصرية القطرية مرارًا.
وعلى مدى نحو عام كامل، أجرت مصر وقطر بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، مفاوضات غير مباشرة ومتعثرة بين حركة حماس وإسرائيل، باءت جميعها بالفشل جراء عدم تجاوب الأخيرة مع مطالب الأولى، التي تتمسك بتحقيق وقف فوري ودائم لإطلاق النار.
مراحل حاسمة
أكدت حركة حماس، اليوم السبت، إمكانية التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل الأسرى بات أقرب من أي وقت إذا توقفت إسرائيل عن وضع شروط جديدة.
يأتي ذلك في أعقاب تأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن ظروف إبرام صفقة تبادل مع حركة حماس "تحسنت"، دون التوصل إلى اتفاق نهائي.
وجاء في بيان صدر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، الخميس، أن ظروف إبرام صفقة تبادل أسرى تطورت بعد الجهود المبذولة، حيث تم إبلاغ العائلات بذلك، مشيرًا في السياق ذاته، إلى أن "تل أبيب" تطالب بإطلاق أكبر عدد من الأسرى الأحياء خلال المرحلة الأولى من الاتفاق، بينما ترفض حماس هذا الشرط.
ولأول مرة منذ السابع من أكتوبر 2023، يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي عرقل جهود الوسطاء مرارًا، إن هناك تطور بالمفاوضات، وذلك بعد أيام من إقرار مماثل مفاده أن إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لا يمكن أن يتم إلا من خلال صفقة.
وفي تطور لافت، أفادت القناة الـ13 الإسرائيلية، أن "تل أبيب" انتهت من إعداد قائمة بالأسرى الفلسطينيين المقرر الإفراج عنهم في المرحلة الأولى من صفقة التبادل.
وتطالب "تل أبيب" بإبعاد الأسرى ذوي الأحكام العالية إلى الخارج، وليس للضفة الغربية، وذلك لتجنب صور احتفالات التحرير وتقليل احتمال عودتهم لممارسة ما تصفه إسرائيل بـ"الإرهاب"، بحسب هيئة البث العبرية.
وكانت الولايات المتحدة قد ذكرت أن العقبات التي تحول دون التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة تتعلق بالتفاصيل، وتحديد أسماء الرهائن والسجناء الذين سيطلق سراحهم، وتوزيع القوات الإسرائيلية في القطاع خلال وقف إطلاق النار.
الانسحاب من غزة
وفي أكثر من مناسبة، أكدت حماس أنها حتى تقبل بأي اتفاق لا بد أن يحقق وقف فوري وكامل لإطلاق النار في قطاع غزة، وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى محاذاة الحدود، وشددت أنها لن تقبل بأقل من ذلك.
وفي غضون ذلك، أكدت الولايات المتحدة الأمريكية، أن بلادها ترفض احتلال إسرائيل لغزة، لأنه سيشجع من تبقى من حماس على الاستمرار في القتال، وفق قولها.
وشددت -في تصريحات أدلى بها وزير الخارجية أنتوني بلينكن- أن بقاء الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة إلى أجل غير مسمى لا يصب في مصلحة إسرائيل.
اتصالًا، قالت شبكة "سي إن إن" الأمريكية عن مصدر دبلوماسي مطلع، إن شروط اتفاق تبادل الأسرى في غزة تتطابق بشكل عام مع الاقتراح الذي قدمه الرئيس الأميركي جو بايدن في وقت سابق من هذا العام.
وأضاف المصدر أن ما تغير هو أن القوات الإسرائيلية من المرجح أن تبقى في غزة مؤقتًا في كل من محور فيلادلفيا وممر نتساريم.
وفي خطاب ألقاه في الـ31 مايو الماضي، عرض الرئيس الأمريكي جو بايدن مقترحًا يتكون من ثلاث مراحل من شأنه أن يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة، إلى جانب إطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين الإسرائيليين.
وتستمر المرحلة الأولى من المقترح الأمريكي الذي طرحة بايدن، ستة أسابيع تشمل وقفًا كاملًا وشاملًا لإطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية من جميع المناطق المأهولة في غزة.
كما تتضمن إطلاق سراح عدد من الرهائن، بمن فيهم نساء ومسنون وجرحى، مقابل إطلاق سراح مئات من الأسرى الفلسطينيين، في السجون الإسرائيلية.
وفي المرحلة الثانية من المقترح، يتم إطلاق سراح بقية الرهائن والجنود وإدامة وقف إطلاق النار، بينما تتضمن المرحلة الثالثة ما بعد الحرب وإعادة إعمار غزة.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، تشن إسرائيل حربًا مدمرة ضد قطاع غزة، خلفت أكثر من 152 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.