الجمعة 31 يناير 2025

تحقيقات

2024 تعاون أم تنافس مع الذكاء الاصطناعي؟.. جدل بين المختصين حول تفوقه على الإنسان

  • 24-12-2024 | 22:21

الذكاء الاصطناعي vs الإنسان

طباعة
  • إسلام علي

شهد العالم منذ أواخر عام 2022 إلى وقتنا الحالي، تحولًا هائلًا في تقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، مما أحدث ثورة في أسواق العمل وأثار مخاوف حول التنافس بين البشر وتلك التقنيات المتطورة، وهذه الطفرة شكلت نقطة تحول بارزة في عالم التكنولوجيا، وسط سباق محموم بين عمالقة الصناعة لتطوير تقنيات جديدة تسهم في إعادة تشكيل الأسواق.

 

تحولات في سوق العمل

أدت هذه الطفرة إلى استغناء بعض الشركات عن موظفين لصالح حلول تعتمد على الذكاء الاصطناعي، ومع ذلك، فإن النقاش مستمر حول تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف؛ فمن جهة، يخشى معارضوه من تدمير سوق العمل، ومن جهة أخرى، يرى المؤيدون أنه يمكن للتقنيات الحديثة أن تتكامل مع البشر لتسريع وتحسين الأداء الوظيفي.

 

الذكاء الاصطناعي والبشر

شهد عام 2024 تنافسًا حادًا بين البشر والذكاء الاصطناعي في العديد من المجالات، تشمل الوظائف، إذ أنه كان هناك تنافس شديد خاصة في مجالات مثل خدمة العملاء وكتابة النصوص، ويستمر الذكاء الاصطناعي في التفوق على البشر في مختلف الألعاب، مع إمكانية إحراز المزيد من التقدم.

استخدم الذكاء الاصطناعي في المجالات الطبية: مثل التشخيص والعلاج وتطوير الأدوية، مما يسهم في تحسين الرعاية الصحية، وساعد أيضا في تعزيز كفاءة الإنتاج الصناعي، وتقليل التكاليف، وتحسين الجودة، واستخدمت العديد من المدارس في الوقت الحالي أدوات الذكاء الاصطناعي لتقديم الدعم التعليمي وإنتاج أعمال فنية مبتكرة.

 

التوافق بين الذكاء الاصطناعي والبشر في عام 2024

 

تمكن البشر من استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة لتحقيق نمو اقتصادي وخلق فرص عمل جديدة، وبالفعل يتم تطوير ذكاء اصطناعي يفوق ذكاء البشر، ما قد يمثل تحولًا جذريًا في الحضارة الإنسانية.

وعلى جانب أخر، أظهرت دراسة حديثة أن الذكاء الاصطناعي يمكنه خداع المبرمجين للحفاظ على قيمه أثناء التدريب، مما يعزز المخاوف من فقدان السيطرة على الأنظمة المتطورة.

وأثبتت الورقة البحثية التي تضمنت تجارب مشتركة بين شركتي "أنثروبيك" و"ريد وود" أن نموذج "كلود" خدع منشئيه استراتيجياً خلال التدريب لتجنب التعديلات.

وأشار الباحثون إلى أن مواءمة الذكاء الاصطناعي مع القيم الإنسانية أصعب مما كان يُعتقد، مع تزايد قدرة النماذج على الخداع الاستراتيجي كلما تطورت تقنيًا.

أُجريت التجارب على "كلود 3 أوبوس"، الذي استُخدم التعلم المعزز في تدريبه، واكتشف الباحثون أن النموذج خدع المبرمجين في 10% من فترة التدريب للحفاظ على قيمه، متظاهراً بالامتثال، وأظهرت النتائج أن النموذج قد يخفي نواياه السيئة خلال التدريب، مما يثير مخاوف بشأن تصرفاته المستقبلية.

 

التفوق البشري على الذكاء الاصطناعي

 

رغم قدرات الذكاء الاصطناعي في معالجة البيانات وتحديد الأنماط، يظل العقل البشري متفوقًا بفضل قدراته على الفهم السياقي، التفكير الحدسي، والقراءة بين السطور، فضلا عن أن الذكاء الاصطناعي قادر على تحليل المشاعر ولكن يفتقر إلى التجربة العاطفية الحقيقية و في المقابل، الذكاء العاطفي البشري يلعب دورًا محوريًا في اتخاذ قرارات حياتية وعملية.

ويتمكن البشر لديهم القدرة على تخيل أشياء جديدة تمامًا وتحويلها إلى واقع، وهي قدرة لا يمتلكها الذكاء الاصطناعي الذي يعتمد على الأنماط الموجودة مسبقًا.

 

الشراكة بين الإنسان والذكاء الاصطناعي

 

يعد الذكاء الاصطناعي أداة لتعزيز القدرات البشرية، حيث يتولى المهام الروتينية بينما يركز البشر على التفكير الإبداعي والاستراتيجي وبناء العلاقات، وتظل القرارات الأخلاقية والمبنية على القيم تظل مسؤولية البشر، حيث لا يستطيع الذكاء الاصطناعي استيعاب المعايير المجتمعية بنفس العمق.

 

استاذ ذكاء اصطناعي: الترويج لفكرة أن الذكاء الاصطناعي أفضل من الانسان له بعد تجاري ونفسي

 

أكد الدكتور أحمد بهاء خيري، أستاذ الذكاء الاصطناعي بجامعة الإسكندرية، أن الإنسان هو مبتكر الذكاء الاصطناعي، وبالتالي يظل متفوقًا عليه حتى الآن وإلى الأبد، وأوضح أن من يروجون لفكرة تفوق الذكاء الاصطناعي على البشر إنما يهدفون لتحقيق مصالح دعائية وتجارية وعلمية ونفسية، مشددًا على أن التجارب تثبت هذه الحقيقة.

وأضاف خيري في تصريح لـ"بوابة دار الهلال"، أن الذكاء الاصطناعي يعمل ضمن نطاقات محددة رسمها وبرمجها الإنسان، وإذا تجاوز هذه الحدود فإنه يستند فقط إلى البيانات والمعلومات التي زوده بها الإنسان منذ البداية.

وأشار خيري إلى أن الانبهار بالذكاء الاصطناعي نابع من قدرته على الوصول إلى قواعد بيانات ضخمة وعميقة عبر الإنترنت، موضحًا أن تلك القواعد في الأصل من صنع الإنسان، وأن الآلة لا تعمل باستقلالية وإنما تتبع ما تم تزويدها به مسبقًا.

كما لفت إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يُستخدم في المستقبل بطرق "شريرة" بناءً على برمجة المبرمج الأصلي، مثل تضليل الناس بمعلومات خاطئة أو التأثير على مسارات العدالة من خلال أنظمة قانونية موجهة.

واختتم خيري حديثه بالتحذير من إمكانية استغلال الذكاء الاصطناعي كأداة للتآمر والشر في أيدي من وصفهم بـ"الأشخاص السيئين".

 

خبير أمن المعلومات: الذكاء الاصطناعي يمكن أن يهدد الأمن القومي للدول باختراقات سيبرانية 

 

قال محمود فرج، خبير أمن المعلومات، أن الذكاء الاصطناعي شهد تطورًا كبيرًا في الآونة الأخيرة، مما جعله أداة ذات فوائد معروفة، ولكنه يحمل في طياته مخاطر تهدد الأمن القومي للدول.

وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يُستخدم لتزييف آلاف الفيديوهات ونسبها إلى شخصيات عامة، إلى جانب نشر الأخبار المضللة والتأثير السلبي على الشباب، بتوجيههم نحو اهتمامات بعيدة عن التعليم والقيم الحقيقية.

وأضاف فرج، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن الذكاء الاصطناعي يُستغل حاليًا في منصات التواصل الاجتماعي لتحليل المشكلات التي تواجه الشعوب ومحاولة توجيه الرأي العام ضد الدولة.

وأوضح أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تُستخدم في تنفيذ هجمات سيبرانية على أنظمة الدولة الحيوية، مثل البنوك، والجهات الحكومية، وشبكات الغاز والنفط.

وعن قدرات الذكاء الاصطناعي الإبداعية، أكد فرج أن هذه التكنولوجيا تفتقر إلى الإبداع الذي يتميز به الإنسان،  وقال: الذكاء الاصطناعي يعتمد على التعلم من البيانات الثابتة فقط، ولن يتمكن أبدًا من إنتاج إبداع حقيقي مثل كتابة قصة فيلم تعبر عن مشاعر إنسانية أو الإحساس بمضمونها، فهو يُنتج نصوصًا قائمة على ترتيب الكلمات بشكل تقني دون أن يضفي عليها روح الإبداع.

واستطرد فرج موضحًا أن استخدام الذكاء الاصطناعي يمتد ليشمل تهديد المنشآت الحكومية والعسكرية عبر الصواريخ الموجهة والطائرات المسيّرة، مما يستدعي الحذر الشديد في التعامل معه.

وفي سياق آخر، تحدث فرج عن استخدامات الذكاء الاصطناعي في الدول المتقدمة، حيث يُستخدم كأداة للتفاعل مع البشر وحل المشكلات المعقدة التي تحتاج إلى جهد بشري كبير.

وأكد أن مصر لا تزال في مرحلة وعي حذرة تجاه هذه التكنولوجيا، مما يحد من تأثيراتها السلبية، مشيرًا إلى ضرورة استغلال هذه التقنيات بشكل إيجابي يساعد على مواجهة التحديات وتحقيق التنمية.

 

أستاذ تحول رقمي: تطور الدوائر المتكاملة قاد إلى ثورة الذكاء الاصطناعي

قال الدكتور أحمد فوزي، أستاذ التكنولوجيا والتحول الرقمي، إن الذكاء الاصطناعي يرافق الإنسان منذ أكثر من نصف قرن، حيث يعمل على خدمته وتطوير حياته، موضحًا أن الطفرة الحالية التي شهدها الذكاء الاصطناعي في عام 2024 ليست مفاجئة، بل جاءت نتيجة عملية تطور تدريجي بدأت منذ سنوات طويلة.

وفي تصريحات لـ"بوابة دار الهلال"، أشار فوزي إلى أن بدايات تطور الدوائر المتكاملة، التي تعد الأساس لتشغيل الأجهزة الإلكترونية كالحواسيب والتليفزيونات، تعود إلى خمسينيات القرن الماضي.

وأضاف أن تلك الدوائر كانت تعاني من صعوبة في تطويرها لتلبية جميع احتياجات الإنسان، إلا أن العقود التالية شهدت تطورات هائلة في هذا المجال.

وأوضح أن صناعة الدوائر المتكاملة توسعت بشكل ملحوظ في السبعينيات والثمانينيات، حيث تمكنت من استيعاب أكثر من مئة ألف مكون على شريحة واحدة، ومع مرور الوقت، تطورت تلك الشرائح لتحتوي على نحو 10 ملايين مكون على مساحة لا تتجاوز 2 ملم، مما أتاح للذكاء الاصطناعي تنفيذ مسائل حسابية معقدة بسرعة فائقة، تتفوق بمراحل على قدرة الإنسان.

وأضاف فوزي أن الذكاء الاصطناعي أصبح يستخدم اليوم في العديد من المجالات مثل مراكز الاتصال، والطب، وصناعة السيارات. ورغم تفوقه الكبير على الإنسان في السرعة واتخاذ القرارات، إلا أن الإنسان لا يزال يحتفظ بميزة التكامل والتوجيه، حيث يظل هو الموجه الرئيسي للذكاء الاصطناعي.

وأكد فوزي أن الذكاء الاصطناعي يمثل شريكًا قويًا في المستقبل، ولكنه يعتمد في النهاية على الإنسان لتوجيهه نحو تحقيق الأهداف المنشودة.

الاكثر قراءة