حملت اللغة العربية طياتها تراثًا ثريًا وتاريخًا طويلًا من التطور والازدهار، وتعتبر أحد أعمدة الهوية الثقافية للعالم العربي، وهي لغة القرآن الكريم، التي توحد الشعوب وتربط بينها عبر الأجيال، وقد يتساءل البعض حول كيفية دخول اللغة العربية إلى مصر وتطورها عبر العصور؟ كامل أفندي مرجان أرسل المواطن المصري كامل أفندي مرجان، معاون المحطة من نجع حمادي، سؤالًا إلى مجلة الهلال، يستفسر فيه عن تاريخ دخول اللغة العربية إلى مصر، وعهد أي الخلفاء، وما إذا كان تعليمها إجباريًا أم اختياريًا، وكيف وصلت إلينا على أصلها الصحيح وتفرعت إلى فروعها التي نراها اليوم، أشار إلى أن لغة الكتابة تختلف عن الكلام العامي، والذي يختلف بدوره بين المناطق، وأضاف أن لغة المصري تختلف عن لغة السوري والحجازي، رغم أن الجميع من أصل واحد. مجلة الهلال في عددها الصادر بتاريخ 1 ديسمبر 1901، أوضحت مجلة "الهلال" أن اللغات العربية تنحدر من أصل واحد، وكذلك لغات العالم التي ترجع إلى أصل واحد كما يرجع الجنس البشري إلى أب واحد. وأشارت إلى أنه في أوائل القرن الماضي، كان الناس يعُدّون القول بأن لغة الهند القديمة (السنسكريتية) واليونانية القديمة واللاتينية أخوات من الخرافات، لكن اليوم يُعَدُّ ذلك من الحقائق الثابتة في علم اللغات، وأوضحت أن اللغات السامية والطوارنية ترجع أيضًا إلى أصل واحد. أضافت "الهلال" أن اشتقاق اللغة إلى لغات هو جزء من التطور الطبيعي للأحياء، حيث تميل الكائنات الحية بطبيعتها إلى التنوع والتفرع، وأكدت أن اللغة العربية تنوعت إلى لغاتها المعروفة اليوم نتيجة لذلك. أشارت المجلة إلى أن دخول اللغة العربية إلى مصر بدأ مع دخول الإسلام، حيث نشر المسلمون دينهم ولغتهم دون إجبار، وكان الخلفاء يعارضون لغات الأعاجم، كما نهى الخليفة عمر بن الخطاب عن بطانة الأعاجم، معتبرًا إياها مكرًا وخديعة، وأوضحت المجلة أن اتباع المغلوب للغالب هو ما ساعد في انتشار اللغة العربية. أكدت "الهلال" أن العرب نشروا لغتهم من خلال جعل أعمال الحكومة باللغة العربية، وقد أمر الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بذلك، حيث كانت لغة دواوين مصر قبل ذلك قبطية، ولغة دواوين الشام يونانية. اختتمت المجلة بأن المسلمين، عند فتحهم لمصر، جاؤوا من قبائل شتى لكل منها لهجة خاصة، واختلطوا بأهل مصر الذين كانوا يتحدثون القبطية، مما أدى إلى تنوع اللغة العربية الفصحى وظهور اللغة العامية المصرية بفروعها. ويعبر العرب عن ذلك بفساد ملكة اللسان المصري، ونحو هذا النمط تولدت اللغة.