يمثل الارتقاء بمنظومة العدالة في مصر،بمختلف جوانبها وأركانها، محورا أساسيا من خطة التنمية الشاملة ورؤية مصر 2030 التي أطلقتها الدولة المصرية، وذلك في سبيل القضاء على بطء التقاضي وتحقيق هدف "العدالة الناجزة" التي تعد حجز الزاوية في بناء الدولة ودعم استقرارها وحماية حقوق المواطنين وإنصاف المظلومين منهم.
وقد شهدت وزارة العدل، خلال العام الجاري الذي شارف على الانتهاء، خطوات متقدمة ومبادرات عديدة قادتها الوزارة، في مجال تطوير منظومة التقاضي، لا سيما على مستويي اعتماد الميكنة والأساليب التكنولوجية الحديثة بداخل دور العدالة (المحاكم) في كافة محافظات الجمهورية، والتوسع في برامج تدريب أعضاء الجهات والهيئات القضائية على استعمال التقنيات الحديثة، بما ينعكس بصورة إيجابية على المنظومة ككل ويعود بالنفع على المواطنين.
ويستهدف مشروع "العدالة الرقمية" الذي اكتسب خلال العام 2024 زخما كبيرا، تعظيم الاستفادة من التكنولوجيا في مجال التقاضي، عبر تقديم العديد من الخدمات عن بُعد للمواطنين، من خلال البوابات الإلكترونية أو التطبيقات المخصصة لذلك عبر الهاتف المحمول، بحسب طبيعة الخدمات، ومن بينها إمكانية استصدار العديد من محررات وزارة العدل عن بُعد، وكذلك ميكنة عدد من خدمات الشهر العقاري والتوثيق الإلكتروني، ومشروع تحويل الكلام الشفوي إلى نص مقروء، وحقيبة التوثيق المتنقل، ومشروعات الربط الإلكتروني بين محكمة النقض والنيابة العامة والمحاكم الاقتصادية.
كما عملت وزارة العدل، إلى جانب إنشاء العديد من المحاكم الجديدة بهدف تقريب دور العدالة من المواطنين، ورفع كفاءة المحاكم القائمة واعتماد الأدوات والأساليب التكنولوجية الحديثة في إدارتها، على التوسع في برامج التدريب التي تستهدف تنمية المهارات العلمية والعملية لأعضاء الجهات والهيئات القضائية، فضلا عن برامج تدريب لتعزيز قدرات الكوادر البشرية وتنمية مهاراتهم وصولا لاكتساب مهارات التخطيط الاستراتيجي وتنميتها، وتوصيف تحديات قياس الأداء واستخلاص خبرات التخطيط الاستراتيجي.
ويعد مشروع "تجديد الحبس الاحتياطي عن بُعد" واحدا من المشروعات الناجحة التي جرى التوسع فيها خلال العام 2024 مع استمرار العمل على إدخال التقنيات الحديثة في عمل المحاكم، مواكبة للعصر، وذلك في إطار التطوير الكامل لجميع المحاكم على مستوى الإنشاءات ورفع كفاءتها وكذا آليات ودورات العمل ووضع البنية الأساسية التكنولوجية.
كما جرى في ذات الإطار خلال هذا العام، إطلاق "منظومة التقاضي عن بُعد" ابتداء بدوائر في عدد من المحاكم المدنية، علاوة على إنهاء العمل بالنظام الورقي التقليدي لإقامة الدعاوى، والاستعاضة عنه بنظام إلكتروني ابتداء من استلام طلب إقامة الدعوى والأوراق الخاصة بها، وسداد رسومها إلكترونيا بالكامل، وقيدها لدى قلم المحضرين، وإعلان أطراف الدعوى بها.
وشهدت منظومة التوثيق والشهر العقاري، نقلة نوعية غير مسبوقة عبر التوسع في افتتاح مكاتب التوثيق والشهر العقاري بصورة كبيرة، لتسهيل تقديم الخدمات للمواطنين، واستخدام المحررات الرقمية، فضلا عن استحداث مراكز التوثيق المتنقلة بداخل عربات مجهزة بأحدث المعدات والنظم الفنية.
وقد واكب هذا التطور الذي شهدته منظومة العدالة في خلال العام الجاري، ارتفاع نسب الإنجاز في الدعاوى القضائية أمام المحاكم، والتي وصلت إلى معدلات غير مسبوقة أمام مختلف المحاكم، حيث بلغت نحو 87% بالنسبة للدعاوى المقيدة أمام المحاكم الابتدائية، ونحو 94% في دعاوى منازعات الأسرة، فضلا عن نسبة إنجاز في الدعاوى الجنائية بلغت أكثر من 90%، على نحو يقطع بنجاح خطة إنجاز كافة القضايا المتراكمة أمام المحاكم.
وحرصت وزارة العدل أيضا على المشاركة الفاعلة في المبادرات التنموية والاجتماعية التي تستهدف الارتقاء بجودة الخدمات المقدمة إلى المواطنين وتقليل الأعباء عن كاهلهم، وعلى رأسها المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان" حيث أطلقت في إطار هذه المبادرة، العديد من القوافل الطبية في مختلف المحاكم بالعديد من المحافظات، لتوقيع الكشف الطبي والفحوصات اللازمة لأعضاء الجهات والهيئات القضائية وموظفي دور المحاكم والنيابات والمواطنين المترددين على المحاكم.
كما حرصت وزارة العدل، خلال العام الجاري 2024، على عقد اللقاءات المستمرة مع أعضاء منظومة العدالة، ومنها لقاء القضاة في مختلف دور المحاكم وكذلك الموظفين والمواطنين والاستماع إلى مقترحاتهم.
وشملت المشاركة في هذه المبادرة التنموية أيضا، إطلاق خدمة التصديق على المحررات الرسمية بداخل مكاتب مُستحدثة في معظم محافظات الجمهورية، لتيسير تقديم الخدمة على المواطنين.
وعكفت وزارة العدل على تطوير منظومة الخدمات المقدمة للمواطنين؛ من أجل التيسير عليهم وتسريع وتيرة الخدمات وخفض الوقت والجهد، وفق أعلى معايير الجودة والحوكمة، وحرصت قيادات وزارة العدل على المتابعة الدورية لهذه الخدمات والارتقاء بمستوى الموظفين والعاملين ورفع كفاءتهم وتأهيلهم للتعامل مع النظم الإلكترونية الحديثة.
وفي سياق أوسع كانت مشاركة وزارة العدل في مبادرة بناء الإنسان "بداية"، شكلًا مستحدثًا من الدور المجتمعي الذي تلعبه الوزارة من خلال عقد الندوات واللقاءات والتنسيق مع الجهات المعنية بالمبادرة لتنسيق الأدوار والتكاملية.