الخميس 2 يناير 2025

مقالات

الصمود طريق النجاة

  • 29-12-2024 | 15:52
طباعة

إن الالتفات إلى الشائعات هو نوع من الإرباك المتعمد الذي يهدف إلى تعطيل عجلة التقدم وزعزعة الإرادة في مواجهة التحديات، فالشائعات ليست مجرد كلمات تتناقلها الألسن بل هي أدوات تهدف إلى خلق حالة من التشويش والتردد وإضعاف الروح المعنوية في مسيرة البناء إنها كالغيوم الداكنة التي تحجب نور الحقيقة وتثير القلق في النفوس ما يعيق التفكير السليم والعمل الجاد وفي زمن التحديات الكبرى يجب أن يكون وعينا حصنا منيعا أمام محاولات التضليل.

وعلينا أن ندرك أن التفاتنا إلى هذه الأقاويل قد يكون تنازلا غير مباشر عن طموحاتنا وأهدافنا لأن النجاح يتطلب تركيزا وثباتا لا تشويشا وتشتتا وكلما ظهرت الشائعات في الأفق تذكروا أن الطريق إلى التقدم مليء بالعقبات التي تحتاج إلى عزيمة وإصرار لتجاوزها لذا دعونا نضع نصب أعيننا الحقيقة كدليل والعمل كطريق ونترك وراءنا تلك الأصوات التي تسعى لعرقلة مسيرتنا.

وانتبهوا! فالالتفات إلى الشائعات قد يكون مكلفا ليس فقط على مستوى الأفراد بل على مستوى المجتمعات بأكملها ومواجهة التحديات تتطلب تلاحما ووحدة لأن قوتنا تكمن في قدرتنا على التمييز بين الواقع والخيال وبين الهدف الحقيقي والصورة المزيفة التي يرسمها مروجو الشائعات.

وتبرز قدرة الدول على التكيف والصمود كعامل حاسم لتحقيق التنمية المستدامة ومصر بتاريخها العريق وإرثها الحضاري الممتد تقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة تسعى فيها لتحقيق توازن اقتصادي يعزز من مكانتها الإقليمية والدولية فمع الجهود الحثيثة لزيادة الاستثمارات الأجنبية وتنويع مصادر الدخل القومي والالتزام ببرامج الإصلاح الاقتصادي تتجلى رؤية طموحة نحو مستقبل يفيض بالفرص وفي هذا الإطار يصبح الحديث عن صافي الأصول الأجنبية ليس مجرد تحليل رقمي بل انعكاس لمسار دولة تتحدى الظروف وتعيد صياغة الحاضر برؤية تعانق الأفق.

وصافي الأصول الأجنبية  يعد مؤشرا مهما يستخدم لفهم الوضع المالي الخارجي والتحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد وتواجه مصر تقلبات في هذا المؤشر بسبب عدة عوامل داخلية وخارجية حيث شهدت في السنوات الأخيرة ارتفاعا ملحوظا في عجز صافي الأصول الأجنبية حيث يعتمد الاقتصاد بشكل كبير على التمويل الخارجي بما في ذلك القروض والمساعدات والاستثمارات الأجنبية ويرجع ذلك لعدة عوامل منها تراجع الاحتياطيات الأجنبية نتيجة زيادة الضغط على العملة المحلية واستنزاف الاحتياطي لدعم الجنيه أو سداد الديون كذلك زيادة الالتزامات الخارجية حيث الاعتماد على الاقتراض الخارجي لتمويل مشروعات البنية التحتية وسد الفجوة التمويلية وأخيرا ارتفاع فاتورة الواردات مقابل الصادرات وقبلها تأثر السياحة والتحويلات نتيجة الضغوط الاقتصادية العالمية مثل الحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار الطاقة والتي أثرت على التدفقات النقدية.

لكن الإصرار على المضي قدما لم يفارق ذهن الدولة لتجاوز تلك التحديات حيث سعت الدولة لزيادة الاحتياطيات الأجنبية من خلال تعزيز الصادرات: خاصة في قطاعات مثل الغاز الطبيعي وزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر، من خلال برامج جذب المستثمرين وتنويع مصادر التمويل مثل إصدار السندات الدولية والصكوك الإسلامية والاعتماد على المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي والذي قدم عدة برامج تمويلية لدعم الاقتصاد المصري بالإضافة إلى تنفيذ الحكومة برامج إصلاح هيكلية لتحسين بيئة الأعمال وتقليل الاعتماد على التمويل الخارجي فاستمرار ارتفاع عجز صافي الأصول الأجنبية يزيد الضغط على الجنيه المصري ويعرض الاقتصاد لمخاطر أزمات عملة كما أن تزايد الدين الخارجي يؤدي إلى زيادة الالتزامات المستقبلية المتعلقة بخدمة الدين الفوائد والأقساط كذلك تقلب أسعار النفط والسلع يؤثر على تدفقات العملات الأجنبية.

ورغم كل الصعوبات تظهر المؤشرات الإيجابية عبر الإعلان عن الاكتشافات الجديدة للغاز الطبيعي في البحر المتوسط والتي دعمت احتياطيات النقد الأجنبي بالإضافة إلى الاستثمارات الخليجية المتزايدة في مصر خاصة في قطاعات البنية التحتية والطاقة واستمرار الإصلاحات الهيكلية التي يدعمها صندوق النقد الدولي لتعزيز مرونة الاقتصاد ليبقى وضع صافي الأصول الأجنبية في مصر أمر مهما يتطلب استمرار الجهود لتعزيز التدفقات الأجنبية وتقليل الالتزامات الخارجية وتحقيق توازن في الحساب الجاري وسيظل هذا المؤشر أحد التحديات الرئيسية أمام السياسات الاقتصادية المصرية في المدى القصير والمتوسط وعلى الرغم من التراجع في بعض الفترات تمكن البنك المركزي من الحفاظ على مستوى معقول من الاحتياطيات الأجنبية وهناك تحسن تدريجي نتيجة تدفقات استثمارية وسداد ديون قصيرة الأجل وعلى الرغم من الضغوط اتخذت الحكومة إجراءات للحد من التقلبات العنيفة للجنيه المصري لتظهر التجربة المصرية في التعامل مع قضية صافي الأصول الأجنبية توازنا بين التحديات والإنجازات

أخبار الساعة

الاكثر قراءة