الخميس 2 يناير 2025

مقالات

انتصار للإبداع

  • 28-12-2024 | 15:47
طباعة

مع اقتراب معرض الكتاب أتذكر  أزمة كبيرة كانت تواجه المبدعين خاصة الشباب والكتاب الذين لم يُسلط الضوء على أعمالهم بعد، لقد عانوا طويلاً من صعوبة التعبير عن رؤاهم الإبداعي ربما بسبب قلة العلاقات الاجتماعية أو لعدم توافر الخبرة الكافية لديهم في تحديد الاتجاهات الصحيحة للتواصل وظهور إبداعهم للنور، ودائما أرى أن  السبب الرئيسي وراء ذلك صعوبة النشر.

دور النشر غالباً  تبحث عن الربح السريع والكتب الأكثر مبيعاً، ونادراً ما تغامر بنشر أعمال لكُتاب جدد، نظراً للتكاليف المرتفعة للطباعة التقليدية "الأوفست" والخسائر المحتملة.    الطباعة بالأوفست كانت تتطلب عدد محدد من النسخ لا يقل عن 500 نسخة كحد أدنى، لتجنب إرتفاع تكلفة النسخة الواحدة، بالإضافة إلى الهدر أثناء الطباعة، كل ذلك  جعل الناشر يتردد كثيراً قبل الموافقة وقبول عمل جديد خوفاً من الوقوع في فخ خسائر المرتجعات.

ومع تراجع مبيعات الكتب الورقية، زادت حيرة الناشرين حول كيفية حل هذه المعادلة الصعبة وهنا جاءت ثورة الطباعة الديجيتال لتغير قواعد اللعبة بالكامل.

فأصبح بالإمكان طباعة نسخة واحدة، أو عدد محدود من النسخ حسب الطلب، ومع الخيارات المتعددة لتصميم الأغلفة، مكنت المبدع من إمكانية  طباعة نسخ جديدة بغلاف مختلف، كما وأصبح الوقت عاملاً غير مؤثر أو محركاً للحدث، إذ يمكنك إعادة طباعة نسخ إضافية خلال ساعات قليلة وكلاً عند الحاجة.

 هذه التكنولوجيا أفسحت المجال للمواهب الجديدة للظهور وبتكاليف زهيدة نسبياً، تكلفة الكتاب باتت تبدأ من 15 جنيهاً تقريباً بحسب عدد الصفحات وما إذا كانت ملونة أو أبيض وأسود.

الديجيتال أصبح في خدمة الإبداع
وطباعته ساهمت بشكل كبير في تطوير كتب الأطفال تحديداً  فأصبحت تنتج بجودة عالية وبتصاميم ثلاثية الأبعاد تجذب انتباه الصغار. هذه التطورات أعادت الحياة وبقوة للمطبوعات الورقية، ومع كل معرض جديد، نرى أعداد الكتب والمبدعين الجُدد في تزايد مستمر.

الديجيتال حفظ الحقوق بعدما عانى كثير من الكُتاب الجدد في بداية مشوارهم بنشر أعمالهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي ترشيداً للنفاقات ولكنهم واجهوا مشكلات تتعلق بسرقة الأفكار أو الاقتباسات غير المنصفة. 

الطباعة الديجيتال أصبحت حلاً مثالياً لهؤلاء المبدعون أتاحت لهم الفرصة لإظهار أعمالهم للعالم وحمايتها بشكل أفضل و كفلت المشاركة الثقافية وصناعة الوعي
إضافة إلى ذلك حققت فكرة التعاون والمشاركة في إصدارات موحدة،  وأصبحت وسيلة فعالة لنشر الوعي الثقافي وإثراء المحتوى.

معرض الكتاب يُعد أكبر سوق ثقافي يجمع بين مختلف الجنسيات والأعمال وفي كل عام  يفتح أبوابه أمام عرض المزيد من الإبداعات الجديدة، ورغم الإنجازات التي حققتها الطباعة الرقمية، لا يزال هناك مجال كبير للتطور والابتكار، ولكن في النهاية، يمكننا القول وبكل ثقة "الديجيتال يكسب" وحقق نصرة للإبداع.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة