الأسبوع الماضى قرر المهندس إبراهيم محلب تشكيل وحدة لمتابعة المشروعات الكبرى تابعة لمجلس الوزراء، وذلك بهدف قياس جودة الأعمال والوقوف على المشاكل والعوائق الفنية التى تواجه المشروعات والتدخل الفورى لمتخذ القرار.
فى الحقيقة هذا القرار جيد أن تراقب الحكومة وتتابع، وإنما الأمر الغريب أن الحكومة أصبحت لا تثق فى كوادرها وبدأت تبحث عن وسائل وأساليب جديدة للتغلب على التراخى الإدارى، فإما أن يتابع رئيس الوزراء بنفسه ويصدر توجيهاته على أساس أنه متفرغ لأداء كل الأدوار بدءاً من دور الكومبارس الصامت حتى دور البطولة والمخرج والمؤلف وكاتب السيناريو، وإن لزم يقوم بأدوار كل الممثلين المهم العمل ينجح.. وأمام استحالة هذا الأمر.. لجأت الحكومة لاستحداث هذه الوحدة من مجموعة من شباب أساتذة الجامعات من التخصصات المختلفة تم اختيارهم من بين عدد كبير من المتقدمين وسيتولون متابعة المشروعات القومية الجارى تنفيذها مثل المشروع القومى للطرق واستصلاح وتنمية ١.٥مليون فدان ومشروع محور تنمية منطقة قناة السويس ..ومشروع الإسكان الاجتماعى ومشروعات مياه الشرب والصرف الصحى وصيانة المدارس وغيرها.. كذلك المشروعات المتوقفة والمتعثرة فى القطاعات المختلفة.
وحجة رئيس الوزراء فى إنشاء هذه الوحدة هى سرعة التدخل ووصف محلب دور هذه الوحدة بالمهم جداً، فالمتابعة بعلم وإخلاص هو ما نحتاجه هذه الأيام على حد قول رئيس الوزراء.. وأضاف أنه متفائل بأعضاء هذه الوحدة، وأن هذه خطوة فى طريق تمكين الشباب وإعطاء فرصة لهم خاصة أنهم من أفضل العناصر التى تم اختيارها.
لا لوم على رئيس الوزراء فهو يحاول وإنما لم يعلن لنا عن قواعد اختيار أعضاء هذه الوحدة وكيف تم اختيارهم وهل كانت هناك لجنة لاختيار هؤلاء الأعضاء الذين كما يتضح من دورهم هم أفضل من المسئولين حتى أفضل من الوزراء أنفسهم، وأى مسوغ قانونى يسمح لهم بأن يقدموا تقاريرهم التى تكشف السلبيات التى وقع فيها المسئولون.. وإذا كان الأمر هكذا وأنهم باعتراف رئيس الوزراء أفضل من المسئولين فلماذا لم يتم اختيارهم ليكونوا هم الوزراء والمسئولون ولماذا لم يتم الكشف عن أسمائهم وهوياتهم وتخصصاتهم وإعلان صفتهم القانونية.
وإذا كان رئيس الوزراء يعتبر أن هذه الوحدة تعتمد على العلم والإخلاص، وأنه بها يعطى الفرصة للشباب كى يأخذوا دورهم فى إدارة البلاد فأين مساعدو رئيس الوزراء ومساعدو الوزراء الذين تم اختيارهم أمام لجان فى كافة الوزارات وأين جهودهم؟.
حقيقة الأمر أنه منذ ثورة ٢٥ يناير بدأت تظهر موجة الاعتماد على الشباب باختيار عصام شرف رئيس الوزراء الأسبق لمجموعة من الشباب، وإعداد مكاتب لهم فى مجلس الوزراء وباعتبارى شاهدة على هذه المرحلة لم أجد سوى المستشارين الذين ظهروا فى ظروف غريبة لارتباطهم بصداقة بأبنائهم، ثم اختفوا وعادوا أيام هشام قنديل وخرجوا من مجلس الوزراء بحلول ثورة ٣٠ يونيه.. وبعدها توالت الأخبار عن تعيين مساعدين للوزراء ورئيس الوزراء، وكذلك مستشارون لم نر لهم أية بصمة أو جهود.
أنا لا أقلل من عمل الوحدة الذى ستكشفه الأيام وتحكم على أدائه وجودته، فهو تجربة مثل مئات التجارب التى تعرضنا لها على مر السنين الماضية.. ولكن أقول لرئيس الوزراء الجهاز الإدارى للدولة الذى وصفته بالبيروقراطية التى تفتح المجال للفساد الإدارى والمالى لا يتحمل تجارب جديدة، بل يجب عليك أن تبدأ فى إعادة هيكلة الجهاز الإدارى وليس تقديم حلول ترقيعية لا تسمن ولا تغنى من جوع.. يا دولة رئيس الوزراء أنا أعلم أنه يوجد داخل أمانة مجلس الوزراء إدارة للمتابعة تكاد تكون الإدارة الوحيدة التى يمتاز أعضاؤها بالحصول على درجات الماجستير والدكتوراه فلماذا لا يتم تفعيلها وإدخال الجديد من أعضاء هذه الوحدة والدفع بدماء جديدة لانعاش الجهاز الإدارى للدولة بدلاً من أن تعتمد فقط على متابعة الصادر والوارد من مكاتبات مجلس الوزراء من وإلى الوزراء والمحافظات.
لماذا لا يتم الإعلان عن جهود وحدات الشكاوى فى مجلس الوزراء وغيره لإلقاء الدور على سلبيات الجهاز الإدارى للدولة التى تترجم فى مشكلات المواطنين.
لن ينصلح حال الجهاز الإدارى للدولة سوى بالمكاشفة والمصارحة عن حجم ترهله الذى دفع بك لاستحداث هذه الوحدة التى لا أعلم مدى دستوريتها أو قانونيتها لتولى دور فوقى على أداء الوزارات والمحافظات.
كتبت : سحر رشيد