الأربعاء 8 يناير 2025

ثقافة

إحسان عبد القدوس.. «أديب المرأة» الجريء

  • 1-1-2025 | 09:31

إحسان عبد القدوس

طباعة
  • همت مصطفى

صحفيٌ وروائي وأديب مصري، قدم عددًا كبيرًا من المؤلفات لعالم الأدب، كالقصص والروايات والمسرحيات ،وهو من أهم الروائيين العرب، لما قدمه أدبه من نقلةٍ نوعيةٍ ومتميزة في مسيرة الرواية العربية، حيث تميزت كتاباته بالتحرر وتناولها المشاكل الاجتماعية بواقعيةٍ أكبر، وابتعدت مؤلفاته عن قصص الحب العذرية، وأصبحت أغلب قصصه أفلامًا سينمائية،  نجح في الخروج من المحلية إلى العالمية، ورسم طريقًا إلى التحرر الفكري والاجتماعي والأدبي، وتُرجمت معظم رواياته إلى لغات أجنبية عدة، وعمل صحفيًا ورئيسًا  لتحرير مجلة روز اليوسف، وحصد عدة جوائز خلال مسيرته المهنية إنه الملقب بـ «أديب المرأة»  إحسان عبد القدوس.

 الميلاد والنشأة

وُلد إحسان عبد القدوس في 1 يناير عام 1919م،  في قرية الصالحية بمحافظة الشرقية، ونشأ في بيئتين متعارضتين، فبيئة جده محافظة وبيئة والدته أكثر تحررًا، مما أثر ذلك على طبيعة كتاباته بعد ذلك.

نشأ  «إحسان» في بيت جده لوالده الشيخ رضوان، وكان متدينًا ومحافظًا، يفرض على جميع أفراد عائلته الالتزام والتقيد بأوامر الدين وأداء الفروض وصون تقاليده، فكان محظورًا على جميع النساء في عائلته الخروج بدون حجاب، تنحدر عائلته من أصول شركسية، وكانت عائلةً ثرية، وفي الآن ذاته، كانت والدة إحسان «روز اليوسف» سيدةً متحررة، تركية الأصل ولبنانية النشأة والمولد، لها صالونها الأدبي الذي تعقد فيه ندواتٍ حواريةٍ ثقافية وسياسية، يتواجد فيها كبار الشعراء والأدباء والسياسيين ورجال الفن، كان والده محمد عبد القدوس ممثلاً ومؤلفًا.

و كان  «إحسان» يتنقل أثناء طفولته، بين منزل جده في الصالحية، حيث يلتقي بزملائه من علماء الأزهر، ويتلقى الدروس الدينية، وبين ندوةٍ أخرى على النقيض تمامًا يصحب فيها والدته ومجموعة من المثقفين والسياسيين، وأثر هذا التناقض في كتابات «إحسان، وأنتج روايات تخطت الحدود المحلية وتُرجمت إلى عدة لغاتٍ أجنبية.

درس «إحسان» في مدرسة خليل آغا بالقاهرة 1927-1931، ثم في مدرسة فؤاد الأول بالقاهرة 1932-1937م، ثم التحق بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، وتخرج في كلية الحقوق عام 1942م

الحياة الشخصية  إحسان عبد القدوس

كانت زوجة «إحسان» تُدعى لولا، وكانت تقف إلى جانبه دومًا وتتفهمه، و له منها ولدان هما أحمد ومحمد. 

رحلة  إحسان عبد القدوس مع الإبداع

بعد أن تخرج إحسان عبد القدوس من الجامعة عمل محاميًا، لكنه لم ينجح في تلك المهنة حيث قال مرّةً: "كنت محاميًا فاشلا لا أجيد المناقشة والحوار، وكنت أداري فشلي في المحكمة إما بالصراخ والمشاجرة مع القضاة، وإما بالمزاح والنكت وهو أمر أفقدني تعاطف القضاة، بحيث ودعت أحلامي في أن أكون محاميا لامعا».

كتب «عبد القدوس» أكثر من ستمائة قصة ورواية، تحول 49 روايةٍ منها إلى نصوص للأفلام السينمائية، و5 روايات تم تحويلها إلى نصوص عُرضت على المسرح، و9 روايات كانت من نصيب الإذاعة التي قدمتها مسلسلات، و10 رواياتٍ ظهرت مسلسلات تلفزيونية، إضافةً إلى ترجمة 65 من رواياته إلى الإنجليزية والفرنسية والأوكرانية والألمانية وغيرها من لغات العالم.

تولّى إحسان عبد القدوس رئاسة تحرير مجلة روز اليوسف، وبسبب مقالاته السياسية تعرض للسجن والاعتقال، من أهم القضايا التي طرحها قضية الأسلحة الفاسدة التي نبهت الرأي العام إلى خطورة الوضع، وتعرض إحسان لعدة محاولات اغتيال، وسُجن بعد الثورة مرتين في السجن الحربي، وأصدرت السلطات حكمًا بإعدامه.".

وتعرض «إحسان» للكثير من الضغوط والانتقادات، بسبب طبيعة ونوعية المواضيع والمشاكل التي كان يتناولها في كتاباته، واعترض  الرئيس الراحل جمال عبد الناصر على روايته «البنات والصيف»، لكن إحسان عبد القدوس أجابه أن الواقع أقبح من ذلك. قصة فيلمه «أبي فوق الشجرة» مكتوبة على أربع صفحاتٍ فقط. وكان يختار الممثلات في معظم الأفلام المقتبسة عن رواياته. 

من أهم مؤلفاته أيضا : «لن أعيش في جلباب أبي»، «يا عزيزي كلنا لصوص»، «وغابت الشمس ولم يظهر القمر»، «رائحة الورد وأنف لا تشم»، «ومضت أيام اللؤلؤ»، «لون الآخر»، «الحياة فوق الضباب».

أشهر أقوال إحسان عبد القدوس

«يا عزيزي كلنا لصوص، كلنا يسرق كلنا، الإعلام يسرق عقولنا، والفوضويين يسرقون حياتنا، وهكذا».
«الفرد القوي يضيع بين الضعفاء إلى أن يصبح ضعيفاً كباقي البشر.الراحة الحقيقة هي أن ترتاح من نفسك، أن تجد ما يشغلك عنها».
«كلما ارتقى الانسان استطاع أن يواجه الحقيقة بنفسه.. وكلما ظل الانسان متأخراً ظل يهرب من الحقيقة.. و الحقيقة تلاحقه الى أن تنتصر عليه».

ثمار الرحلة..جوائز وأوسمة

نال إحسان عبد القدوس، خلال حياته العديد من الجوائز، حيث منحه الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى، كما منحه الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك وسام الجمهورية، وحصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب سنة 1989م

ومن الجوائز التي حصل عليها  أيضًا كانت الجائزة الأولى عن روايته : «دمي ودموعي وابتساماتي» عام 1973،  وجائزة أحسن سيناريو لفيلم عن روايته  «الرصاصة لا تزال في جيبي».

رحل المبدع والأديب  الجريء إحسان عبد القدوس عن عالمنا في  12 يناير 1990م.

الاكثر قراءة