رأت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب سوف يواجه عالما من الفوضى والصراع متمثلا في: حرب مطولة في أوكرانيا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، بينما لايزال الشرق الأوسط في حالة من الاضطراب بعد أكثر من 15 شهرا من الحرب، فضلا عن الأوضاع في سوريا وإسرائيل التي تعاني من ندوب دولية بسبب سلوكها في الحرب في غزة.
وقالت الصحيفة - في تحليل أوردته اليوم الاثنين- إن ترامب سوف يبدأ ولايته الثانية بشكل أقوى وأكثر هيمنة كلاعب على الساحة العالمية مقارنة بما كان عليه عندما أدى اليمين قبل ثماني سنوات، غير أن العالم الذي ينتظره مختلف تمام الاختلاف مما كان عليه عندما ترك الرئاسة قبل أربع سنوات.
وأضافت أن ترامب يزعم في ولايته الثانية أن تركيزه سيكون منصبا على "أمريكا أولا" في المقام الأول على الجبهة الداخلية. وكان ترحيل الملايين من المهاجرين غير المسجلين أحد تعهداته الرئيسية في حملته الانتخابية، وتشير تعييناته الأولية إلى أنه جاد بشأن هذه الأولوية، ويحمل الاقتراح تساؤلات عملية وسياسية .
وذكرت الصحيفة أن التعامل مع الاقتصاد المحلي من خلال خفض الضرائب والإنفاق والتغييرات التنظيمية كان وعدا رئيسيا آخر، في حين تشير استطلاعات الرأي إلى أن الاقتصاد -أو التضخم في الغالب- كان أكثر أهمية من القضايا الأخرى في فوز ترامب على نائبة الرئيس كامالا هاريس. غير أن العديد من خبراء الاقتصاد قالوا إن أجندة ترامب الاقتصادية -بما في ذلك التعريفات الجمركية وتمديد التخفيضات الضريبية- قد تؤدي إلى جولة جديدة من التضخم والمزيد من الديون .
ومضت الصحيفة تقول إن الصين تشكل تحديات أخرى لترامب، الذي هدد بفرض تعريفات جمركية جديدة كبرى على دولة تعاني من مشاكل اقتصادية خطيرة وطموحات عسكرية متنامية. وفي الوقت نفسه، أصبحت حكومات الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة في أوروبا، لا سيما فرنسا وألمانيا، ضعيفة في ظل صعود الأحزاب اليمينية الشعبوية.
ولفتت الصحيفة إلى أن ترامب يفتخر بأنه صانع صفقات. وبدا نهجه في السياسة الخارجية في ولايته الأولى وكأنه نهجا شخصيا أكثر من كونه نهجا استراتيجيا. وفي ولايته الثانية، ربما يجد صعوبة أكبر في العمل مع رؤساء مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينج والزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون.
وقال دانييل بنيامين، رئيس الأكاديمية الأمريكية في برلين، إن أحد أكبر التغييرات منذ تولى ترامب منصبه آخر مرة هو ما أسماه "محور المقاومة"، الذي يضم روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية: "هذا هو الآن واقع ثابت".
ونسبت الصحيفة إلى أحد الدبلوماسيين الأوروبيين السابقين -الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته كي يتمكن من التعليق المداولات الداخلية- "إن الأمر ليس مثل الحرب الباردة القديمة ولكن يمكنك أن ترى نمطا عالميا من التدافع والتوتر".
وفي هذه البيئة، يُنظر إلى خصوم ترامب المتنافسين على أنهم أقل ميلا إلى عقد صفقات قصيرة الأجل تعود بالنفع على الرئيس القادم.
وأضافت الصحيفة أنه ربما تصبح الحرب في أوكرانيا أول اختبار لترامب، نظرا للوضع في ساحة المعركة هناك وإرهاق القوات الأوكرانية المستنفدة وتراجع الدعم في الولايات المتحدة، لاسيما بين الجمهوريين، للاستمرار في تقديم المساعدة لكييف، مشيرة إلى أن تحركات ترامب المحتملة بشأن أوكرانيا تشكل مصدر قلق كبير بين حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا، الذين كانوا جزءا من التحالف الذي جمعه الرئيس جو بايدن في البداية والذين لديهم قضايا أمنية خاصة بهم اعتمادا على ما يحدث.
وفيما يتعلق بالشرق الأوسط أشارت نيويورك تايمز إلى إنه لدى ترامب الفرصة للمساعدة في إعادة تشكيل الشرق الأوسط، ولكن هناك تساؤلات كبيرة من بينها ما هو موقفه تجاه إيران؟ وهل سيرى فرصة للتفاوض أم سيتخذ نهجا متشددا للغاية؟
وفي الشأن الفرنسي قالت الصحيفة إن ترامب سيتولى منصبه مع بعض حلفاء الولايات المتحدة الضعفاء والغارقين في المشاكل الداخلية. لقد تعرض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لسلسلة من الهزائم السياسية في الأشهر الأخيرة، بينما في ألمانيا، انهارت حكومة المستشار أولاف شولتز الائتلافية، مع اقتراب الانتخابات الجديدة كما أن حكومة كوريا الجنوبية في حالة من الاضطراب بعد عزل الرئيس يون سوك يول. وشهد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو استقالة نائبه كنوع من الاحتجاج.
ووفقا للصحيفة سوف يرى الأوروبيون ترامب اليوم بشكل مختلف عما كان عليه في بداية ولايته الأخيرة. فقد جاء فوزه الثاني كمفاجأة للعديد من المحللين الأوروبيين، ويتم التعامل مع أجندته الآن بجدية أكثر من أي وقت مضى. إن استفزاز ترامب لحلف شمال الأطلسي يشكل مصدر قلق مستمر واحتمال فرض تعريفات جمركية جديدة يقلق بشدة حلفاء أمريكا، الأوروبيين.
ويسود شعور بين المحللين السياسيين، بأن ترامب سيصل إلى ولايته الثانية وهو أكثر استعدادا لتنفيذ أولويات سياسته الخارجية. ويقولون إن ترامب يبدأ ببعض الأصول الواضحة لتعزيز قدرته على تشكيل الأحداث في جميع أنحاء العالم ولكن ربما وسط مساحة أقل للتفاخر. وكما أشار روبن نيبليت وهو زميل بارز في تشاتام هاوس، وهو مركز أبحاث مقره لندن فإن "تكلفة إلقاء ثقله في كل مكان قد تكون أعظم في عالم أكثر خطورة".