ألقت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية الضوء على فشل منظومة مكافحة الحرائق الأمريكية في التعامل مع حرائق مدينة لوس أنجلوس في ولاية كاليفورنيا.
وأشارت الصحيفة -في تقرير لها اليوم السبت- إلى أن النظام البيئي في مدينة لوس أنجلوس يتميز بالغابات الكثيفة، وتعتبر حرائق الغابات في الجبال أمرا معتادا كل عام، ولكن عندما انتقلت هذه الحرائق إلى الأحياء السكنية في وقت لاحق من هذا الأسبوع، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 11 شخصا وتدمير آلاف المنازل، وجدت المدينة نفسها فجأة في مواجهة وضع البقاء على قيد الحياة.
وأوضحت الصحيفة أن السؤال الحاسم أصبح هو لماذا لم تتمكن أكبر مدينة في ولاية كاليفورنيا، وهي ولاية أنفقت سنوات في تعزيز نفسها ضد حرائق الغابات، من إيقاف الحرائق هذه المرة، حيث كانت اللوائح الحكومية تتطلب من السكان في الأحياء عالية المخاطر أن يقوموا بإنشاء مناطق خالية من النباتات حول منازلهم، كما استثمرت الولاية مليارات الدولارات لتقليل كمية الوقود الخشبي الذي يمكن أن تلتهمه النيران، كذلك تمتلك أكبر قوة إطفاء في البلاد.
ومع ذلك، خلال بضعة أيام، اختفت المجتمعات القديمة والمعالم المحبوبة، وترك السكان يتساءلون عن السبب.
وقال الخبراء إن عدة عوامل رئيسية - بما في ذلك التوسع الحضري، ومقاومة إزالة النباتات حول المنازل، ونظام المياه الذي لا يصمم للتعامل مع عدة حرائق كبرى في نفس الوقت - جعلت لوس أنجلوس عرضة للكوارث، ومع احتدام تغير المناخ، الذي يسبب درجات حرارة قياسية، مما يجعل التلال مستعدة لتصبح مواقع خصبة لاندلاع حرائق كبيرة، ساهمت هذه العوامل في الكارثة.
وقال تيموثي إنجالسبي، المدير التنفيذي لمؤسسة "فاير فايتر يونيتد فور سيفتي،إيثيكس أند إيكولوجي" في ولاية أوريجون:"كان هناك الكثير مما كان يمكن ويجب القيام به، وقبل عقود من معرفتنا بتغير المناخ، كنا نعلم أن هذا النوع من التوسع الحضري يمثل مخاطرة كبيرة".
ولطالما كانت عيوب التخطيط التي تفاقمت بسبب حرائق الغابات مشكلة مستمرة في جنوب كاليفورنيا، والمجتمعات التي دمرتها الحرائق، مثل ألتا دينا و"باكِفيك باليسيدز"، تم بناؤها قبل عقود في سفوح الجبال التي تحترق بشكل متكرر، وهذه المناطق مليئة بالمنازل المنفردة الواقعة على شوارع ضيقة ومتعرجة، مما يجعل الدفاع عنها وإخلاءها أمرا صعبا.
وقالت الصحيفة إنه ما كان يعتبر خطوة خطيرة في ذلك الوقت أصبح الآن أكثر خطورة، حيث أدى الجفاف وارتفاع درجات الحرارة وقمع الحرائق لعقود إلى نشوء حرائق أكبر، وفقا للخبراء.
وأظهرت الدراسات التي تناولت تأثيرات تغير المناخ أن شدة الحرائق زادت في ولاية كاليفورنيا بنسبة 30% بين الثمانينيات والعقد الأول من القرن الواحد والعشرين، بينما تزداد احتمالية أن تلتهم النيران منازل تقع على أو بالقرب من الأراضي البرية في مقاطعة لوس أنجلوس، فإن شدة الطقس المتطرف تتصاعد.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بحلول صباح اليوم السبت، كان أكثر من 70% من المناطق المتضررة من الحرائق في مقاطعة لوس أنجلوس تقع في مناطق حددتها الدولة على أنها ذات مخاطر حرائق عالية جدا، ووفقا لتحليل أجرته "واشنطن بوست" باستخدام بيانات من إدارة الغابات والحماية من الحرائق في كاليفورنيا ومركز الحرائق الوطني المشترك، وانتشرت حرائق "باكِفيك باليسيدز" عبر منطقة كانت بالكامل تقريبا تحت تصنيف الخطر العالي.
ومن جانبه، قال زيكي ليندر، خبير في خرائط الحرائق في "شيكو"، ولاية كاليفورنيا، ومدير موقع "ذا لوك أوت" المتخصص في تقديم المعلومات حول الحرائق: إن موقع وتصميم حي "باكِفيك باليسيدز"، الذي يقع بين حديقة "توبانجا" الحكومية والمحيط الهادئ، جعله عرضة للغاية للحرائق، وكان من المستحيل تقريبا حمايته.
وأضاف ليندر:"إن المنازل تقع بشكل مثالي في اتجاه الرياح السائدة من نوع "سانتا آنا" (الرياح الدافئة التي تهب من الداخل إلى الساحل في جنوب كاليفورنيا)."بعد أن تم بناء المدينة، أصبح من المستحيل التفكير في هذه الأمور".
وقبل أن تهدد النيران المنازل، يقول الخبراء إن واحدة من الخطوات القليلة التي يمكن أن يتخذها أصحاب المنازل لجعل ممتلكاتهم أكثر مقاومة للحرائق هي إزالة الأعشاب والشجيرات، وبالتالي تقليل ما يغذي الحرائق، وفي كاليفورنيا، يطلب من الأشخاص الذين يعيشون في المناطق المعرضة للخطر الحفاظ على منطقة عازلة حول منازلهم - وهي منطقة خالية من النباتات تمتد بمقدار خمسة أقدام تعرف باسم "المساحة الدفاعية".
لكن في الواقع، لم يتم الالتزام بالقوانين بشكل متساو فقد كان العديد من أصحاب المنازل مترددين في إزالة الأسوار الخشبية أو إعادة زراعة حدائقهم أو تقليم الأطراف السفلية لأشجار الصنوبر، كما أظهرت الصور الجوية لحي "باكِفيك باليسيدز" التي تم التقاطها قبل اندلاع الحريق أن المنازل كانت محاطة بالمساحات الخضراء، وهو مشهد شائع في المناطق الراقية حيث يولي السكان خصوصية عالية.
كما أشارت الصحيفة إلى أن نظام المياه في ولاية لوس أنجلوس لم يكن مصمما لمكافحة الحرائق، وعندما اندلعت عدة حرائق، عجز النظام عن تلبية الطلب على إطفاء الحرائق.
وفي الوقت الذي كان فيه رجال الإطفاء يتسابقون لإخماد النيران، كانت خزانات المياه التي تخزن المياه لبعض أجزاء المدينة وأنظمة الضخ التي تنقلها لا تستطيع مواكبة الطلب الهائل لإطفاء الحرائق.