الرئيس السيسي: مصر ليست لديها «أجندة خفية»
صورة أرشيفية
- تحليل إخباري يكتبه: عبداللطيف حامد
من أكتوبر 1973 إلى أكتوبر 2024.. مسيرة طويلة قطعتها مصر، وأحداث جسام مرت بها، وفي كل مرة تثبت مصر أن العزيمة والإصرار قادران على جعل المستحيل واقعا، فالنصر الذي تحقق منذ 51 عاما، والذي لم تزل حتى وقتنا الحالي تتكشف أسراره وكواليسه، جاءت القيادة السياسية الحالية لتستكمله بـ «نصر جديد». فـ تحرير الأرض» فى أكتوبر 1973، تبعته معركة تحرير ثانية شعارها «التنمية والتطوير والاستثمار»، وفي غضون سنوات قليلة، تمكنت مصر من تحقيق الحلم» على أرض سيناء التي ظلت السنوات وسنوات خارج مربع التنمية». غير أن هذا الأمر انتهى. وأصبحت «أرض الفيروز» جزءا مهما وأساسيا في مخططات التنمية التي شملت ربوع مصر كافة، وبدأت الدولة في إنشاء المصانع والمجمعات الصناعية والسكنية.
إلى جانب المشروعات الزراعية التي أضافت للرقعة الزراعية المصرية ألاف الأفدنة التي تؤمن غذاء المصريين وتضع مصر على طريق تحقيق الاكتفاء الذاتي».
«الرؤية الثاقبة»، كلمة السر في تحرير وتعمير سيناء»، وهو ما أوضحه الرئيس عبد الفتاح السيسى، في كلمته خلال حضوره اصطفاف تفتيش حرب الفرقة السادسة المدرعة بالجيش الثاني الميداني بمحافظة الإسماعيلية.
الرئيس السيسي، تحدث أيضا عن أهمية الرؤية الثاقبة لقيادة الدولة المصرية خلال فترة حرب أكتوبر وما تلاها والتي تجاوزت عصرها وظروفها وحالة المنطقة آنذاك، وقاتلت وانتصرت وسعت من أجل استعادة الأرض وتحقيق السلام.. وقال: «إن السلام خيار استراتيجي للدولة المصرية، ليس لدينا فى مصر وقواتها المسلحة ومؤسسات الدولة أية أجندات خفية».
وأضاف الرئيس السيسى: الدولة المصرية حققت النصر في أكتوبر 1973 رغم فارق الإمكانيات بالإرادة والرؤية العبقرية التي سبقت عصرها، وحققت لمصر السلام حتى الآن، والحرب هي الاستثناء، والسلام والبناء والتنمية هما الأساس، وكان ما يحدث في المنطقة اختبارا حقيقيا لهذه الاستراتيجية.
مشيرا إلى أن الأوضاع الحالية في المنطقة تؤكد أن رؤية قادة السلام فى مصر بعد حرب أكتوبر 1973 ، كانت شديدة العبقرية وكانت سابقة لعصرها».
وأضاف، أن فترة ما قبل حرب أكتوبر، كانت فترة صراع وكراهية شديدة في المنطقة، فضلا عن فرق الإمكانيات التي لم تكن في صالح الجيش المصري حينها ورغم هذه الفوارق، كانت إرادة القتال لدى الجيش المصرى والشعب عاملا مهما للغاية لتحقيق النصر».
كما أثنى الرئيس السيسى - في كلمته - على القيادة السياسية في هذا الوقت، حيث كانت لها رؤية بعيدة جدا، واستطاعت أن تتجاوز عصرها باستعادة الأرض ودفع العملية للسلام، مؤكدا أن القوات المسلحة دورها هو الحفاظ على أراضي الدولة وحماية حدودها وهو أمر يعد أفضل المهام وأشرفها.
وشدد الرئيس السيسى، على أن مصر ليست لديها أجندة خفية تجاه أحد.. قائلا: «أتوقف عند نقطة هامة أود التأكيد عليها، ليس لدينا في مصر، ولا القوات المسلحة ولا الدولة المصرية أو أي مؤسسة من مؤسساتنا، أجندة خفية تجاه أحد».
ولفت إلى أن الحرب هي استثناء، لكن الحالة العامة هي السلام والاستقرار والبناء والتنمية.. وقال: خلال الـ 51 سنة الماضية كنا في اختبار حقيقي لإرادة مصر فى الحفاظ على السلام كاستراتيجية تبنتها مصر لحماية حدودها وأرضها لذلك اليوم بعد مرور تلك المدة الطويلة، أتصور أننا يجب أن نتوقف جميعا أمام هذه الحالة المصرية. وأمام القادة الذين كانوا متواجدين في هذه الفترة سواء عندنا أو في إسرائيل فالكثير ممن يسمعونني اليوم لم يعاصروا تلك الفترة، ومن الممكن أن يقرأوا عن تلك الحالة، وهذا أمر جيد، لكن هناك فرقا كبيرا
بين القراءة عنها ومعاصرتها».
وأضاف الرئيس السيسى أن ما نعيشه اليوم من صراع وقتال وحالة من الغضب والكراهية، كان موجودا في تلك الفترة بشكل أو بآخر، على مستوى المنطقة بأكملها»، متسائلا : «كيف تجاوزت القيادة في تلك الفترة في مصر، وحتى في إسرائيل الأحداث، وجرت إقامة سلام ينهى حالة الحرب؟».
وتابع الرئيس السيسى، أن مصر اليوم لديها موقف ثابت لا يتغير، وموقف عادل تجاه قضية عادلة، وهى القضية الفلسطينية». مؤكدا حق الشعب الفلسطيني أن يعيش فى دولة مستقلة جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل، وقال: أتحدث ليس فقط باسمي وباسم مصر لكن استطيع أن أتحدث باسمى واسم كل أشقائنا في المنطقة العربية. مشددا على أنه إذا تحقق هذا الأمر سيفتح آفاقا حقيقية وموضوعية للسلام والتعاون على مستوى المنطقة والإقليم بالكامل.
وأكد الرئيس السيسى أن القضية الفلسطينية محورية في وجدان الجميع.. وقال: «إن إقامة دولة فلسطينية جنبا إلى جنب مع الدولة الإسرائيلية حماية للمواطن الإسرائيلي والمواطن الفلس سطيني و ي، وهذا موقفنا الثابت الذي تؤكد عليه دائما، ونقول إنها قضية عادلة، حيث يعلم ذلك المجتمع الدولي بالكامل، ويعترف به، ولكن المهم أن يتحول اعترافنا ومعرفتنا إلى عمل من أجل تحقيق هذا الأمر».
وقال الرئيس السيسي: إن مصر تسعى خلال المرحلة الحالية إلى تحقيق ثلاثة أهداف لم تتغير منذ 7 أكتوبر من العام الماضي وهي : وقف إطلاق النار وعودة الرهائن، ثم إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، حيث يعانى أكثر من مليوني إنسان منذ حوالى سنة
وأضاف الرئيس السيسي: «لقد سقط أكثر من 40 ألف ضحية ثلثهم من النساء والأطفال، وأكثر من 100 ألف مصاب، وهذا ثمن كبير جدا، كما أن حجم الدمار لا يقتصر على البنية العسكرية، بل يشمل البنية الأساسية للقطاع، مثل المستشفيات والمدارس ومحطات المياه والكهرباء والمساكن العادية.. ونحن حريصون على تحقيق هدفنا وتؤكد أنه حتى بعد انتهاء الحرب فالخيار هو إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس وذلك لوضع نهاية للصراع والكراهية».
وتابع الرئيس قائلا «لقد خضنا تجربة في مصر تعد درسا للعالم، حيث حققت ما لم تتمكن الحروب من تحقيقه خلال الـ 51 سنة، معربا عن كل الشكر والتقدير للقوات المسلحة على جاهزيتها الدائمة ووطنيتها وعقيدتها الشريفة.
وأشار إلى أن القوات المسلحة المصرية واجهت اختبارا حقيقيا خلال عام 2011، الذي كان يستهدف جناحي الأمة فى مصر وهما: الجيش والشرطة الإسقاط الدولة المصرية في اقتتال أهلى ضخم جدا يستمر ويأكل كل فرص التنمية، مثمنا في الوقت نفسه دور القوات المسلحة في هذا التوقيت لحماية الأمن القومي والشعب المصرى من تداعيات فترة تعد من أصعب الفترات التي مرت بها الدولة المصرية.
وأكد الرئيس السيسى صعوبة الفترة التي تلت أحداث 2011 لمحاربة ومكافحة الإرهاب التي استغرقت ما يقرب من حوالي 10 سنوات مهنئا - في الوقت نفسه - القوات المسلحة والشرطة والدولة المصرية على الجهود التي بذلت خلال هذه المهمة الصعبة التي لا تستطيع الكثير من دول العالم إنجازها.
وحيا الرئيس السيسى، تضحيات الشهداء والمصابين الذين سقطوا خلال معركة مكافحة الإرهاب، مقدما خالص الشكر لأسرهم مؤكدا أنه على الرغم من القوة التي تتمتع بها القوات المسلحة، إلا أنها قوة رشيدة تتسم في تعاملها بالتوازن الشديد.
وشدد الرئيس السيسي، على أن سياسة مصر الخارجية تتسم بالتوازن والاعتدال الشديد والحرص على عدم إذكاء الصراعات»، مبينا أن القوات المسلحة تعد جزءا من الشعب المصري».
كما شدد على تقديره لشرف العسكرية المصرية وعزة ومكانة العقيدة العسكرية المصرية الحريصة دائما على الحفاظ على الأمن والاستقرار وحدود الدولة وحماية مصالحها القومية بعقل ورشد وتدبر.
وقال الرئيس السيسى إن القوات المسلحة والدولة المصرية لم تتكلم يوما ولم يكن همها إلا محاربة التخلف والجهل والفقر ولا نضيع قدراتنا في ممارسات قد لا تكون عائدة بالنفع»، مجددا التأكيد بأن الدولة المصرية ليس لديها أجندة خفية ضد أحد. كل ما تبغيه أن تعيش فى سلام على حدودها سواء الحدود الشمالية الشرقية أو الجنوبية أو الغربية أو
حتى عمق هذه الحدود.
وأكد الرئيس أهمية التعايش والتعاون وأولوية البناء والتنمية وليس الصراع.. قائلا إن الدولة المصرية تريد أن تعيش وتتعاون لأن تجربتها تثبت أن التعاون والبناء والتنمية أفضل من الصراعات والاقتتال».
وفي نهاية كلمته، أعرب الرئيس السيسي عن شكره للقيادة العامة للقوات المسلحة وقيادة الجيش الثانى وقائده اللواء ممدوح جعفر وقائد الفرقة السادسة المدرعة العميد طاهر غريب طاهر على الجهد المبذول.. قائلا: «أرجو أن تبلغ الفرقة تقديري واحترامی و اعتزازی بهم وبمستوى اصطفاف اليوم، وربنا - سبحانه وتعالى - يحمينا ويحمى بلادنا من كل شر وسوء، وطالما القوات المسلحة ظلت يقظة ومنتبهة ومستعدة ومدربة وأمينة وشريفة فلا خوف أبدا.. شكرا جزيلا وكل سنة وأنتم طيبون ومصر بخير، وإن شاء الله خلال الشهور القادمة نتمنى أن نتجاوز المحن والظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة.
نصر أكتوبر قصة كفاح
وفي كلمته، أكد اللواء ممدوح جعفر، قائد الجيش الثانى الميداني أن حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، يحب أن تنظر لقادتها وأبطالها دائما بكل اعتزاز وفخر وتقدير، ولا تمثل لنا تلك الحرب مجرد انتصار عسكري ولكنها تجسد قصة كفاح طويلة لوطن تلاحم فيه الشعب مع جيشه فى تقدير كامل من الجميع للمسئولية الوطنية حيث نجحوا في العبور بالوطن من وضع يملؤه اليأس والتشاؤم إلى مرحلة جديدة تملؤها الثقة والأمل في تحرير الأرض وبناء مستقبل أفضل، وقد أفرزت هذه الحرب أجيالا جديدة لديها من الإرادة ما تتحدى به الصعاب وتحقق المستحيل.
وأشار «جعفر» إلى أنه قد تجلت هذه الإرادة وهذا التلاحم بين الجيش والشعب خلال أحداث عام 2011 وما تلاها، وأفشلت كافة محاولات الوقيعة أو الفصل بينهم وذلك لأسباب بديهية، فمن يقف خلف الأسلحة والمعدات المصطفة هم أبناء الشعب ومن كان قبلهم ومن سيأتي بعدهم هم أيضا أبناء الشعب جيل يسلم جيلا، وحينما ينادي الوطن يلبى النداء ملايين من أبناء شعب مصر العظيم»، مشددا على أنه سيظل التاريخ شاهدا على أن ما تصدت له القوات المسلحة من مؤامرات حيكت عبر عشرات السنين ولا تزال للنيل من هذا الوطن أثبتت أننا كنا وما زلنا خير أجناد الأرض».
وأضاف قائد الجيش الثانى الميداني غاية الحرب هي السلام ولا عجب في ذلك، فالحرب إحدى مراحل السياسة وأسوأها فلا يتم اللجوء إليها إلا عند تعارض المصالح وانسداد قنوات الحوار السلمية، وبعد الحرب لا سبيل إلا للعودة للحوار من أجل السلام، وفي بعض الأحيان تفرض الحروب دون تعارض المصالح من أجل أطماع أو أهداف واهية لا تتفق مع المواثيق الدولية والحقوق الإنسانية، ولم نكن نتمنى أن نرى العالم بعد كل ما وصل إليه من حضارة وتقدم ورشد تندلع فيه الصراعات المسلحة غير المبررة خاصة في منطقة الشرق الأوسط، رغم أن شواهد التاريخ تؤكد أن السلام يحقق ما تعجز الحروب عن تحقيقه ولكن إذا كان هذا قدرنا فنحن بعون الله أهلا له وقادرون على مواجهته.
وشدد «جعفر» على أن مصر دولة عظيمة بتاريخها وشعبها، وهي من أقدم دول العالم ومهد لحضارته، ولديها من التاريخ والخبرات والتجارب ما تقدمه للعالم والمنطقة كنموذج السلام والرشد، ودائما ما تشير القيادة السياسية منذ توليها المسئولية إلى أن مصر تدير سياستها بشرف وهدفها الوضوح والشفافية، وأن خيارها الاستراتيجي هو السلام والأمن للجميع، ويقينا فإن خيار السلام لا بد له من قوة تحميه وتدعمه، قوة غير موجهة لأحد، ولكنها تطل برأسها وتقف حصنا منيعا لهذا الوطن ضد من لا يفهم غير هذه اللغة أو تسول له نفسه المساس بأمن مصر واستقرارها.
وأشار «جعفر»، إلى أن الجيش الثانى الميداني يعتز بما يكلف به من مهام ويفخر بما يحققه من نتائج، مؤكدا أنهم يراقبون ويحللون جميع الأحداث من حولهم قائلا ندرك حجم المخاطر والتحديات التي يمكن أن تفرزها هذه الأحداث ونضع الخطط والسيناريوهات المختلفة للتعامل مع هذه الأحداث ونعلم كيف وأين ومتى نتواجد بناء على توجيهات القيادة السياسية محافظين على الأمن القومى المصرى داخل وخارج البلاد وجاهزين لأى مهام نكلف بها».
وتابع «جعفر»: وفقا للمادة 200 من الدستور المصرى فإن القوات المسلحة المصرية ملك للشعب ومهمتها حماية البلاد والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها، ووفاء لهذه المهمة الجليلة توجه قائد الجيش الثانى الميداني برسالة قال فيها إننا نثق في رشد القيادة وأن قلوبنا وعقولنا يملؤها إيمان راسخ وثقة وتفاؤل وأننا قادرون على استكمال ما بذل من جهد وما قدم من تضحيات للحفاظ على قوات مسلحة قادرة على الحفاظ على هذا الوطن وسلامة أراضيه.
وحول أهمية الاصطفاف»، تحدث اللواء محمد ثروت الخبير الاستراتيجي، مؤكدا أنه من الضرورى
أن يعى الجميع أن تفتيش الحرب أحد الالتزامات التدريبية المخططة خلال العام التدريبي للقوات المسلحة، والهدف منه هو التأكد من جاهزية التشكيل للاستعداد للحرب، وكذا التأكد من إجراء كافة مستويات التدريب بشكل احترافي»، مضيفا أن «الرسالة الهامة هي الردع والتلويح بالقدرات والإمكانيات للقوة المصرية دون استخدامها مع التأكيد على جاهزية القوات المسلحة للدفاع عن أمنها القومى ضد أي تهديدات «ثروت»، أضاف أنه « منذ تولى الرئيس السيسى المسئولية في
عام 2014، وشرع في تنفيذ خطة تنويع مصادر السلاح بهدف الوصول بالقوات المسلحة المصرية إلى أعلى مستويات التطوير والتسليح في كافة أفرع القوات المسلحة المصرية، فشهدنا تطوير القوات الجوية بالطائرات الرافال الفرنسية وكذا الميج 29 والعديد من القطع البحرية ومنظومات الدفاع الجوى، وذلك حتى تكون القوات المسلحة المصرية قادرة على القيام بدور الردع وحماية أمن وسلامة الدولة المصرية وحدودها».
وأكمل: خطة التطوير التي نفذت خلال العقد الأخير جعلت القوات المسلحة المصرية تصل لترتيب متفوق عالميا، الأمر الذي يجبر العالم على النظر للدولة المصرية نظرة احترام وتقدير، بما يحفظ وزن وثقل مكانة الدولة المصرية فى منطقتنا وبين العالم أجمع.
كما أوضح «ثروت» أن إجراءات تفتيش الحرب للفرقة السادسة يعتبر ترجمة لنتائج تنفيذ تلك الخطة الناجحة، وتفتيش الحرب اليوم رسالة ردع لكل من يفكر فى تهديد الأمن القومى المصرى من خلال إظهار قدرات القوات المسلحة، فمصر تتبع استراتيجية ردع وتستهدف تحقيق السلم فى كل وقت، والجيش المصرى يدافع عن حدود الدولة المصرية ويحمى الأمن القومي.