الثلاثاء 2 يوليو 2024

هربًا من الولايات المتحدة .. كندا قِبلة المهاجرين

3-3-2017 | 14:36

 

أ ف ب :

تتوقف سيارة الأجرة قرب رصيف في بلدة تشامبلاين الواقعة في ولاية نيويورك وتترجل منها عائلة مؤلفة من الأب والأم وولدين، وتبدأ المشى بخطى سريعة حتى نهاية الطريق وصولًا إلى جدول يشكل الحدود بين الولايات المتحدة وكندا.

وقال الوالد محمد أحمد "لقد وصلنا من جيرزى سيتى" قرب نيويورك التي تبعد أكثر من 500 كيلومتر إلى الجنوب.

 وفى أثناء المشى، يحكى هو وزوجته كيف غادرا باكستان قبل 11 شهرًا، بعدما تلقيا تهديدات بالقتل.

ويؤكدان أن العائلة كانت تريد "طلب اللجوء في الولايات المتحدة، لكننا الآن، نشعر بخوف شديد من عمليات الترحيل، بسبب سياسة ترامب".

وعلى الجانب الكندى من الحدود، يحذرهما شرطيان كنديان من أنهم سيتعرضون جميعا للتوقيف، لأنهم دخلوا كندا بطريقة غير قانونية، ورد الوالد "لا نبالى، نريد فقط اجتياز الحدود".

يجتاز الجدول، ويبرز جواز سفره، ثم يعود لمساعدة ابنته (3 سنوات)، ثم زوجته التي تحمل رضيعهما (3 أشهر) على اجتيازه.

وخلال دقائق، وجد الأربعة المطمئنون، كما تشى بذلك وجوههم الفرحة، أنفسهم في كندا، وكانت عملية العبور أسهل مما تصوروا، لأنهم كانوا يتخوفون من أن يؤدى الطقس المعتدل فى الأيام الأخيرة، إلى تسريع ذوبان الثلوج.

ونقلتهم الشرطة الكندية إلى المركز الحدودي الرسمى فى لاكول الذي يبعد حوالى عشر دقائق، حيث سيخضعون للاستجواب ويتم تسجيل طلب اللجوء الذى يقدمونه، وإذا كان كل شيء على ما يرام، يستطيعون بعد ذلك الانطلاق الى مونتريال التى تبعد 65 كلم شمالًا.

فى أقل من يومين هذا الأسبوع، اجتاز أكثر من 70 شخصًا الجدول، كما يفيد تعداد لوكالة فرانس برس وعناصر الشرطة المحليون، ومنهم عائلات من هايتي وكولومبيا ومن بلدان يشكل المسلمون أكثرية سكانها.

وسارعت عائلة سورية مقيمة في الولايات المتحدة منذ 18 شهرا، والتي كانت ابنتها البكر ستنهى دروسها الثانوية فى يونيو، إلى مغادرة البلاد بعد مرسوم الهجرة الذي أصدره دونالد ترامب في 27 يناير ويشمل سبعة بلدان مسلمة، منها سوريا.

وقد علق القضاء الأميركى تطبيق المرسوم، لكن مرسوما آخر، أكثر صلابة من الناحية القانونية، سيصدر عما قريب.

وتؤكد مليسا بيشاو، الجدة التي تسكن في بيت صغير يبعد 50 مترا عن الجدول على الجانب الأميركي، إن عمليات العبور "مستمرة بوتيرة ثابتة منذ تسلم ترامب الحكم".

وأضافت "كنت من قبل اخرج من المنزل لأرى ما يحصل، أما الآن فما عدت اخرج، لأنى أعرف" ماذا يجري.

ويصل البعض بالحافلات حتى بلاتسبورغ، آخر محطة قبل الحدود. وحتى يجتازوا الـ 40 كلم الأخيرة حتى الجدول، يطلبون سيارة أجرة ويضطرون إلى دفع 200 إلى 300 دولار، كما تقول دنيز كوينت، الموظفة فى فندق صغير قريب من موقف الحافلات.

وأكدت أن الفندق يستقبل منذ بداية فبراير، "أسبوعيًا 10 إلى 25 مهاجرا" غالبًا ما ينطلقون إلى الحدود عند الفجر، مخلفين وراءهم قسما من أغراضهم الشخصية.

ويأتي آخرون بالسيارة مباشرة من نيويورك، أو من ولايتى ماساشوستس ونيوجيرزي المجاورتين.

وما زالت الأرقام ضعيفة، بالمقارنة مع آلاف المهاجرين الذين يواصلون شهريًا عبور البحر المتوسط إلى أوروبا.

وإذا كانت السلطات الكندية ترفض حتى الآن إقامة صلة مباشرة مع سياسات إدارة ترامب، لكنها تعترف مع ذلك بأن طالبى اللجوء الآتين من الولايات المتحدة، قد ازدادوا يناير، وخصوصا عبر كيبيك، ويثير هذا الاتجاه الغضب، فيما كانت الولايات المتحدة تعتبر حتى الآن، وقبل أى شىء آخر، بلد هجرة.

وعلى مقربة من الجدول، تتناثر مخلفات عمليات العبور السريعة، كعبوات الماء والقفازات والقبعات الضائعة، وعربات الأطفال المتروكة، وتذاكر السفر المأخوذة من عدد كبير من شركات الطيران العربية، وهواتف محمولة أحيانًا.

وتشهد حقيبة بلاستيكية متروكة على رحلة قام بها زوجان سودانيان، ففيها صفحتان مبللتان، ومكتوبتان بلغة انجليزية ركيكة، يشرحان فيهما كيف غادرت أسماء إلياس وزوجها أيمن، السودان حتى لا تتعرض ابنتهما المولودة في 2014 للختان، وبعد أشهر فى السعودية، سافرا إلى واشنطن في السابع من سبتمبر 2016، قبل شهرين من انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة.

وتثبت هذه الوثيقة أنهما تعهدا في أواخر سبتمبر بأن يدفعا لمكتب محامين في فيرجينيا 3500 دولار للدفاع عن طلبهما بالحصول على اللجوء، وتفيد كتيبات وبطاقة مستشفى توليد في فيرجينيا أن المرأة كانت حاملًا.

ولا تكشف هذه الأغراض الشخصية عن أسباب ذهابهم إلى كندا. لكن الشرطي في كيبك لا تساوره الشكوك. ويؤكد أن "القادمين بدأوا فعلًا بالوصول" بالتزامن مع صدور مرسوم الهجرة أواخر يناير. وخلص إلى القول أن "أعداد الواصلين كثيرة الآن، كما لو أن المرسوم احتاج إلى بعض الوقت حتى يستوعبه الناس".