فرضت إسرائيل حصارًا كاملًا على قطاع غزة، كجزء من حرب الإبادة، التي شنتها في السابع من أكتوبر 2023، حيث أعلنتها صراحة: "لن يكون هناك طعام أو ماء أو دواء"، إمعانًا في إبادة الشعب الفلسطيني.
مصر تلبي نداء الإغاثة
ومع ذلك الوضع المتأزم، بدأ دور مصر التاريخي في إغاثة أهالي قطاع غزة، حيث سخرت جميع الإمكانيات والموارد المتاحة في هذا الصدد، وفي ذات الوقت، دعت جميع الدول والمنظمات الإقليمية والدولية الراغبة في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى أهالي غزة إلى إيصال تلك المساعدات إلى مطار العريش الدولي، حتى بات يُعرف على أنه "بوابة العالم إلى غزة".
شعبيًا، دشنت العديد من المؤسسات المصرية على رأسها المبادرة الرئاسية حياة كريمة، وبنك الطعام المصري، وبيت الزكاة والصدقات المصري، حملات لجمع التبرعات وتيسير القوافل للقطاع المحاصر.
ووفقًا لمعطيات رسمية، فإن مصر قدمت نحو 70 بالمائة من المساعدات التي دخلت قطاع غزة منذ بدء العدوان، وذلك مع تسهيلها إجراءات الشحن الجوي والبحري والبري لاستقبال هذه المعونات.
يأتي هذا فيما قدمت مصر خلال الـ200 يوم الأولى من العدوان، نحو 87 بالمائة من المساعدات، حيث بلغ حجم الأدوية والمستلزمات الطبية التي أدخلتها إلى القطاع عبر معبر رفح 10868 طنًا، ونحو 10235 طنًا من الوقود، و129329 طنًا من المواد الغذائية، و26364 طنًا من مياه الشرب، فيما بلغت كميات المواد الطبية التي دخلت القطاع من معبر رفح 43073 طنًا، بجانب 123 سيارة إسعاف مجهزة، حسبما أشارت إليه التقديرات.
أما فيما يتعلق بالفترة المتبقية، فقد شددت إسرائيل حصارها على القطاع، منذ مطلع مايو الماضي، بإغلاق معبري رفح "الجانب الفلسطيني" وكرم أبوسالم، ما أدى إلى تقويض عملية دخول المساعدات الإنسانية وتسبب في مجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين في القطاع، ولا سيما في الجزء الشمالي منه.
وعلى إثر ذلك، كثفت مصر جهود الإغاثة عبر الإسقاط الجوي للمساعدات، خصوصًا في المناطق التي يصعب الوصول إليها بسبب العمليات الإسرائيلية التى أعاقت انتقال المساعدات برياً، أو اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين على قوافل المساعدات.
وفي هذا السياق، شددت مصر على الأولوية البالغة للانسحاب الإسرائيلي الفوري من على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، حتى يتسنى نفاذ المساعدات بشكل آمن.
وعقد مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة في القاهرة في الثاني من ديسمبر الماضي، والذي شهد مشاركة وفود من أكثر من 100 دولة، يمثلون الدول ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية والمؤسسات المالية الدولية والمنظمات الإنسانية والمنظمات غير الحكومية .
وجاء المؤتمر في سياق جهود مصر الداعمة للاستجابة الإنسانية في غزة ولمواجهة الكارثة الإنسانية التي يعاني منها أبناء الشعب الفلسطيني بقطاع غزة، حيث يهدف المؤتمر لتأمين التزامات واضحة بتقديم المساعدات لغزة، وتعزيز الدعم الدولي لضمان استدامة الإستجابة للأزمة الإنسانية في غزة، وحشد الجهود لتوفير المساعدات الإنسانية العاجلة لأهل غزة، والتخطيط للتعافي المبكر داخل القطاع.
وطالبت مصر من خلال هذه النافذة إسرائيل بالاحترام الكامل لالتزاماتها، وفقًا للقانون الدولي الإنساني، وباعتبارها القوة القائمة بالاحتلال، مشددة على الحاجة إلي توفير المساعدات الانسانية وتهيئة الظروف الملائمة لتوزيعها وضمان وصولها إلى المدنيين المحتاجين إليها فى كافة انحاء قطاع غزة وضمان تسهيل النفاذ الإنساني السريع والآمن دون عوائق أو عقبات من خلال كافة المعابر.
الإغاثة مستمرة
وفور الإعلان عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، أكدت مصر على أهمية الإسراع في إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة لأهل غزة، لمواجهة الوضع الإنساني الكارثي الراهن، وذلك دون أي عراقيل، لحين تحقق السلام المستدام من خلال حل الدولتين، ولكي تنعم المنطقة بالاستقرار والأمن والتنمية في عالم يتسع للجميع.
وشددت على أهمية أن يؤدي تنفيذ الاتفاق إلى تزايد وتيرة النفاذ والتوزيع الآمن للمساعدات الإنسانية على أوسع نطاق في جميع أنحاء قطاع غزة، وفي الوقت نفسه، أنهت استعداداتها من أجل إدخال هذه المساعدات وتمهيدًا لإدخال أكثر من ذلك إلى قطاع غزة سواء من معبر رفح أو حتى من خلال معبر كرم أبو سالم.
وبحسب بنود اتفاق وقف إطلاق النار، الذي أعلن عنه -الأربعاء الماضي- فإن من المفترض أن يدخل يوميًا إلى غزة 600 شاحنة مساعدات إنسانية، 50 منها تحمل الوقود مع تخصيص 300 شاحنة للشمال.
ومع سريان الاتفاق صباح اليوم الأحد، عبرت شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة من الجانب المصري من معبر رفح، محملة بالمساعدات الطبية والغذائية.