أيقونة فنية متفردة، نسج اسمه بحروف من إبداع على صفحات المسرح والسينما والتلفزيون، رجلٌ حمل بين ضلوعه قلبًا ينبض بهموم البسطاء، وأخرج عبر صوته وكلماته ضحكاتٍ تمتزج بدموع الصدق. بدأ رحلته من فوق خشبة المسرح، حيث أسس فرقة «تحالف قوى الشعب العامل»، ليجعل من الفن وسيلة للتعبير عن القضايا الاجتماعية والسياسية بأسلوب يجمع بين العمق والبساطة، إنه المبدع الفنان صلاح عبد الله.
عندما تلتقي به تشعر ببساطة حياته وتلقائية حديثه وبحسه الكوميدي العالي، وعلى الرغم من بداياته الكوميدية، وتقديمه للكوميديا في العديد من الأدوار والشخصيات بالمسرح والدراما النلفزيونية والسينمتا إلا أنه فاجأ الجماهير العربية بتجسيد العديد من الشخصيات التراجيدية وأنماط عديدة من الشخصيات المركبة، ولم صلاح عبد الله يكن مجرد فنان، بل كان صوتًا شعبيًا، يتحدث بلسان الناس وينبض بروحهم، ليترك بصمة لا تُمحى في وجدان الفن المصري.
ذكرى الميلاد
ولد صلاح عبد الله في مثل هذا اليوم في 25 يناير عام 1955 في حي بولاق أبو العلا الذي عاش فيه ست سنوات من طفولته، لينتقل بعدها وهو في السابعة من عمره مع أسرته إلى حي بولاق الدكرور القريب، وهو ما يعلق عليه بقوله: «عشت أكثر من نصف عمري الأول ما بين بولاق أول وبولاق ثان، وهذا الذي كان وراح، واللي فات، والبركة في اللي آت».
لم يكن في طفولة الفنان المبدع صلاح عبد الله ما ينبئ بعشق الفن والاهتمام بعالم التمثيل، حيث ركز اهتماماته في كتابة الشعر السياسي والعمل بالنشاط السياسي المتاح لمن هم في مثل حالته، حتى أصبح أمين شباب حي بولاق الدكرور والدقي.
خشبة مسرح الجامعة
والتحق صلاح عبد الله بكلية التجارة للدراسة فيها، وجذبته فرقة تمثيل الجامعة، وأعجب بما تقدمه من عروض مسرحية على خشبة مسرح الجامعة، فقرر تكوين فرقة مسرحية للهواة أطلق عليها اسم «تحالف قوى الشعب العامل»، لأنها ضمت بعض العمال والحرفيين، بالإضافة إلى زملائه من الطلاب، وهو اتجاه لم يكن معمولا به في تلك الفترة.
ونجحت فرقة صلاح عبد الله، في لفت الأنظار إليها، حيث قدم من خلالها كممثل ومخرج للعديد من العروض المسرحية لكبار الكتاب في تلك الفترة ومنها «آه يا بلد» للمؤلف الكبير سعد الدين وهبة و«عسكر وحرامية» للكاتب الكبير ألفريد فرج.
قرر صلاح عبد الله ترك العمل بالسياسة، بعد انشغاله بالمسرح وحبه الكبير له، خاصه بعد نجاحه في كتابة أشعار لعدد من المسرحيات التي شارك بها في أدوار صغيرة ومنها «العسكري الأخضر» التي قام ببطولتها الفنان الكوميدي سيد زيان.
من مكتشف صلاح عبد الله؟
وعن مرحلة البدايات قال الفنان صلاح عبد الله في أحد الحوارات: «أدين بفضل اكتشافي للمخرج شاكر عبد اللطيف الذي قدمني في مسرحية «رابعة العدوية»، رشحني بعدها للانضمام لفرقة «ستديو 80» التي كونها الفنان محمد صبحي والمؤلف لينين الرملي، وكانت البداية بمسرحية «المهزوز» و«إنت حر».
ويذكر أن المبدع الفنان صلاح عبد الله فنان الخروج على النص في العروضالمسرحية التي قدمها، ولكن من دون إسفاف وهو ما دفعه للدفاع عن ذلك المفهوم بقوله: «أساء الناس فهم كلمة خروج عن النص واعتقدوا أنها خروج عن حدود الأدب، ولكن أنا أرى عكس ذلك؛ فالممثل ما دام يمتلك الخبرة والقدرة والتمكن الذي يستطيع به أن يخرج في الحدود التي لا تتعارض مع الشخصية والخط الدرامي للعمل المسرحي ومن دون إسفاف؛ فإن هذا الخروج يفيد العمل ولا يضره لأنه يرسم البسمة على وجه المشاهد. فهو خروج مطلوب ومستحب وموجود منذ إنشاء المسرح».
مسرحيات صلاح عبد الله
ومن مسرحيات صلاح عبد الله على خشبة المسرح المصري نحاول أن نرصدها في السطور التالية..
في بداية رحلة صلاح عبد الله شارك في مسرحيات.. «في سبيل برقوق» تأليف مهدي يوسف إخراج فيصل عزب، «ليلة جواز الشغالة» تأليف علي طه إخراج شاكر خضير، «رفيدة أول طبيبة في الإسلام» من تأليف أحمد شوقي الفنجري وإخراج أحمد مجدي، «العمر قضية» تأليف سمير سرحان إخراج فهمي الولي، «حارة الضحك» تأليف مدحت يوسف إخراج جمال عبد الحميد.
مسرحية «أنت حر» 1981 تأليف لينين الرملي وإخراج محمد صبحي، وشارك في مسرحيتي «إنهم يقتلون الحمير» تأليف لينين الرملي إخراج شريف عبد اللطيف، «امشي عدل» تأليف مهدي يوسف إخراج فيصل عزب، 1984م
مسرحية «الهمجي» تأليف لينين الرملي إخراج محمد صبحي 1985، «المهزوز» تأليف لينين الرملي وإخراج محمد صبحي 1985م، «خد الفلوس واجري» 1987 تأليف أحمد الإبياري وإخراج السيد راضي،« أبو زيد» تأليف لينين الرملي وإخراج شاكر عبد اللطيف وإخراج 1988م
« البحث عن وظيفة» في دور «زيادة الناقص» تأليف مهدي يوسف، وإخراج فيصل عزب وإخراج 1990، «قديمة العب غيرها » تأليف عنتر جمعة وإخراج محمود بيومي 1992، «فيما يبدو سرقو عبدوا» تأليف أحمد الإبياري إخراج محسن حلمي.
«حمري جمري» تأليف محمود أبو زيد وإخراج فهمي الخولي 1995، «الإخوة الأندال» تأليف أحمد الإبياري وإخراج حسن عبد السلام 1996، «حودة كرامة» تأليف صلاح متولي، وإخراج جلال الشرقاوي 1998م، «حبيبي المضروب» تأليف أحمد الإبياري وإخراج عبد الغني زكي 2013.
رحلة عم صلاح مع الإبداع
«عم صلاح».. هو اللقب الذي يعرف به الفنان القدير صلاح عبدالله بين كل المحيطين به بالوسط الفني منذ أكثر من 22 عامًا، والسبب يرجع لشعبان عبدالرحيم «شعبولا»، وفي أحد اللقاءات حكى الفنان صلاح عبدالله، أنه خلال تصوير فيلم مواطن ومخبر وحرامي في بداية الألفية الجديدة مع المخرج داود عبدالسيد، كان شعبان عبدالرحيم، باعتباره واحدًا من أبطال العمل، كان لا يخاطبه إلا بعبارة «عم صلاح»، ووقتها المخرج داود عبدالسيد سأل شعبان عبد الرحيم،لماذا تنادي صلاح عبدالله بـ عم صلاح؟ ووأنت تكبره سنا، ليرد عليه شعبان عبد الرحيم بقوله لأنه كبير في المقام، وأوضح صلاح عبدالله كان شعبان لا يعرف في الفيلم غيري، وقال لي حينذاك «أنا عارفك من زمان وكنت بشوفك في المسرح، فإنت بالنسبة لي عم صلاح».
بدأت انطلاقه ومعرفة الجمهور الحقيقية به من خلال مسلسل «سنبل بعدالمليون»، كان من أشهر أدواره مسلسل «ذئاب الجبل»مع الفنان أحمد عبد العزيز،و توثقت علاقته بالسينما وقدم عددًا من الأفلام المهمة التي وضعته بين النجوم، بدءًا من فيلم «الرغبة» مع نادية الجندي، وفيلم «مواطن ومخبر وحرامي» مع المخرج داود عبد السيد، وتتابعت مشاركاته المتميزة في الدراما بالسينما والمسلسلات من أفلامه «الفرح ، كباريه، مسجون ترانزيت، المصلحة، حلم عزيز ، الفاجومي، كلاشنكوف، الشبح، الرهينة، السيد أبو العربي، العيال هربت، حليم، فيلم هندي، المنسي» وغير ذلك الكثير.
وومن مسلسلات «ريا وسكينة، عوالم خفية ، كلبش ، هجمة مرتدة، سرايا عابدين، الدالي، الريان، الملك فاروق، مسلسل بسنت ودياسطي للرسوم المتحركة، وأنت عامل إيه».
فاز صلاح عبد الله بالعديد من الجوائز منها أحسن ممثل وأحسن مخرج على مستوى الجمهورية وذلك من خلال مسابقات المسرح الجامعي ومسابقات الثقافة الجماهيرية. أما في مجال الاحتراف حصل على جائزة أحسن ممثل عن «مواطن ومخبر وحرامي» من جمعية الفيلم وجائزة المهرجان القومي للسينما، ويحظى صلاح عبد الله بمحبة كبير من جمهور الدراما المصرية من مختلف الفئات العمرية من الأطفال والكبير وله جمهور عريض ينظر رؤيته دوما على الشاشات.