شهدت «القاعة الدولية» معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56، ندوة بعنوان «مرتكزات سياسة مصر الخارجية في إفريقيا»، حيث استضافت السفير إيهاب عوض، مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريقية، والدكتور السيد فليفل، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة.
تعزيز التكامل الإقليمي
وتناولت الندوة، ركائز العلاقات المصرية الأفريقية، والتي تُعدّ جزءًا لا يتجزأ من هوية مصر وتاريخها العريق، حيث يرتبط الشعب المصري ارتباطًا وثيقًا بشعوب القارة السمراء عبر قرون من التعاون الثقافي والتجاري. كمت تتمتع سياسة مصر الخارجية تجاهإفريقيا برؤية استراتيجية تهدف إلى تعزيز التكامل الإقليمي، وتحقيق الأمن والاستقرار، وتنمية علاقات التعاون في مجالات متعددة مثل التنمية والاقتصاد.
التعاون المصري الإفريقي
بدأت الندوة بكلمة الإعلامية الدكتورة هدى عبد العزيز، التي أكدت أن التعاون المصري الإفريقي ليس ظاهرة جديدة بل هو جزء من التاريخ الممتد بين مصر وشعوب القارة منذ العصور القديمة. حيث كانت العلاقات الاقتصادية والثقافية قائمة منذ عهد المصريين القدماء الذين تبادلوا المنتجات والخامات مع دول مثل «بونت»، مما يعكس انفتاح مصر الدائم على محيطها الإفريقي.
وتحدث السفير إيهاب عوض عن عمق العلاقات المصرية الإفريقية، مؤكدًا أن الإنسان هو جوهر السياسة الخارجية. وذكر في معرض حديثه أن الملكة حتشبسوت أرسلت بعثات إلى الدول الإفريقية لاستيراد الخامات، مما يبرز أهمية التعاون الاقتصادي والثقافي في تلك الفترة التاريخية.
حقوق مصر التاريخية
فيما تطرق السفير عوض إلى أبرز مرتكزات سياسة مصر الخارجية تجاه أفريقيا، ومنها التكامل الإقليمي والتعاون التنموي، حيث تعمل مصر على تقديم الدعم الفني وبناء القدرات في مجالات التعليم والصحة والزراعة عبر الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية
وركز على أهمية الأمن المائي، حيث تظل حقوق مصر التاريخية في مياه النيل محورًا أساسيًا في سياستها مع دول حوض النيل.
تقديم المنح الدراسية للطلاب الأفارقة
وأشار إلى دور مصر في تعزيز الأمن والاستقرار في القارة، خاصة في دول مثل السودان وجنوب السودان وليبيا، بالإضافة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي وزيادة الاستثمارات المشتركة.
و تناول السفير عوض في حديثه أهمية التعاون في المجالات التعليمية والثقافية، مشيرًا إلى استمرار مصر في تقديم المنح الدراسية للطلاب الأفارقة في مختلف التخصصات، وأكد أن الأزهر الشريف يلعب دورًا مهمًا في نشر الفكر الوسطي ومكافحة التطرف.
وسلط الدكتور السيد فليفل الضوء على أهمية توثيق التعاون بين مصر وإفريقيا في مجالات التعليم والفنون، مشيرًا إلى تاريخ الأزهر الطويل في دعم الطلاب الأفارقة.
وأضاف أن مصر لا تزال تتحمل مسؤولية مواجهة النفوذ الاستعماري القديم الذي يظل له تأثير على القارة، مؤكدًا ضرورة استكمال مصر لدورها القيادي في تحقيق استقلال أفريقيا اقتصاديًا وسياسيًا.
واختتمت الندوة بالتأكيد على أن أإفريقيا ليست مجرد امتداد جغرافي لمصر، بل هي شريك أساسي في بناء مستقبل مشترك قائم على التكامل والتعاون.
وأكد المشاركون أن الدور المصري في القارة لا يقتصر على التزام سياسي، بل هو دور محوري ينبع من روابط تاريخية وحضارية عميقة، كما شددوا على أن الدبلوماسية الثقافية تظل إحدى أهم الأدوات لتحقيق التنمية الشاملة والتكامل الحقيقي بين مصر وإفريقيا.
معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025
ويقام معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025، الذي تنظمه الهيئة العامة المصرية للكتاب، في الفترة من 23 يناير الجاري حتى 5 فبراير المقبل بمركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس، وأعلن لأول مرة عن ضيفي شرف المعرض في الدورتين 2026، و2027، وهما رومانيا وقطر كما أعلن إطلاق مبادرة المليون كتاب ضمن فعاليات المعرض هذا العام.
ويشهد المعرض استحداثات جديدة لأول مرة ومن بينها جناح مجاني لاتحاد الناشرين الذي تشارك فيه دور النشر الناشئة وذلك بهدف دعم صناعة النشر، بالإضافة إلى استحداث قاعة جديدة لتكون عدد قاعات معرض الكتاب فى دورته الجديدة 6 قاعات بدلًا من 5 قاعات، بالإضافة إلى أجنحه للكتب المخفضة.
ووقع الاختيار على اسم العالم والمفكر الدكتور أحمد مستجير، ليكون شخصية معرض القاهرة الدولي للكتاب، والكاتبة الكبيرة فاطمة المعدول، شخصية معرض كتاب الطفل، وجاء شعار المعرض هذا العام بعنوان «اقرأ.. في البدء كان الكلمة».
وتحل دولة سلطنة عمان ضيف شرف المعرض، وتشارك ببرنامج ثقافي متنوع يعكس التاريخ الثقافي والفكري للسلطنة، ويسلط الضوء على العديد من الجوانب التاريخية والتراثية والفكرية بها.
وتشهد الدورة الحالية نقلة نوعية تستحق التقدير، سواء من حيث التنظيم أو المُشاركة الدولية والمحلية، وتقام الدورة الحالية للمعرض على مساحة 55 ألف متر مربع، بإجمالي مساحة تضم 6 صالات للعرض، ويصل عدد الناشرين والجهات الرسمية المصرية والعربية والأجنبية المشاركة إلى 1345 دار نشر، من 80 دولة من مختلف دول العالم، كما يبلغ عدد العارضين 6150 عارضًا هذا العام، يعرضون تنوعًا ثريًا من الإصدارات الأدبية والفكرية.
ويضم البرنامج الثقافي للمعرض ما يقرب من الـ600 فعالية متنوعة تشمل ندوات أدبية وحوارات فكرية وعروضًا فنية، بمشاركة نخبة من المفكرين والمبدعين من مختلف أنحاء العالم.
ويُعد معرض القاهرة الدولي للكتاب من أكبر معارض الكتاب في الشرق الأوسط، وفي عام 2006 اعتبر ثاني أكبر معرض بعد معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، زار المعرض في دورته السايقة الـ55 4,785,539 زائر.
انطلق المعرض لأول مرة في عام 1969م، حينما كانت القاهرة تحتفل بعيدها الألفي، فقرر وزير الثقافة آنذاك ثروت عكاشة الاحتفال بالعيد ثقافيًا، فعهد إلى الكاتبة والباحثة الراحلة سهير القلماوي بالإشراف على إقامة أول معرض للكتاب في مصر.
وأوضح أن ريادة مصر تعتمد في جوهرها على العلم والمعرفة وموقعها المتميز كمركز للثقافة والفكر. ومن هنا تأتي الدعوة لكل فئات الشعب المصري لتوجيه طاقاتهم نحو القراءة والتعمق في المعرفة، لتنوير العقول والاستفادة من ثمار الفكر الإنساني.