شهد جناح وزارة الثقافة المصرية، ضمن فعاليات البرنامج الثقافي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56، ندوة في إطار «ملتقى الإبداع الشعري»، لمناقشة ديوان «ظلي الذي يخجل من الاعتراف بموت صاحبه» للشاعر عربي كمال، الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ضمن سلسلة الإبداع الشعري، بتصميم غلافه الفنان أحمد اللباد.
ناقش الديوان الدكتور شوكت المصري، أستاذ ورئيس قسم النقد الأدبي بأكاديمية الفنون بالإسكندرية، الذي أكد أن الشعر ليس مجرد مشاعر فقط، بل إن الشعرية العربية قد شهدت ظهور أكثر من 115 ألف شاعر على مدار السنوات، خاصة وأن الشعر يعد فنًا نخبويًا، وأشار إلى أن قصيدة النثر هي نص يمكن قراءته مرارًا وتكرارًا، وأن الشاعر عربي كمال حاول أن يصيغ تركيبته الشعرية من خلال توصيف شعري خاص.
وقال الدكتور شوكت المصري إن الشاعر عربي كمال تمكن من تحويل النص نفسه إلى «ظل لجسد لا وجود له»، كما في جسد الأنثى التي لا مثيل لها، التي تطالعنا عبر العديد من الصور الحياتية المرسومة بعناية فائقة، حتى تساهم في إيهامنا بوجودها في الواقع. ومن خلال هذا الوهم الفني، يزرع الشاعر بذرة هذا الظل في طينة الحياة، ليكتسب له دمًا ولحمًا، ورغم أن الوجود الشبحي قد يكون نهاية لجسد الشاعر، إلا أنه بداية للشعر، الذي يظل مبدعًا بلا نهاية عبر أجساد جديدة.
وأكد الدكتور «المصري» أن الشاعر لم يقتصر في ديوانه «ظلي الذي يخجل من الاعتراف بموت صاحبه»، على دور العقل في توجيه المحسوس، بل استخدم مزايا فنية متعددة، مثل اللغة اليومية والتداعيات المسرفة واستخدام الأساليب الوعرة، ليجمع بين الفكر والشعور معًا.
وأوضح أن الشاعر يتمتع بقدرة فائقة على تحويل الأفكار إلى محسوسات، وتحويل المحسوسات إلى أفكار، وهو أسلوب يعرف باسم «حضور الفكر في الصورة»، وكان السبيل لتحقيق ذلك هو اكتناز التجربة ذات التأثير المحدود الزمني، عبر الإشارة والمواربة، وصيد الظلال، والتنقل بخفة وتنسيق دقيق.
وأضاف أن الشاعر يمتلك مهارة مميزة في استخدام التناص الشعري المستمد من الكتب السماوية في صيغ بسيطة، مليئة بالمفاجآت، مما جعله يوفق بين الفكر والعاطفة، وبين الظواهر التي قد تبدو متباعدة في طبيعتها.
كما قال الدكتور المصري إن العنوان يخاطب الظل ككيان منفصل عن صاحبه، له كيانه المستقل. وأوضح أن الظل، من الناحية العلمية، هو ظاهرة فيزيائية لا يمكن وصفها ككائن مستقل يُمد أو يُقبض بناءً على حركة الشمس.
وأشار إلى أن الشاعر يعترف في قصيدته «قاب قوسين أو أدنى» بمحاولته الصمود في مواجهة الوحش، قائلًا:
تعبت أيتها الغزالةُ،
أجهدني نزالك،
صرتُ صيادًا عجوزًا،
تساقطت أسناني،
وقدمي النحيفةُ تيبست-كشجرة حزينة–
من طول الانتظار.
ويختتم القصيدة بـ:
سأموتُ-الآن- أيتها الغزالةُ،
وأنتِ قريبة مني،
قاب قوسين أو أدنى، لكن يدي ترتعش.
وأكد الدكتور المصري أن من السمات التي تكشفها قصائد الديوان هو التنوع الأسلوبي، حيث يظهر الشاعر في بعض القصائد مفرطًا في الرومانسية المتأملة للذات، وفي أخرى يتبع الحكائية الدرامية التي تتمتع برومانسيتها ومأساتها. وفي جميع الحالات، يظل الشاعر محافظًا على ملامحه الذاتية الخاصة، فتتراوح ملامحه بين الرومانسي والثوري والساخر والمتأمل، وهكذا..
معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025
ويقام معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025، الذي تنظمه الهيئة العامة المصرية للكتاب، في الفترة من 23 يناير الجاري حتى 5 فبراير المقبل بمركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس، وأعلن لأول مرة عن ضيفي شرف المعرض في الدورتين 2026، و2027، وهما رومانيا وقطر كما أعلن إطلاق مبادرة المليون كتاب ضمن فعاليات المعرض هذا العام.
ويشهد المعرض استحداثات جديدة لأول مرة ومن بينها جناح مجاني لاتحاد الناشرين الذي تشارك فيه دور النشر الناشئة وذلك بهدف دعم صناعة النشر، بالإضافة إلى استحداث قاعة جديدة لتكون عدد قاعات معرض الكتاب فى دورته الجديدة 6 قاعات بدلًا من 5 قاعات، بالإضافة إلى أجنحه للكتب المخفضة.
ووقع الاختيار على اسم العالم والمفكر الدكتور أحمد مستجير، ليكون شخصية معرض القاهرة الدولي للكتاب، والكاتبة الكبيرة فاطمة المعدول، شخصية معرض كتاب الطفل، وجاء شعار المعرض هذا العام بعنوان «اقرأ.. في البدء كان الكلمة».
وتحل دولة سلطنة عمان ضيف شرف المعرض، وتشارك ببرنامج ثقافي متنوع يعكس التاريخ الثقافي والفكري للسلطنة، ويسلط الضوء على العديد من الجوانب التاريخية والتراثية والفكرية بها.
وتشهد الدورة الحالية نقلة نوعية تستحق التقدير، سواء من حيث التنظيم أو المُشاركة الدولية والمحلية، وتقام الدورة الحالية للمعرض على مساحة 55 ألف متر مربع، بإجمالي مساحة تضم 6 صالات للعرض، ويصل عدد الناشرين والجهات الرسمية المصرية والعربية والأجنبية المشاركة إلى 1345 دار نشر، من 80 دولة من مختلف دول العالم، كما يبلغ عدد العارضين 6150 عارضًا هذا العام، يعرضون تنوعًا ثريًا من الإصدارات الأدبية والفكرية.
ويضم البرنامج الثقافي للمعرض ما يقرب من الـ600 فعالية متنوعة تشمل ندوات أدبية وحوارات فكرية وعروضًا فنية، بمشاركة نخبة من المفكرين والمبدعين من مختلف أنحاء العالم.
ويُعد معرض القاهرة الدولي للكتاب من أكبر معارض الكتاب في الشرق الأوسط، وفي عام 2006 اعتبر ثاني أكبر معرض بعد معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، زار المعرض في دورته السايقة الـ55 4,785,539 زائر.
انطلق المعرض لأول مرة في عام 1969م، حينما كانت القاهرة تحتفل بعيدها الألفي، فقرر وزير الثقافة آنذاك ثروت عكاشة الاحتفال بالعيد ثقافيًا، فعهد إلى الكاتبة والباحثة الراحلة سهير القلماوي بالإشراف على إقامة أول معرض للكتاب في مصر.
وأوضح أن ريادة مصر تعتمد في جوهرها على العلم والمعرفة وموقعها المتميز كمركز للثقافة والفكر، ومن هنا تأتي الدعوة لكل فئات الشعب المصري لتوجيه طاقاتهم نحو القراءة والتعمق في المعرفة، لتنوير العقول والاستفادة من ثمار الفكر الإنساني.