ذكر تقرير لمركز "إمبر Ember" لأبحاث المناخ والتحول الأخضر أن استخدام الطاقة الشمسية تجاوز الفحم لأول مرة في تاريخ الاتحاد الأوروبي خلال عام 2024.
ووفقًا لبيانات "إمبر"، ومقره لندن، ساهمت الألواح الشمسية في توليد 11 بالمائة من كهرباء دول الاتحاد الأوروبي العام الماضي، متقدمة على الفحم، الذي وفر 10 بالمائة من مزيج الطاقة في الاتحاد.. كما شهدت طاقة الرياح زيادة في توليد الكهرباء في أوروبا خلال عام 2024، حيث ارتفعت لتوفر 18 بالمائة من مزيج الطاقة في الاتحاد.
وبشكل عام، شكلت مصادر الطاقة المتجددة 47 بالمائة من إنتاج الكهرباء في الاتحاد الأوروبي العام الماضي مع تسجيل كل من الطاقة المائية والنووية نموًا ملحوظًا.
وبالتوازي مع ذلك، انخفض استخدام الوقود الأحفوري للعام الخامس على التوالي في 2024، متراجعا إلى 16%، مع استمرار تسارع تحول الاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة.. وشهد الفحم تحديدًا انخفاضًا حادًا منذ أن بلغ ذروته في الاتحاد الأوروبي عام 2003، حيث تراجع استخدامه منذ ذلك الحين بنحو 70%.
وقد التزم القادة الأوروبيون بوعودهم بشأن التخلص التدريجي من الفحم، ومن بين 26 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، شهدت 16 دولة انخفاضا في نسبة استخدام الفحم العام الماضي.
وبالإضافة إلى ذلك، لم تعد نصف دول الاتحاد الأوروبي تعتمد على الفحم إطلاقا أو أن حصته في مزيج الطاقة لديها تقل عن 5%، مما يضعها في موقع قوي للتخلص منه نهائيا.. علاوة على ذلك، شهدت أكبر دولتين مستخدمتين للفحم (ألمانيا وبولندا) انخفاضات كبيرة في استخدام الفحم في عام 2024. حيث سجلت ألمانيا تراجعًا بنسبة 17% مقارنة بالعام السابق، بينما انخفض استخدام الفحم في بولندا بنسبة 8% مقارنة بعام 2023.
وجاءت الزيادة في توليد الطاقة الشمسية في أوروبا خلال عام 2024 مدفوعةً بتركيب قياسي للألواح الشمسية، حيث ساهم انخفاض الأسعار وتوافر الإمدادات دون تحديات في سلاسل التوريد أو توترات جيوسياسية في ازدهار عمليات تركيب الألواح الشمسية العام الماضي.
وعلى الرغم من انخفاض نسبة سطوع الشمس في أوروبا العام الماضي مقارنة بعام 2023، تمكن الاتحاد الأوروبي من توليد المزيد من الطاقة الشمسية بفضل هذا التوسع القياسي في المنشآت الشمسية.
ومن ناحية أخرى، ساعدت العوامل الخارجية في تسريع تحول الاتحاد الأوروبي بمجال الطاقة.. فعلى سبيل المثال، أدت الحرب الروسية على أوكرانيا وتوجه أوروبا بعيدا عن الغاز الروسي إلى زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة لسد العجز في الإمدادات.
وفي الوقت الذي تشير فيه الولايات المتحدة إلى عودة محتملة إلى الوقود الأحفوري مع فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية ووعوده بـ"الحفر، الحفر، الحفر" (Drill, baby, drill)، إلى جانب انسحابه من اتفاقية باريس للمناخ، يبدو أن أوروبا تستعد لتولي زمام القيادة في قطاع الطاقة المتجددة، بحسب تقرير مركز "إمبر".
وفي الواقع، كان دعم السياسات من قبل القادة الأوروبيين عاملاً رئيسيًا في تسريع التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة في الاتحاد الأوروبي.. فمنذ الإعلان عن "الاتفاق الأخضر الأوروبي" في عام 2019، أزيلت العقبات البيروقراطية لتسهيل عمليات الترخيص لمشاريع الطاقة الشمسية الجديدة.
وبالإضافة إلى ذلك، جذب الاتفاق الأخضر الاستثمارات إلى قطاع الطاقة المتجددة في الاتحاد الأوروبي من خلال تحفيز التمويل في البنية التحتية للطاقة الشمسية.. وفي غضون خمس سنوات فقط منذ الإعلان عن الاتفاق الأخضر، انخفضت حصة الوقود الأحفوري في مزيج الطاقة في الاتحاد الأوروبي من 39% إلى 29%.
وأوضح التقرير أيضًا أن هدف الاتحاد الأوروبي الطموح لتحقيق صافي انبعاثات صفرية من الغازات الدفيئة بحلول عام 2050 يبدو أكثر قابلية للتحقيق، فقد كشف تقرير "إمبر" أن الاتحاد الأوروبي يسير على المسار الصحيح للوصول إلى هدف تركيب 400 جيجاوات من الطاقة الشمسية بحلول 2050 بعد أن بلغ 338 جيجاوات بنهاية عام 2024.
وبالنظر إلى نهاية العقد الحالي، يبدو الاتحاد الأوروبي مرة أخرى في وضع جيد لتحقيق هدفه لعام 2030 بتركيب 750 جيجاوات من الطاقة الشمسية، وفقًا لتقييم "إمبر"، الذي يرى أن الاتحاد الأوروبي "قريب جدًا" من تحقيق هذا الهدف.