تطور الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في الآونة الأخيرة، سواء كان ظهور مواقع جديدة له، أو تطوير أدوات قديمة بتحديثات جديدة تفوق قدرة الأداة القديمة بأضعاف، أو حتى ظهور أدوات حديثة لم نكن لنسمع عنها من قبل، فبدلا من الإنسان، أصبح الذكاء الاصطناعي يقوم بتوليد الصور والفيديوهات ودمجها، بل واستخراج معلومات محددة من داخل آلاف الوثائق والكتب، وغيرها من الإمكانيات الإبداعية، ولكن هل يمكن أن يكون وراء ذلك عمليات تجسس حديثة، بذلك سنوضحه من خلال هذا التقرير.
مخاطر الذكاء الاصطناعي في تعزيز أساليب التجسس الحديثة
حذرت شركة "F5" الأمريكية للتكنولوجيا والتي تعد أحد أهم الشركات المتخصصة في الأمن السيبراني، على لسان خبير الأمن السيبراني "أرنود لومير" أن هناك تزايد غير مسبوق في عمليات الاحتيال مع تطور أدوات الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى صعوبة الكشف عن تلك الوسائل.
وفي سياق متصل، في إحصائية للعام الماضي 2024، كان بطلها الذكاء الاصطناعي، كشفت عن بدء إنشاء العديد من النماذج المتخصصة لأغراض التجسس، حيث شهد عام 2024 أقوى الحملات الإلكترونية على الشركات والمؤسسات، وكمثال: حصل قراصنة الويب على أكثر من 28 مليون يورو من إحدى المؤسسات الكبرى في الصين، وذلك بواسطة تطوير أدوات ذكاء اصطناعي.
تجسس أم تقويد لنفوذ الذكاء الاصطناعي؟
بدأت عمليات حظر إحدى أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي ظهرت في الفترة الأخيرة، هي "Deepseek" في العالم الغربي، وكان آخرها ما حدث في بداية الأسبوع الماضي، من حظر الحكومة الهولندية استخدام التطبيق الصيني في الأعمال المدنية، حيث لفتت الحكومة الأنظار ناحية أمكانيات التجسس الذي يحملها التطبيق.
وعلى جانب أخر، حظرت وزارات الخارجية والتجارة والدفاع في كوريا الجنوبية، الوصول إلى خدمة الذكاء الاصطناعي الصيني، وذلك أثر مخاوف تتعلق بتسريب المعلومات وبيانات المستخدمين.
وفي نفس السياق منعت حكومة أستراليا برامج الذكاء الاصطناعي التابعة لشركة ديب سيك، على جميع الأجهزة الحكومية، وذلك بسبب خطورته على الصعيد الأمني، وأضف إلى ذلك تايوان وبريطانيا وولاية تكساس الأمريكية.
الذكاء الاصطناعي والتجسس عبر الوكالات الدولية
تحدث بعض المتخصصين في تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي، أنها تعمل في الأصل كشكل من أشكال تكنولوجيا المراقبة، نتيجة لما تجمع من كميات هائلة من البيانات من كافة المستخدمين، ومن هنا يأتي دور الوكالات الاستخبارات الدولية، والتي يمكنها الحصول على مزيد من البيانات لمعالجتها أكثر من أي وقت مضى.
وفي هذه النقطة، تتحدث "إيمي زيغارت" الباحثة في معهد "فريمان سبوغلي" في ستانفورد، أنه في السنوات الأخيرة، قد أصبح الذكاء الاصطناعي جذابًا في مجال الاستخبارات في السنوات الأخيرة، وذلك بسبب تواجد مزيد من البيانات، وتطور الخوارزميات، بالإضافة إلى قوة المعالجة.
فأصبحنا في عصر الذكاء الاصطناعي في عالم مترابط، فعن طريقه يمكننا معرفة ما يحدث للناس وما يفكرون به، وما يعانون منه ويتعرضون له يوميًا.
ذلك من جانب، أما من ناحية أخرى، يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي، أن تستخدم في أوقات الحروب والسلم، فلها القدرة على تحليل صور الأقمار الصناعية، وتحدد أماكن ونوع صواريخ دولة أخرى معادية.
إدراج رسائل سرية بالذكاء الاصطناعي
وأضاف دراسة حديثة بعنوان "Secret Messages Can Hide in AI-Generated Media" أن "ChatGPT" هو بداية جديدة لمجال تشفير الرسائل وإخفاء المعلومات، إذ يمكن بسهولة كبيرة إدراج الرسائل السرية في الوسائط التي يولدها الذكاء الاصطناعي.
خبير ذكاء اصطناعي: التجسس لا حدود له في عالم الآلة
قال الدكتور احمد بهاء خيري، أستاذ الذكاء الاصطناعي، بجامعة الإسكندرية، أن الذكاء الاصطناعي يستخدم مجموعة من الأدوات بالغة البساطة والتعقيد في نفس الوقت، فيمكن تسخير مختلف الأدوات لأجل التجسس وإبداء الرأي والإجابة على كافة التساؤلات، سواء بشكل إيجابي أو كجانب سلبي.
وأضاف خيري في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال"، أن من ناحية التجسس والجانب الأخلاقي بالذكاء الاصطناعي، فليس لدى الآلة حدود، أنما الحدود هذه تستخدم بين البشر فحسب، وكنتيجة لتوسع الذكاء الاصطناعي ولما ستشهده البشرية من تقدم مذهل في هذا المجال، عقدت قمة الذكاء الاصطناعي بباريس الأيام الماضية.
وأكمل: أن هذه القمة غرضها مناقشة الجانب الأخلاقي بالذكاء الاصطناعي ووضع ما يشبه وثيقة أو قسم مثل قسم أبقراط بالطب، تتناقلها الدول مع بعضها البعض.
وفيما يخص الهجمات السيبرانية والتي تتعرض لها مختلف الدول، أشار خيري أنه لم تقع حوادث واضحة خاصة بهذا المجال، فضلا عن أن هناك تطبيقات كثيرة معروفة للجميع، تدعم بالذكاء الاصطناعي لأجل معرفة كل المعلومات التي تخص شعب من الشعوب دون اللجوء إلى فكرة الاختراق.
وأوضح انه في خمسينات القرن الماضي صدر كتاب بعنوان "لعبة الأمم" وهو يجسد الشخصيات السياسية الكبرى بالعالم عن طريق نموذج بشري حقيقي ويحاولون صنع شخصية بنفس صفات زعيم محدد يريدون تطبيق عليه جوانب محددة لمعرفة النتيجة، واصبح ذلك الآن عبر نموذج ذكاء اصطناعي.
واستطرد: أنه هناك نظريات علمية مثل بحوث العمليات، أصبح للذكاء الاصطناعي وجود فيها، عبر تحديد كميات شاحنات محددة وإبداء أراء محددة او نصايح، حيث بإمكاننا توقع أنه يمكن أن يشارك الذكاء الاصطناعي أيضا في مثل هذه التطبيقات في الأحوال الشخصية والسياسة والاقتصاد.
وأشار أنه لدينا في مصر مبرمجين على أعلى المستويات، فضلا عن أنه 90% من أنظمة الذكاء الاصطناعي في الخليج هم مصريون، إذ أن لدينا قوة بشرية تستطيع برمجة وتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي بالمستقبل.
خبير أمن معلومات: "ديب سيك" تثير الجدل حول أمان البيانات
قال المهندس محمود فرج، خبير أمن المعلومات، أن الذكاء الاصطناعي بالفعل، يستخدم لأجل تدعيم أغراض التجسس، والاختراق والحصول على البيانات، وذلك يجب عبر تدريب نماذج من الذكاء الاصطناعي، للعمل على معرفة الثغرات التي يمكنها أن تخترق البرامج المختلفة.
وأضاف فرج في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال" أن من أشهر أدوات الذكاء الاصطناعي والتي يثار حولها العديد من المشاكل حول اختراق البيانات، في الوقت الحالي هي أداة "ديب سيك" نتيجة لإنتاج الأداة بدون تكاليف عالية كالمتوقع مثلما يوجد في الأدوات الأخرى المعروفة للذكاء الاصطناعي.
وأوضح فرج أن المشكلة الكبرى في أداة "ديب سيك" أن الصين لم توقع على اتفاقية حماية البيانات، فضلا عن أن الأداة نفسها تسحب العديد من البيانات والمعلومات الضخمة من المستخدمين، فضلا عن الصور المتواجدة على أجهزة الحاسوب، وذلك مثل أي أداة للذكاء الاصطناعي، لكي تنمي من قدراتها بمرور الوقت.