الجمعة 14 فبراير 2025

تحقيقات

"فلنولينك قبلة ترضاها".. حكمة تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى مكة المكرمة

  • 13-2-2025 | 21:21

تغير القبلة من بيت المقدس إلى مكة المكرمة

طباعة
  • إسلام علي

وحد تغير القبلة من بيت المقدس إلى مكة المكرمة المسلمين، فلم يكن حدثًا عابرًا بالتاريخ الإسلامي، بل كانت نقطة تحول كبيرة في هوية الأمة الإسلامية، فمنذ هجرة المسلمين إلى المدينة، كانوا يتوجهون في صلاتهم نحو بيت المقدس، ولكن بعد ستة عشر شهرا من الاستقرار، نزل الوحي والأمر الإلهي بتوجه القبلة نحو المسجد الحرام بمكة.

 

تغير القبلة اختبارًا للطاعات 

لم يكن هذا التغيير مجرد تعديل في اتجاه الصلاة، بل اختبارًا للطاعة والولاء، وفصلا جديدًا في استقلالية الأمة الإسلامية عن باقي الديانات، فالله سبحانه لا يأمر العباد إلا بما فيه مصلحة لهم، ولا ينهاهم إلا عما فيه مضرة عليهم، وتشريعاته جميعها لحكمةٍ.
 

حكمة تحويل القبلة إلى مكة المكرمة 

ذكر أهل العلم  بعض الحكم من تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، فمن ذلك استنباطهم من سبب نزول هذه الآية، وهي قوله: قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا {البقرة:144}، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب أن يوجه نحو الكعبة، فأنزل الله عليه الآية، ووجهه نحو الكعبة.
 
فضلا عن أنه امتحان المؤمن الصادق واختباره، فالمؤمن الصادق يقبل حكم الله جل وعلا، بخلاف غيره، وقد نبّه الله على ذلك بقوله : (وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله…) البقرة 143، وأن هذه الأمة هي خير الأمم، كما قال تعالى : (كنتم خير أمة أخرجت للناس…) آل عمران 110، وقال تعالى في ثنايا آيات القبلة : (وكذلك جعلناكم أمة وسطًا…) البقرة 143.


 
أحداث تغير القبلة 

وثقت أحداث تغير القبلة في المصادر التاريخية والدينية، حيث ثبت في الصحيحين عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي نحو بيت المقدس، فنزلت: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام} [البقرة:144].

فمر رجل من بني سلمة وهم ركوع في صلاة الفجر، وقد صلوا ركعة، فنادى: ألا إن القبلة قد حولت، فمالوا كما هم نحو القبلة ولم يتخلف واحد، ولم يسأل عن الحكمة من ذلك، وهذا من قوة إيمانهم، وصفاء قلوبهم من أي شك، أو تردد -رضي الله عنهم-، بعكس ضعاف الإيمان، ومن تأثر بدعاية اليهود.
 

تغير القبلة يفرق المؤمن عن المنافق

وقد جاء التصريح بموقف الفريقين من تحويل القبلة في قوله سبحانه: وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ {البقرة:143}، قال القرطبي: يعني فيما أمر به من استقبال الكعبة ممن ينقلب على عقبيه، يعني ممن يرتد عن دينه؛ لأن القبلة لما حولت ارتد من المسلمين قوم، ونافق قوم؛ ولهذا قال: وإن كانت لكبيرة، أي: تحويلها.

الاكثر قراءة