في الماضي عندما كنت أحضر المهرجانات السينمائية الكبرى المعتمدة، كنت أرى الهيبة الحقيقية في اختيار المكرمين، كانت الأسماء تنتقى بعناية من نجوم السينما إلى المخرجين والمؤلفين وجميعهم يمتلكون تاريخًا حافلًا بالإنجازات.
لحظة التكريم نفسها كانت تمثل ذروة مسيرة طويلة من الكفاح والنجاح، يصعد الفنان إلى المنصة بخطوات يملؤها الشغف والرهبة، وأحيانًا يحتاج إلى مساندة المساعدين أثناء صعوده، نظرًا للانفعال الشديد بهذه اللحظة التي تكرس جهوده وتعبه لسنوات.
التكريم في جوهره، ليس مجرد درع يمنح، بل رسالة تقدير معنوي قبل أن يكون ماديًا، فهو اعتراف حقيقي بما قدمه الفنان من أعمال تركت أثرًا في وجدان الجمهور.
لكن فجأة وبلا مقدمات ظهرت مهرجانات غريبة تحمل أسماء لم نسمع بها من قبل ولا نعرف الهدف منها أو من المسؤول عن تنظيمها، والأدهى من ذلك قوائم التكريم العجيبة التي تضم شخصيات لا تمت للفن أو للإبداع بصلة وجدنا أنفسنا أمام موجة من التكريمات العشوائية، ويكرم فيها مقدمو محتوى بلا قيمة، وأفراد من مهن مساعدة لا علاقة لها بالإبداع الفني، دون أي معايير واضحة سوى المجاملات أو المصالح المالية.
بعض هذه الفعاليات أصبحت تجارة مكشوفة، تباع فيها الألقاب والأوسمة لمن يدفع أكثر، حتى رأينا جوائز تمنح لمصففي الشعر وصالونات التجميل، بل وحتى لمؤثري مواقع التواصل الاجتماعي الذين لا يمتلكون أي محتوى حقيقي.
أما الطامة الكبرى فهي المهرجانات مجهولة الهوية، التي تظهر مقاطع منها على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث نجد مراهقات بملابس ملفتة يقفن أمام مراسل تحت التمرين لا يملك حتى الحد الأدنى من الخبرة الإعلامية، ويطرح أسئلة ساذجة بلا أي قيمة.
وهنا يراودني السؤال، بل يصرخ في عقلي بقوة 18 درجة على مقياس ريختر من أنتم؟! وماذا قدمتم لتستحقوا التكريم؟!.