الجمعة 21 فبراير 2025

ثقافة

كنيسة الطاهرة في الموصل.. ترميم يعيد الحياة لصرحٍ تاريخي عريق

  • 20-2-2025 | 23:20

كنيسة الطاهرة في الموصل.. ترميم يعيد الحياة لصرحٍ تاريخي عريق

طباعة

في قلب مدينة الموصل القديمة، تقف كنيسة الطاهرة شامخة رغم ما مرت به من دمار واضطرابات، حاملة بين جدرانها قرونا من التاريخ والتراث الروحي.

هذه الكنيسة، التي تُعد واحدة من أقدم وأهم معالم المسيحيين السريان الكاثوليك في العراق، تعرضت لأضرار جسيمة خلال الحرب، لكنها اليوم تستعيد مجدها من خلال مشروع ترميم واسع النطاق يعيد لها رونقها ويحيي قيم التعايش والسلام التي لطالما جسدتها.

شُيدت كنيسة الطاهرة الكبرى في القرن التاسع عشر على أنقاض أقدم كنيسة تعود إلى القرن السابع عشر، وتتميز بطراز معماري فريد يمزج بين التأثيرات الشرقية والغربية، حيث تعلوها أقواس ضخمة، ونوافذ مزخرفة، وجدران تحكي تاريخا ممتدا من الإيمان والفن السرياني الأصيل.

كانت الكنيسة على مدى عقود مركزا دينيا واجتماعيا للمسيحيين في الموصل، وشاهدا على تعايش مختلف الطوائف والديانات في المدينة.

لم تسلم الكنيسة من الدمار الذي حل بالموصل خلال فترة احتلال تنظيم داعش للمدينة عام 2014، حيث تعرضت للهدم والتخريب، وانهارت أجزاء كبيرة من سقفها وجدرانها، ما شكل خسارة كبيرة للتراث الثقافي والديني في العراق.

وتحولت الكنيسة، التي كانت تضج بالحياة، إلى أنقاض وأطلال، تروي قصة الألم والفقدان.

وفي إطار مبادرة "إحياء روح الموصل" التي أطلقتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، انطلقت أعمال ترميم كنيسة الطاهرة ضمن خطة شاملة لإعادة بناء المعالم التاريخية والثقافية في المدينة، وشملت عمليات الترميم تنظيف

الموقع من الأنقاض، وإعادة بناء الجدران المدمرة، وترميم الزخارف والنقوش الأصلية، وذلك بالتعاون مع فرق هندسية وحرفيين متخصصين في ترميم الآثار.

اليوم، ومع تقدم أعمال الترميم، تعود كنيسة الطاهرة تدريجيا إلى سابق عهدها، ليس فقط كمكان للعبادة، بل كرمز لصمود الموصل وأهلها.

وبينما تتواصل الجهود لإعادة بناء معالمها التاريخية، تظل هذه الكنيسة صرحا يعيد إحياء تراث عريق، ويرسخ قيم التسامح والسلام في قلب العراق.

وحشدت منظمة اليونسكو 115 مليون دولار و15 شريكا دوليا في إطار مبادرة "إحياء روح الموصل"، التي تهدف إلى إعادة إعمار المدينة بعد الدمار الذي لحق بها خلال سنوات النزاع.

وتمكنت المنظمة من إعادة تأهيل 124 منزلا تاريخيا في المدينة القديمة، إضافة إلى تجديد 404 فصول دراسية، ما أسهم في تحسين البيئة التعليمية لآلاف الطلاب. كما ساهمت الجهود في خلق أكثر من 7700 فرصة عمل محلية لدعم الاقتصاد وتعزيز الاستقرار في المنطقة.

وفي إطار إعادة إحياء التراث الثقافي، أعادت اليونسكو بناء معالم تاريخية بارزة، منها جامع النوري ومئذنته الحدباء، وكنيسة الطاهرة، ودير سيدة الساعة، كما نظمت مهرجانات أدبية وموسيقية لإعادة الحياة الثقافية إلى المدينة.

يذكر أن الموصل تعرضت لتدمير واسع النطاق خلال احتلالها من قبل تنظيم داعش عام 2014، ما أدى إلى تدمير 80 % من المدينة القديمة ونهب آلاف الكتب والمخطوطات النادرة

الاكثر قراءة