الأحد 9 مارس 2025

ثقافة

أمثال شعبية (30 – 7)| اللى اختشوا ماتوا

  • 7-3-2025 | 20:29

أمثال شعبية

طباعة
  • بيمن خليل

تُعدّ الثقافة الشعبية من المداخل الأساسية لدراسة الشعوب، حيث تعكس الجوانب النفسية والعاطفية في حياة المجتمعات، وتعتبر الأمثال الشعبية أحد أبرز عناصر هذه الثقافة، إذ تمثل حجر الزاوية لفهم الشعوب.

والمثل هو حكمة تتجسد في كلمات مسجوعة أو غير مسجوعة، تنطوي على رمز يحمل نقدًا أو علاجًا لأحد جوانب الحياة المتنوعة. والحكمة في جوهرها قديمة، هي نتاج الروح وثمار تجربتها، تتشكل من نعم الحياة وابتلاءاتها، نادرًا ما تخلو أمة أو قبيلة من قول الحكمة في أمثال تتداولها، وقد تتجاوز هذه الأمثال حدودها إلى أمم أخرى، إذ إن النفوس البشرية، رغم اختلاف درجات تطورها، تشترك في العديد من جوانب الحياة، وقد تتسم هذه الحكمة بالرقي، لتصبح جزءًا من ثقافة الأمة ومعرفتها العميقة، ويعكس ذلك مستوى تطور الأمة ونضوجها.

خلال أيام شهر رمضان المبارك، نعرض معًا مجموعة من الأمثال الشعبية المصرية التي تناولت موضوعات حياتية يومية متنوعة.

واليوم نناقش الأمثال التي تدور حول "اللى اختشوا ماتوا"

يروي المثل الشعبي "اللى اختشوا ماتوا" حكاية تعود إلى عصر العثمانيين، حين كانت الحمامات العامة تُشعل بالأخشاب والحطب لتسخين الماء، في أحد الأيام، شب حريق في حمام للنساء، فهرعت العديد منهن للخروج عاريات لإنقاذ حياتهن، أما الأخريات، اللاتي غلبهن الخجل، فضلن البقاء داخل الحمام، مما أدى إلى احتراقهن ووفاتهن. عندما سأل صاحب الحمام عما حدث ومن مات في الحادث، رد أحد المارة قائلاً: "اللى اختشوا ماتوا". ومنذ ذلك الوقت، انتشر هذا المثل عبر الأزمنة وأصبح جزءًا من التراث الشعبي.

الحكمة.. مرآة الثقافات

تعتبر الحكمة عماد الثقافات الإنسانية، حيث تنقل القيم والتجارب عبر الأجيال، ربما كانت الأمة اليونانية من أبرز الأمم التي أبدعت في مجالات الحكمة، فكانت فلسفتها خالدة، معبرة عن تجليات الروح السامية وعمق الفكر الإنساني.

وعلى الصعيد العربي، ظهرت الحكمة قبل الإسلام كناتج طبيعي لحياة الصحراء وتأملات البدو في الكون، هذه الحكم أُلبست ثوبًا من الشعر العذب والنثر البليغ، فكانت بمثابة مرآة للبساطة والصدق الإنساني.

الحكمة في الإسلام وما بعدها

مع مجيء الإسلام، ارتقت الحكمة لتبلغ ذروتها، متجلية في القرآن الكريم، الذي قدم للناس قوانين دينهم ودنياهم، ازدهرت الحكمة مع الشعراء والكتّاب مثل المتنبي وأبو العلاء المعري، الذين لم يكتفوا بالجمال الأدبي، بل عبروا أيضًا عن فكر فلسفي عميق.

الحكمة في مصر.. فاكهة الشرق

انتقلت الحكمة العربية إلى شمال إفريقيا، وتألقت في مصر بفضل الحس الشعبي الذي أضفى عليها عذوبة وفكاهة، أصبحت الأمثال المصرية مرآة للواقع وجزءًا لا يتجزأ من التراث الشرقي، تشترك فيها مصر مع باقي الأمم العربية مع تميزها بروحها الخاصة.

الأمثال كـ"اللى اختشوا ماتوا" ليست مجرد كلمات، بل هي شهادة على تجارب إنسانية وحكم تظل خالدة، تُلهم الأجيال القادمة وتُثري الثقافة الإنسانية.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة