الأربعاء 9 ابريل 2025

تحقيقات

تبوك.. آخر غزوت الرسول

  • 8-3-2025 | 15:06

غزوة

طباعة
  • محمود غانم

يحل علينا اليوم، الثامن من رمضان، ذكرى غزوة تبوك، آخر الغزوات التي قادها النبي محمد -صلى الله عليه وسلم، والتي شهدت أحداثًا مهمة، بدءًا من دعوة النبي للقتال في وقت كانت فيه الأمة تعاني من مصاعب، مع تخاذل المنافقين عن المشاركة، وانتهاءً بالانتصار الذي حققه المسلمون دون أن يخوضوا أي قتال.

أسباب الغزوة

بعد فتح النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة نزل أمر الله في كتابه بمنع المشركين من أن يقربوا المسجد الحرام، فما كان من قريش إلا أن قالت، إن ذلك سيؤدي إلى قطع المتاجر والأسواق عنا، فعوضًا عن ذلك، أمرهم الله -سبحانه وتعالى- بقتال أهل الكفر حتى يسلموا أو يعطوا الجزية، وذلك قول ربنا -جل جلاله- في كتابه العزيز: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ"، سورة التوبة (الآية 28).

فعزم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على قتال الروم، وذلك لأنهم أقرب الناس إليه وأولى الناس بالدعوة إلى الحق، لقربهم إلى الإسلام وأهله.

ودعا النبي -صلى الله عليه وسلم- من حوله من العرب للخروج معه، وعلى إثر ذلك جمع جيشًا قوامه 30 ألف رجلًا، وفي المقابل، تخلف آخرون عن الخروج مع النبي، وهؤلاء فضح الله -تبارك وتعالى- من تخلف منهم من المنافقين بغير عذر، في سورة التوبة.

وجاءت دعوة -النبي صلى الله عليه وسلم- لأصحابه بالجهاد، سنة تسع للهجرة، في وقت شديد الحرارة، والناس في عسرة، وفي ذات الوقت، قد طابت الثمار فاحب الناس القعود على الخروج.

وكانت هذه الغزوة التي ستعرف بـ"تبوك" أول غزوة يعلم بها النبي -صلى الله عليه وسلم- الناس، وذلك لما كان فيها من المشقة، وبعد المسير، وكثرة العدو، فكان ذلك الإظهار حتى يتجهز الناس خير جهاز.

ولما كان زمن عسره، دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- أهل الغنى على النفقة والحملان في سبيل الله، فأنفق الناس، وفي مقدمتهم سيدنا عثمان بن عفان -رضي الله عنه- حيث أنفق نفقة عظيمة، حتى قال النبي -صلى الله عليه وسلم- "اللهم أرض عن عثمان فإني عنه راض".

يبكون على فوت الجهاد

وبينما قعد ناس عمدًا عن الخروج للغزوة، فإن آخرين قعدوا، لأنهم لم يجدوا دابة يركوبها، فرجعوا وهم يبكون، تأسفًا على ما فاتهم من الجهاد في سبيل الله، والنفقة فيه، وعن ذلك يقول ربنا -جل جلاله-:"وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ - إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ ۚ رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ"، سورة التوبة الآية (92 - 93).

النبي يخرج مجاهدًا

ولما تجهز المسلمون، خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- للقاء الروم، ومعه ما يزيد على 30 ألفا من أصحابه، مخلفا على أهله علي بن أبي طالب.

ويصف أهل السير هذه المشهد، فيقولوا، إن خروج المسلمين حينئذ كان في حر شديد، والرجلان والثلاثة على بعير واحد، حتى جعلوا ينحرون إبلهم ليعصروا أكراشها ويشربوا ماءها، فكان ذلك عسرة في الماء، وعسرة في النفقة، وعسرة في الظهر.

المرور بمساكن الظالمين

وفي طريقهم للقاء الروم، مر جيش المسلمين من على مساكن ثمود، فقال لهم النبي -صلى الله عليه وسلم-:"لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين، أن يصيبكم ما أصابهم".

النبي يصل إلى تبوك

ولما وصل -صلى الله عليه وسلم- إلى تبوك على رأس جيش المسلمين، أتاه يوحنا بن رؤبة صاحب أيلة، فصالحه على الجزية، وكتب له كتابا، فبلغت جزيتهم 300 دينار، وكذلك صالح أهل أذرح على مائة دينار في كل رجب، وصالح أهل جرباء على الجزية، وصالح أهل مقنا على ربع ثمارهم.

وبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خالد بن الوليد إلى أكيدر بن عبد الملك صاحب دومة الجندل، فأتي به، حيث صالحه الرسول -صلى الله عليه وسلم- على الجزية، (جميع المناطق السالف ذكرها تقع على مقربة من السعودية والأردن حاليًا، وبعضها ما يزال يحتفظ بهذا الأسماء).

وأقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتبوك بضع عشرة ليلة ولم يجاوزها، ولم يقدم عليه الروم والعرب المتنصرة، فعاد إلى المدينة.

تبوك.. آخر الغزوات

وكانت "تبوك" آخر غزوة غزاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل أن ينتقل إلى جوار ربه في السنة 11 من الهجرة.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة