الإثنين 10 مارس 2025

مقالات

قطاع المخابز المدعمة والتوازن المنشود

  • 9-3-2025 | 12:52
طباعة

يعد القرار الوزاري بشأن فرض فوائد بنسبة 25% على المديونيات المستحقة نتيجة عدم سداد فروق تكلفة تصنيع الخبز لصالح الهيئة العامة للسلع التموينية بالإضافة إلى خصم 25% من الحصة المخصصة للمواطن من المخابز غير الملتزمة خطوة إدارية مهمة تهدف إلى تحقيق انضباط مالي وتنظيم عملية توزيع الدعم الحكومي وفي الوقت نفسه يحمل القرار في طياته آثاراً على مختلف الجهات.

وتنبع ضرورة اتخاذ مثل هذا القرار من تراكم حالات التأخر في سداد فروق تكلفة تصنيع الخبز لدى بعض أصحاب المخابز المدعمة وقد أدى هذا التأخر إلى تراكم ديون لصالح الهيئة العامة للسلع التموينية مما يؤثر سلباً على القدرة المالية للدولة في تقديم الدعم على نحو فعال ومستدام لذا جاء القرار لتأمين استرداد المبالغ المستحقة وتحفيز أصحاب المخابز على الالتزام بالتسديد في المواعيد المحددة إذ يعد الانضباط المالي ضرورة ملحة لضمان استمرارية الدعم وتفادي حدوث خسائر مالية تؤثر على الميزانية العامة.

أما من ناحية الفوائد فيظهر القرار جانباً إيجابياً في تعزيز مبدأ المساءلة والشفافية في القطاع فعندما يتم تطبيق الفوائد بنسبة 25% على المديونيات يصبح لدى أصحاب المخابز دافع قوي للالتزام بالمواعيد وعدم تأخير السداد وهذا الإجراء لا يهدف فقط إلى زيادة التحصيل المالي لصالح الهيئة بل يسهم أيضاً في تحسين إدارة الموارد وتوزيع الدعم بطريقة أكثر عدالة وفعالية إذ إن التزام أصحاب المخابز بسداد فروق التكلفة في الوقت المحدد يعني أن الدعم الحكومي يصل إلى المستفيدين الحقيقيين دون تسرب أو خسارة ما يساعد في تحقيق استقرار الأسعار وضمان توفير الخبز المدعم بأسعار معقولة للمواطنين.

ومن جهة أخرى فإن خصم 25% من الحصة المخصصة للمواطن من المخابز غير الملتزمة يمثل إجراء رادعا إضافيا إذ يؤكد على أهمية تقديم الخدمة بالمستوى المطلوب دون المساس بمصالح المستهلك النهائي كما أن هذا الإجراء يهدف إلى حماية المواطن من تداعيات سوء الإدارة المالية لدى أصحاب المخابز وهنا من المهم اتخاذ خطوات تصحيحية لضمان عدم تحميل المواطن عبء مالي إضافي نتيجة تقصير بعض المخابز في الالتزام ومن هذا المنطلق يعد القرار بمثابة آلية رقابية تضمن توازن العلاقة بين مصالح الدولة وأصحاب المخابز من جهة وحقوق المستهلك من جهة أخرى.

وفي حالة عدم التزام بعض أصحاب المخابز بسداد فروق التكلفة فإن تطبيق الفوائد والخصم قد يؤدي إلى زيادة التكاليف التشغيلية للمخابز ما قد ينعكس في نهاية المطاف على أسعار الخبز ومن المحتمل أن يقوم أصحاب المخابز بنقل العبء المالي الناتج عن تطبيق هذه العقوبات إلى المستهلك سواء برفع الأسعار أو بتقديم خدمات أقل جودة وهذا ما قد يضع المواطن في موقف مالي أكثر صعوبة خاصة في ظل ظروف اقتصادية معقدة فقد يحاول البعض مقاومة القرار بأن خصم نسبة من الحصة المخصصة للمواطن سيؤدي إلى تقليص الدعم الذي يتلقاه المستهلك مباشرة وفي حال تم تطبيق الخصم بشكل متكرر سيسعى المغرضون إلى إشعار المواطن بأن الدعم الحكومي أصبح يتأثر سلبا بسبب سلوك بعض أصحاب المخابز منعدمي الضمير لذا سيؤخذ في الاعتبار الجانب التنظيمي والإداري للقرار والذي يشمل ضرورة متابعة دقيقة لعملية التنفيذ والتأكد من عدم وجود تجاوزات أو إساءة استخدام للإجراءات المقررة فمن ناحية يعد التطبيق الصارم للقرار خطوة نحو تحسين النظام المالي في قطاع المخابز إلا أنه من ناحية أخرى يحتاج إلى آليات مراقبة وتقييم مستمرة لضمان عدم تأثيره سلباً على الفئات المستهدفة من الدعم وسيكون ذلك بتفعيل الدولة آليات رقابية تضمن تطبيق العقوبات بطريقة شفافة وعادلة بحيث يكون الهدف الأساسي هو تحفيز الالتزام وليس تقديم مبرر للمتهربين عبر إحداثهم ضغطا يؤثر على المواطن.

وبتوافق وطني لابد أن يدرك الجميع أن القرار الوزاري خطوة تنظيمية تهدف إلى تحسين استرداد الدعم الحكومي وتعزيز الشفافية والمساءلة في قطاع المخابز المدعمة ويسهم في خلق نظام مالي أكثر انضباطا يضمن وصول الدعم إلى المستفيدين المستحقين ليتحقق التوازن بين حماية مصالح الدولة وتقديم خدمة عادلة للمستهلك.

الاكثر قراءة