يتأصل في الثقافة المصرية، خلال شهر رمضان المبارك، تقليد تناول الحلوى بشكل عام، ومن بين هذه الحلويات تبرز "القطايف" و"الكنافة"، كطقوس رمضانية أصيلة، لا يمكن أن تخلو منها السفرة المصرية.
القطايف والكنافة
تتباين الروايات حول التاريخ الذي ظهرت فيه "القطايف" كطقس رمضاني، فهناك من يشير إلى أن ظهورها الأول كان في عهد الخليفة سليمان بن عبد الملك الأموي، الذي تناولها في رمضان عام 98 هجريًا، لاحتوائها على الكثير من السكر.
فيما تفيد روايات أخرى بأنها عُرفت في العصر الفاطمي، حين كان صناع الحلوى يتنافسون على تقديم أجمل ما لديهم للخليفة، وفي إطار هذه المنافسة، خرجت "القطايف"، التي سميت بذلك لأن الحضور عند الخليفة ظلوا يقطفونها من بعضهم.
غير أن هناك من يقول إنه سميت "قطايف" نظرًا لأنها تأتي على شكل الدائرة الصغيرة المخملية الملمس، ولذلك سماها العرب بذلك، حيث نسبوها إلى قماش القطيف ذي الخمل.
وفي رواية أخرى، نجد أن أصل "القطايف" يرجع إلى الأندلس، حيث انتشرت هناك، قبل أن تنتقل إلى بلاد الشرق في العهد الإسلامي.
أما عن الكنافة، فيذكر المؤرخون، أن أول من اتخذ الكنافة من العرب هو معاوية بن أبي سفيان، وكان يأكلها في السحور.
وحصل ذلك بعد أن شكا إلى طبيبه الجوع، فوصفها له، بينما ذكر آخرون أنها صنعت خصيصًا لسليمان بن عبد الملك.
وبغض النظر عن الروايات التاريخية، فقد لاقت الكنافة رواجًا ملحوظًا في كل من مصر والشام، ثم في بقية الأقطار العربية والإسلامية بدرجات متفاوتة.
وعلى صعيد الأدب العربي، نجد أن الشعراء برعوا في وصف حلاوة "القطايف" و"الكنافة"، حيث قال أبو الحسين الجزار، وهو أحد شعراء العصر المملوكي:
تاللَه ما لَثمُ المَراشِف كلا ولا ضَمُّ المعاطف
بألذَّ وَقعا في حَشاي من الكنافة والقَطَائف
طافت أرض مصر
وقد بلغ من اهتمام أهل مصر بها حدًا أثار انتباه الرحالة الأوروبيين الذين زاروا مصر في القرنين الـ18 والـ19، حيث أطالوا في وصف طرق إعدادها وأطلقوا عليها اسم "المكرونة المصرية".
وبمضي الزمن، انتشرت صناعة الكنافة والقطايف في مختلف أرجاء مصر، وذلك في كل أيام سنة، إلا أنها تزدهر في شهر رمضان على وجه التحديد.
وأصبح منهما أصنافًا وأشكالًا متعددة ومختلفة، إلا أنه من ناحية "القطايف" فهي غالبًا ما تقدم بحشوة من المكسرات المحمصة والزبيب، وعلى النحو ذاته، تقدم "الكنافة" أيضًا.