عرفت بـ بنت الشاطئ وهي شخصية نسائية بارزة في تاريخ الثقافة العربية، كانت أديبة ومفكرة وأستاذة جامعية وباحثة ومحققة، وتركت إرثًا ثقافيًا ضخمًا تميزت بأسلوبها الأدبي الرفيع، ومقالاتها العميقة، وكتاباتها التي تناولت قضايا مختلفة، أنها عائشة محمد علي عبد الرحمن، وبمناسبة شهر المرأة نستعرض في السطور المقبلة أبرز المعلومات عنها:-
- ولدت في منتصف شهر نوفمبر من عام 1912 في مدينة دمياط الواقعة شمال دلتا مصر ، كان والدها يعمل مُدرِّسًا بالمعهد الديني في دمياط، وكان جدُّها لأبيها وجدُّها لأمها من علماء الأزهر الشريف.
- حفظت القرآن الكريم كاملاً وأتقنت تلاوته وهي لم تتجاوز العاشرة من عمرها ، كانت ترغب في الالتحاق بالأزهر الشريف لكن والدها رفض ذلك امتثالاً للتقاليد السائدة في ذلك الوقت، والتي كانت تمنع خروج المرأة إلى الأماكن العامة، وتحد من تعليم الفتيات.
- بدأت رحلتها التعليمية الصعبة فدخلت امتحان الكفاءة للمعلمات من الخارج عام 1929، وحصلت على الشهادة بامتياز، وكانت الأولى على مستوى القطر المصري، ثم واصلت تفوقها وحصلت على الشهادة الثانوية بتفوق أيضاً ، وبدعم وتشجيع من والدتها، التي كانت تؤمن بأهمية تعليم ابنتها، التحقت بكلية الآداب بجامعة القاهرة، حيث تخرجت منها عام 1939 ، ورغم معارضة والدها الشديدة لتعليمها وخروجها من المنزل، أصرت على مواصلة تعليمها العالي وحصلت على درجة الماجستير بمرتبة الشرف الأولى عام 1941.
- تجلت موهبة "عائشة عبد الرحمن" الأدبية وقدرتها الفكرية قبل التحاقها بالجامعة ، فقد كانت مقالاتها عن الريف المصري تُنشر على الصفحات الأولى من جريدة الأهرام، لتكون بذلك ثاني امرأة تنشر أفكارها على صدر الصحيفة بعد "مي زيادة" ، كما اضطلعت بمهمة تحرير وإدارة مجلة "النهضة النسائية".
- واصلت مسيرتها العلمية حتى نالت درجة الدكتوراه عام 1950 عن أطروحتها "أدب أبي العلاء المعري"، وقد نوقشت أطروحتها بحضور ومشاركة الدكتور "طه حسين" الذي أثنى على عملها.
- كانت نموذجاً واضحاً لمنهج زوجها وشيخها، المفكر والأديب البارز "أمين الخولي" الذي كان له منهجه الخاص في البحث العلمي ، تأثرت عائشة بمنهج زوجها تأثراً كبيراً، وتشبعت به روحاً وعقلاً، وقد ظهر ذلك جلياً في جميع مراحل حياتها.
- تدرجت في المناصب الأكاديمية حتى وصلت إلى منصب دكتورة للتفسير والدراسات العليا في كلية الشريعة بجامعة القرويين في المغرب ، وقد أمضت ما يقرب من عشرين عاماً في التدريس هناك، حيث ساهمت في تخريج أجيال من العلماء والمفكرين.
- تميزت بآرائها الفكرية الجريئة ومواقفها الحاسمة في الدفاع عن الإسلام ، تركت وراءها سجلاً حافلاً بالمناظرات الفكرية القوية، من أبرزها موقفها من التفسير العصري للقرآن الكريم ، حيث تصدت بقوة للتفسيرات الحديثة التي اعتبرتها مخالفة للتراث الإسلامي الأصيل، ودافعت عن ضرورة الحفاظ على الأصالة في فهم كتاب الله ، كانت من أشد المؤيدين لتعليم المرأة، وقدمت حججاً فقهية وأصولية تدعم حق المرأة في التعليم، مع التأكيد على أهمية احترامها في إطار تعاليم الإسلام.
- اختارت هذا اللقب "بنت الشاطئ" تيمناً بمسقط رأسها وذكريات طفولتها على شواطئ دمياط ، كما أرادت توطيد علاقتها بالقراء ، خاصةً بعد أن بدأت الكتابة في جريدة الأهرام ، يُضاف إلى ذلك أنها استخدمت الاسم المستعار في بداية مسيرتها الأدبية لتجنب إثارة والدها.
- تركت بنت الشاطئ إرثًا ثقافيًا ضخمًا تمثل في أكثر من أربعين كتابًا تناولت موضوعات متنوعة ، شملت هذه المؤلفات الدراسات الفقهية والإسلامية والأدبية والتاريخية، مما يعكس مدى اتساع اهتماماتها وعمق رؤيتها ، ومن أبرز أعمالها "التفسير البياني للقرآن الكريم"، "القرآن وقضايا الإنسان"، "تراجم سيدات بيت النبوة"، و"الشخصية الإسلامية: دراسة قرآنية" ، كما قدمت دراسات قيّمة في اللغة والأدب والتاريخ، من بينها "نص رسالة الغفران للمعري"، "الحياة الإنسانية عند أبي العلاء: لم خلقنا؟ وكيف نحيا؟ وإلى أين المصير؟"، و"الخنساء الشاعرة".
- نالت العديد من الجوائز المرموقة، تقديرًا لإسهاماتها الأدبية والفكرية ، من أبرز هذه الجوائز جائزة الدولة التقديرية في الآداب من مصر عام 1978 ، جائزة الحكومة المصرية في الدراسات الاجتماعية عن كتابها "الريف المصري" عام 1956 ، وسام الكفاءة الفكرية من المملكة المغربية ، جائزة الأدب من الكويت عام 1988 ، جائزة الملك فيصل للأدب العربي عام 1994، والتي تقاسمتها مع الدكتورة وداد القاضي.
- كما حظيت بعضوية العديد من المؤسسات الإسلامية المرموقة، مثل مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة والمجالس القومية المتخصصة، وهي عضوية لم تُمنح لغيرها من النساء مما يعكس مكانتها المتميزة في العالم الإسلامي.
- توفيت عن عمر يناهز 86 عامًا إثر سكتة قلبية في يوم الثلاثاء الموافق للأول من ديسمبر عام 1998م ، والذي يوافق الحادي عشر من شهر شعبان عام 1419 ه.