الأربعاء 12 مارس 2025

ثقافة

ريشة وقلم| شيخ المداحين أحمد الكحلاوي: رمضان في الماضي كان أكثر ثراءً (11_30)

  • 11-3-2025 | 13:31

أحمد الكحلاوي

طباعة
  • فاطمة الزهراء حمدي

يمثل شهر رمضان الكريم فرصة فريدة للتأمل والتجديد الروحي، وهو أيضًا مناسبة للتواصل الثقافي والفكري، وفي هذا الشهر المبارك، تتجلى القيم الإنسانية السامية من تسامح وتراحم، ما يُلهم الأدباء والشعراء والفنانين التشكيليين للإبداع والتعبير بأساليبهم الفريدة، حيث تحمل تلك الحوارات طابعًا مميزًا، وتكشف عن رؤياهم الروحية وتأملاتهم الفكرية، ومن خلال تلك المناسبة تستعرض بوابة دار الهلال مجموعة من الحوارات مع مختلف الأدباء والشعراء والفنانين.

وفي السطور التالية نلتقي مع شيخ المداحين أحمد الكحلاوي، لنتعرف على ذكرياته في رمضان، وتطور الإنشاد الديني.. وإلى نص الحوار:

كيف كانت أجواء رمضان في بيت والدكم شيخ المداحين الراحل محمد الكحلاوي؟

رمضان في بيت والدي، كان مختلفًا تمامًا، لم يكن الشهر الكريم مجرد وقت للصيام والعبادة، بل كان موسمًا للكرم والتواصل مع الناس، كان والدي يحرص على إقامة "المائدة المتنقلة"، وهي فكرة سبقت مفهوم "موائد الرحمن" الذي نعرفه اليوم، كان يفطر معنا في أول يوم رمضان، ثم تبدأ رحلته مع المائدة المتنقلة، حيث يتم اختيار مسجد مختلف يوميًا، مثل السيدة زينب، السيدة نفيسة، أو الإمام الحسين، ويتم إعداد الطعام في المنزل ودعوة الأصدقاء للمشاركة في الإفطار مع الدراويش والفقراء.

وهل استمرت هذه العادة بعد رحيله؟

نعم، استمررنا في هذه العادة حتى أصبحت تُقام في مسجد الكحلاوي، حيث نفطر أكثر من ألف شخص يوميًا، نقيم أيضًا موائد العصر والمغرب، بحيث يستطيع الناس أخذ الطعام إلى بيوتهم أو الجلوس كضيوف على مائدة الرحمن، حرصًا على كرامتهم.

حدثنا عن الأجواء الرمضانية في قاعة المداح بمسجد الكحلاوي؟

كان والدي يجتمع يوميًا في قاعة المداح، أعلى مسجد الكحلاوي في الإمام الشافعي، مع شخصيات دينية وفنية كبيرة، مثل الشيخ مصطفى إسماعيل، سيد مكاوي، وعبد المطلب، كانت هذه اللقاءات أشبه بليالٍ من الصفاء الروحي والفني، حيث يجتمع الذكر والغناء والقرآن في أجواء لا تُنسى.

كيف يؤثر شهر رمضان على أدائكم الفني؟

رمضان ليس مجرد ذكريات بالنسبة لي، بل هو موسم عمل ديني وفني أيضًا، قدمت خلال الشهر الفضيل "القافلة المحمدية" على مسرح البالون لمدة 16 عامًا، حيث عرضنا أعمالًا مسرحية تحكي عن سيرة النبي الكريم، بالإضافة إلى إحياء ليالي المديح في مختلف الفعاليات، الغناء في رمضان يكون له تأثير وجداني مختلف، فحينما أمدح النبي أو أغني عن التوبة والرحمة، أكون في حالة روحانية عميقة، خاصة عندما يكون الجمهور في نفس الحالة، مما يخلق تواصلًا قويًا بين المؤدي والمتلقي.

ما أنواع الإنشاد الديني؟

هناك فرق كبير بين الابتهالات، والتواشيح، والمديح، والقصائد، والأغاني الدينية، الابتهال هو الدعاء والتضرع إلى الله، والتواشيح تكون بصحبة وجماعة تردّد خلف المنشد، بينما الأغنية الدينية هي عمل فني متكامل بعناصر موسيقية وتوزيع وكورال، لكنها تحمل مضمونًا دينيًا. 

هل كان لأعمال والدك تأثير عليك؟ 

أحب أن أشارك تلك الأعمال التي كان يقدمها والدي، بالإضافة إلى ما أواصله بعده، على سبيل المثال، أغنية "بنورك تاني علينا، فين أيامك يا رمضان"، "والله اشتقنا تعود ليالينا وتجمعنا زي زمان هل هلالك على الإسلام شهر محبه وخير وسلام شهر النور علينا يدور صيامك وفرحنا بك وغنوا له يلا قولوا له فين أيامك يا رمضان".

 هذه الأعمال من إنتاجي الشخصي، والحمد لله على نجاحها، وأشير كذلك إلى أغنية "قمر سيدنا النبي" التي أعددتها منذ فترة، مستوحاة من تراث مولانا وسيدنا الشيخ الديب، وهو يُعد من أولياء الله، مثل الشيخ عباس الديب، ورغم تميز الشيخ كمداح وشاعر، لم أسجل بعض أعماله لأنه كان مع والدنا؛ فضمن ما قدمه، برزت أغنيتان "قمر" و"أنا ضيفك يا رسول الله".

استمددتُ هذه الأعمال من ابنه، سيد وحيد الديب، ومن أجندة عباس مع الألحان الخاص به، فطورتها إلى أغاني دينية وأناشيد جميلة أتلوها طيلة شهر رمضان وما بعده.

كيف ترى تطور الإنشاد الديني مع مرور الزمن؟

أحرص دائمًا على الجمع بين الأصالة والتجديد في الإنشاد، فقدمت أنماطًا مختلفة مثل الإنشاد الديني الرومانسي، والصعيدي، والسواحلي، وحتى القصصي، كما كوّنت أكبر فرقة إنشاد ديني في وزارة الثقافة، وضمت 160 منشدًا، وشاركنا في جولات عالمية لنشر هذا الفن.

ما رأيك في تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الإنشاد الديني؟

وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دورًا كبيرًا في انتشار الإنشاد الديني، إذ أتاحت الفرصة لاكتشاف مواهب جديدة، ومتابعة الفرق المختلفة في العالم الإسلامي، لكن في المقابل، ظهرت نماذج لا تحمل الرسالة الحقيقية لهذا الفن، وهناك من اتخذه كمجرد "سبوبة"، دون الشعور بقيمة الكلمات والألحان.

كيف تقارن بين أجواء رمضان في الماضي والحاضر؟

رمضان في الماضي كان أكثر ثراءً من الناحية الثقافية والدينية، خاصة عبر الإعلام الرسمي، كنا نشاهد برامج مثل "نور على نور" ومسلسلات دينية تحكي عن السيرة النبوية وحياة الصحابة والتابعين، للأسف، تخلّى التلفزيون عن هذا الدور، وأصبحت الدراما الحديثة تبتعد عن القيم الروحية للشهر الكريم.

ما هو جدول حفلاتك في رمضان هذا العام؟

لدي حفلات في الإسكندرية، المنصورة، دار الأوبرا، والنادي الأهلي، وكلها في أجواء تعكس الروح الرمضانية التي أحبها وأعيشها بكل تفاصيلها.

الاكثر قراءة