كشف الأزهر الشريف عن الحكم الشرعي في جملة من المسائل الفقهية التي قد تثور في أذهان الصائمين، داعمًا جوابه بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة النبوية.
فتاوى رمضان
في إجابة على ما حكم الأكل والشرب ناسيًا أثناء الصيام؟، يوضح الأزهر الشريف، أن جمهور الفقهاء يرون أن من أكل أو شرب ناسيًا في نهار رمضان أو في صيام التطوع، لا يفسد صومه، وله أن يتم الصوم؛ لحديث ابن عباس، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» (رواه ابن ماجة والطبراني والحاكم)، وعن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ» (رواه الجماعة)، ولعموم حديث: «إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ».
وأكد أن عُموم هذه الأدلة إنما هو لمطلق الصيام دون تمييز بين فرض أو سنة (نافلة).
أثناء تناولي السحور أذن الفجر وفي فمي بعض الطعام.. ماذا أفعل؟
أجاب الأزهر: يتعين على الصائم الامتناع تمامًا عن الطعام متى أذن لصلاة الفجر، فإذا دخل وقت صلاة الفجر امتنع عن الأكل والشرب حتى لو كانت اللقمة في فمه؛ لأن وقت الصوم يبدأ بطلوع الفجر؛ فقد روى الإمام البخاري في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أرشد الصحابة أن يأكلوا ويشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم الذي كان يؤذن لصلاة الفجر.
وأكمل: أما الحديث الشريف: «إِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمُ النِّدَاءَ وَالْإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ، فَلَا يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ»، قال أبو حاتم: «هذا الحديث ليس بصحيح»، وقال ابن القطان:«وهو حديث مشكوك في رفعه»، وعلى فرض صحته فقد حمله العلماء على الأذان الأول، الذي يؤذن بليل وليس للفجر، أما الأذان الثاني (أذان طلوع الفجر الحقيقة) فلا يحل الأكل بعده.
ما حكم صيام من يقضي صيامه في اللهو والخوض في الباطل والانشغال فيما لا ينفع؟
أكد الأزهر، أن الوقت أثمن من أن يُضيع في اللهو، فكيف بشهر رمضان المبارك الذي يجب أن يحرص المسلم فيه على الأجر والمغفرة، وقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره، وكان يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيرها، فلنا في رسولنا أسوة حسنة.
ما حكم من يسب الناس أو يغشهم وهو صائم؟
أكد الأزهر، أن سب الناس وغشهم حرام، وينتقص من أجر الصائم، حيث حذر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من سب الناس وغشهم فقال: «... مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا ...».
وشدد على أنه ينبغي على الصائم الإعراض عن الجاهل الذي يسبه أو يشتمه، ولا ينشغل بالرد عليه، قال الله تعالى:«وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا"، (الفرقان: ٦٣).
وتابع: يتأكد ذلك في حق الصائم؛ لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:«... وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمُ...»، كما يتأكد في حق الصائم ترك سائر المحرمات من السب والغش وقول الزور، وغير ذلك مما يؤذي الغير؛ لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ»، فكل ذلك يُذهب بأجر الصائم، فرُبّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر كما أخبر بذلك النبي.
على ماذا يفطر الصائم؟
يوضح الأزهر، أن من السنة الإفطار على الرطب، فإن لم يجد فعلى تمر، فإن لم يجد فعلى ماء؛ لما جاء عن أنس بن مالك قال: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رُطَبَاتٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَتُمَيْرَاتٌ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تُمَيْرَاتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ»، والإفطار على الرطب أو التمر أو الماء سنة مستحبة وليس واجبًا، فيجوز للصائم أن يفطر على ما يشاء من الطيبات، ولكن الأفضل اتباع السنة.