شهد تاريخ الحضارة الإسلامية العديد من العلماء البارزين الذين قدموا إسهامات كبيرة في مجالات معرفية متنوعة مثل: العلوم التطبيقية، الدينية، اللغوية، الفلسفية، الطبية، والاجتماعية، وقد أسس هؤلاء العلماء قواعد ومناهج علمية راسخة في أبرز العلوم التي استفاد منها الإنسان على مر العصور وحتى يومنا هذا.
وفي سلسلة خاصة تقدمها بوابة «دار الهلال» خلال شهر رمضان المبارك، سنستعرض يوميا أحد هؤلاء العلماء المسلمين المبدعين ونلقي الضوء على إسهاماتهم العظيمة في مختلف ميادين المعرفة.
نبدأ في حلقتنا الأولى بالتعرف على أبرز علماء اللغة العربية والأدب، الذين قدموا أعمالاً قيمة أثرت هذا المجال وأسهمت في تقدمه.
شهاب الدين النويري
شهاب الدين النويري من أهم علماء اللغة وأهم المورخين العرب المصريين، ولد في مصر في قرية النويرة بمحافظة بني سويف عام 1278م.
درس النويري في القاهرة وأزهرها، وتخصص في دراسة الحديث والسير والتاريخ، وعمل في بداية حياته في نسخ الكتب القيمة وكان يكتب النسخة من صحيح البخاري ويبيعها بألف دينار، كما عمل في بلاط السلطان الناصر محمد بن قلاوون، ونال حظوته، ومارس الكتابة والحسبة، تولى جيش طرابلس ما ساهم في توسيع مداركه واكسبه ذلك معرفة موسوعية.
قدم النويري موسوعته الكبرى نهاية الأرب في فنون الأدب وتعتبر من أهم ما كتبه، حيث جمع فيها خلاصة التراث العربي في شقَّيه، الأدب والتاريخ، ويقع الكتاب في ثلاث وثلاثين مجلدة تضم نيفًا وأربعة آلاف وأربعمائة صفحة، وأخرج الجزء الأول منها في ذي القعدة 721هـ، وتشتمل الموسوعة على خمسة فنون: "السماء والأثار العلوية والأرض والأثار السفلية وهو قسم جغرافي فلكي عام"، والإنسان وما يتعلق به"، و"التاريخ"، و"الحيوان" و"النبات".
وقد ضاع الكتاب في القرون الأخيرة، حتى عثر أحمد زكي باشا على نسخة منه في إحدى مكتبات الآستانة، فنقل منه صورة شمسية وحملها إلى القاهرة، وتألفت لجنة لتحقيقه وطباعته، فرغت من طباعة المجلد الأول منه عام 1920 وفرغت من طباعة الجزء قبل الأخير عام 1992م.