قد يبحث أحدهم عن طريق للعبور من بين تلك الظروف الاجتماعية السيئة التي وضعته في منطقة لا تشبهه ولا تعبر عنه، ليبدأ بعدها في القيام بعدة محاولات جادة لعله يجد من بينها مخرجًا يمكنه من الظهور بصورة أخرى مغايرة لصورته غير المرضية التي فرضتها عليه بيئته وطبيعة تنشئته، فرارًا من استسلامه لظروف لم تمنحه إلا كل شر، ورغبة في استثمار فرصة جاءته عساها أن تخلصه من كل أثر سيئ نسج تعاسة قصته، وتسبب في تأخره أو ضياع حلمه، وانتقص من تقديره لذاته.
يهيم باحثًا عن قدوة، عن صورة أخرى مشرقة تناسبه، لعلها تحسن من أثر صورة قاتمة سكنت داخله رغمًا عنه فأرهقته، يسابق الزمن وهو يبحث عن هذه القدوة فلا يجد لها أثرًا في محيطه، فيقرر الخروج من شرنقة لعنته، بعد أن نما لعلمه أن الإحساس بتقدير الذات سينبع من داخله هو وحده، فيرتب أوراقه ويعيد حساباته، رافضًا لكل طريق قد ينتهي بتحجيمه أو التقليل من شأنه، ويتحرك من رغبة صادقة لديه في ترك انطباع إيجابي لكل من يلتقيه أو يتعامل معه.
اعلم أيها المجتهد أن إحساس المجتمع بك سيأتيك في تلك اللحظة التي تتمسك فيها بأهدافك وتتشبث بها جيدًا، وأن وصفك سيأتيك بنفس قوة رغبتك في محو صورة لم تكن تتمناها لنفسك، حينما تقوم أنت بوضع إطار لصورتك الجديدة المعبرة عنك بكل دقة، حين تنزع ثوب الخضوع لكل موقف مر بك كان ناتجًا عن غياب القدوة، فلتكن أنت تلك القدوة ما دمت قد فقدت أثرها، واصنعها إن لم تجدها، فهل أنت مستعد لهذا؟
كن أنت دائمًا كما أردت لنفسك، وانتزع من روحك ما يقلل من انعكاس نظرتك لنفسك وتقديرك لذاتك، وتجاهل هؤلاء الذين جعلوك تتخبط في غياهب ظلامهم عمدًا أو عن غير قصد، وتذكر أنك قد تصبح ملهمًا إن نجحت تجربتك وتركت أثرًا، ها هي خيوط القصة بأكملها بين يديك، وها هي تفاصيل الطريق تتجلى أمام عينيك، البداية من عندك أنت لا من عند غيرك، فاجتهد واسعَ لتغيير واقعك، فهذا ليس عيبًا مطلقًا، وسعيك هذا سيحميك من البقاء بين شعور بالغربة والشتات يزداد ويتمدد.
لا تكتفِ بنجاحك، وانقل تجربتك لأقرانك، وادعمهم وحدثهم عن تفاصيل رحلتك ونجاحك، وعلمهم أن احترام الذات يأتي من داخل الفرد نفسه، وبلغهم بأن الارتقاء والسعي لتطوير الذات ليس صعبًا، ما دام صاحب النفس الطيبة والروح النقية يمتلك الإرادة لتحقيق هذا فسيفعل، ودعهم يقاومون تيارات التنشئة الخاطئة التي أضرت بهم، وساعدهم وقم بنشر دعوتك.
تذكر أن مستحيلك قد ذهب في رحلة سفر بلا عودة، بعد أن قررت الاستثمار في ذاتك، فكن أنت القدوة حين تغيب القدوة عنك، وانتهز الفرصة وتقدم كي تصنع حلمك، وتذكر دائمًا أن الأمر يستحق المحاولة.