الثلاثاء 18 مارس 2025

تحقيقات

إمعانًا في الإبادة.. إسرائيل تستأنف الحرب ضد قطاع غزة وتقديرات: 80% فقدوا مصادر الغذاء

  • 18-3-2025 | 10:13

غزة صباح اليوم

طباعة
  • محمود غانم

من الصعب أن يُقال إن الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة تدهورت، لأنها فاقت هذه الكلمة، وأصبحت مزرية بشكل يفوق حد التصور، جراء منع الحكومة العبرية إدخال المساعدات الإنسانية إلى هناك، منذ الثاني من الشهر الحالي، بالرغم من دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في يناير الماضي، والذي تضمنت بنوده بروتوكولًا إنسانيًا واجب النفاذ، إلا أن إسرائيل كعادتها لم تلتزم به، قبل أن تتنصل من الاتفاق برمته فجر اليوم.

واستأنف جيش الاحتلال الإسرائيلي بدعم أمريكي، فجر اليوم الثلاثاء، حربه ضد قطاع غزة، متذرعًا بحجج واهية، مسقطًا المئات بين قتيل وجريح، وسط أوضاع إنسانية مذرية، جراء الحصار المفروض على الأهالي هناك


غزة.. في أزمة إنسانية 

في الثاني من شهر مارس الجاري، قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وقف دخول جميع الإمدادات والمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، متذرعًا بأن حركة حماس رفضت قبول الاقتراح الأمريكي بتمديد المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في غزة، التي انتهت قبل ذلك بيوم.

وللإشارة، فإن اتفاق وقف إطلاق النار ينص على بروتوكول إنساني، غير أن إسرائيل، وهي القوة المحتلة، لم تلتزم بتعهداتها، ولم تنفذ البنود التي وقعت عليها، حيث ماطلت وعرقلت إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية والإيوائية، وفقًا لما هو متفق عليه، قبل أن توقفها تمامًا بالقرار الصادر في الثاني من مارس 2025، والذي تزامن مع مطلع شهر رمضان المبارك.

ومنذ صدور قرار منع إدخال المساعدات، مطلع هذا الشهر، لم يدخل إلى قطاع غزة أي إمدادات غذائية، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد غذائية إلى أكثر من 200 بالمائة.

وعلى أثر ذلك، باتت مؤشرات عودة شبح المجاعة وانعدام الأمن الغذائي في قطاع غزة، واضحة، حيث فقد نحو 80 بالمائة من فلسطيني غزة مصادرهم من الغذاء، سواء بتوقف التكيّات الخيرية أو توقف صرف المساعدات من الجهات الإغاثية، وذلك نظرًا لعدم توفر المواد التموينية والغذائية، إضافة إلى خلو الأسواق من السلع.

أضف إلى ذلك، توقف نحو 25 بالمائة من مخابز القطاع الفلسطيني عن العمل، وقد ينضم إليها غيرها لا حقًا، ما يؤثر على كميات الخبز المقدمة للمواطنين.

وهذه الأزمة الإنسانية لا تقتصر على صعيد الغذاء فحسب، بل تشمل أيضًا المياه، حيث أصبح 90 بالمائة من فلسطينيي غزة لا يجدون موردًا للمياه، نتيجة للأزمة الكبيرة والخانقة في توفر مياه الشرب، بسبب منع دخول الوقود الذي يشغل الآبار ومحطات التحلية. 

كما تضاعفت معاناة نحو 150 ألف من أصحاب الأمراض المزمنة والجرحى، حيث باتوا لا يجدون الدواء أو المستلزمات الطبية لمداواتهم.

القرار الإسرائيلي أثر كذلك، على عمليات فتح الشوارع وإزاحة الركام والنفايات، حيث توقفت في غالبية بلديات القطاع الفلسطيني، وذلك للاستفادة من كميات الوقود المتوفرة في تشغيل آبار المياه، وسط تحذيرات من الأثر البيئي والصحي الكارثي مع ارتفاع درجات الحرارة.

وتتزامن هذه الظروف التي يعيشها أهالي قطاع غزة مع شهر رمضان المبارك، الذي يتمتع بطابع خاص لدى المسلمين، لكن إسرائيل تتعمد تعكير صفو هذه الأجواء للعام الثاني على التوالي.

وبدورها، حملت حكومة غزة، التي وثقت التداعيات المُشار إليها، إسرائيل، ورئيس حكومتها بنيامين نتنياهو، المُدان بجرائم ضد الإنسانية، والمطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، المسؤولية عن "جريمة" تدهور الأوضاع الإنسانية بغزة، وفق قولها.

ومن جانبها، تُحذر منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، من أن هناك مليون طفل في غزة يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة وسط انعدام الضروريات الأساسية.

غزة.. تقترب من المجاعة 
وفي غضون ذلك، تتوالى التحذيرات من الداخل والخارج من أن إسرائيل تدفع قطاع غزة نحو مجاعة واسعة النطاق عبر مواصلة إغلاق المعابر أمام المساعدات والبضائع. 

فمن طرفها، تطالب حركة حماس الفلسطينية، الوسطاء "الضامنين" لاتفاق وقف إطلاق النار، الذي يجمعها مع إسرائيل، بالتدخل الفوري لوقف جرائم التجويع والتعطيش التي يتعرض لها أكثر من مليونَي مواطن. وأكدت حركة حماس، وهي القوة الفلسطينية الحاكمة لقطاع غزة، أن الإجراءات الإسرائيلية المستمرة في إغلاق معابر غزة وفرض الحصار والتجويع والتعطيش تعكس عدم اكتراث الحكومة الإسرائيلية بحياة أسراها المحتجزين في غزة، واستهتارها بالقوانين الدولية والإنسانية. 

وشددت على أن الإجراءات الإسرائيلية تُعد دليلًا صارخًا على إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على التهرب من استحقاقات اتفاق وقف إطلاق النار.

وفي الإطار نفسه، حذرت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في غزة، من أن استمرار إسرائيل في إغلاق المعابر أدى إلى انخفاض المخزون الغذائي في غزة لمستويات حرجة، ما يهدد بحدوث مجاعة واسعة النطاق، خاصة في ظل فشل وصول المساعدات.

وكشفت أن 80 بالمائة من المستشفيات العاملة في القطاع باتت خارج الخدمة، جراء نقص الوقود والإمدادات الطبية، ما أدى إلى توقف العمليات الجراحية الحرجة. 

ونوهت الهيئة الفلسطينية، إلى أن هناك أكثر من 25 ألف مريض وجريح، بينهم 10 آلاف مريض سرطان، يواجهون الموت وتدهور أوضاعهم الصحية بسبب انقطاع وصول العلاجات، وذلك وفق ما أفادت به تقارير وزارة الصحة. 

وسلطت الضوء على أن انقطاع التيار الكهربائي ومنع دخول الوقود المشغل للمولدات البديلة، وعدم توفر أجهزة الإنعاش، يهدد حياة الأطفال حديثي الولادة داخل الحضانات، ما يجعلهم يواجهون خطر الموت الفوري. 

واعتبرت أن استمرار الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة إبادة ممنهجة للشعب، وليس مجرد حصار اقتصادي، فضلًا عن أن إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات يعد جريمة حرب، بحسب اتفاقيات "جنيف" والقانون الدولي الإنساني.

ومن جانب الوسطاء، أعربت مصر، في وقت سابق، عن أسفها للممارسات الإسرائيلية التي تمنع دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.  

وأكدت مصر أن سكان قطاع غزة في أمس الحاجة الآن لهذه المساعدات، في ظل نقص احتياجاتهم الأساسية، لا سيما في شهر رمضان المبارك.  

بينما أكدت قطر، أمس الاثنين، ضرورة تحمّل المجتمع الدولي مسؤولياته لمعالجة الأوضاع الإنسانية الكارثية في غزة.  

وفي السياق نفسه، شددت على ضرورة التصدي بحزم لسياسة التجويع التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي في حربه الغاشمة ضد الشعب الفلسطيني.

أمميًا، أكد برنامج الأغذية العالمي، الأحد الفائت، أن أسعار بعض المواد الغذائية الأساسية في غزة ارتفعت إلى أكثر من 200 بالمائة، داعيًا كل الأطراف إلى إعطاء الأولوية للاحتياجات الإنسانية والسماح بدخول المساعدات إلى غزة.

ومنذ أكثر من 18 عامًا، تفرض إسرائيل حصارًا خانقًا على قطاع غزة، يحول دون دخول الاحتياجات الأساسية للأفراد، إلا أنه وصل إلى نحو غير مسبوق منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية في السابع من أكتوبر 2023، حيث أغلقت كافة المعابر في معظم هذه الفترة.


استئناف الحرب 
ومن المؤكد أن الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة ستزداد سوءًا، على وقع استئناف حرب الإبادة الإسرائيلية فجر اليوم ضد الفلسطينيين هناك، وما صاحب ذلك من قصف غاشم طال منازل وخيام نازحين، بينما لم يُستبعد خيار التحرك البري. 

وجاء استئناف الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة بأمر من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي أوعز باتخاذ ما وصفه بـ "إجراءات صارمة ضد حركة حماس في قطاع غزة"، لكن في الحقيقة، لا يتعدى الأمر كونه استهدافًا للمدنيين العزل في خيامهم ومنازلهم.

وفي حصيلة أولية، أفاد مكتب الإعلام الحكومي بغزة، صباح اليوم الثلاثاء، باستشهاد أكثر من 322 فلسطينيًا، وإصابة عشرات آخرين في غضون خمس ساعات من العدوان الإسرائيلي، بينها عائلات كاملة، وصل جزء منهم إلى المستشفيات.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة