العشر الأواخر من الشهر الفضيل مغفرة ورحمة وعتق من النار، وفرصة للتقرب إلى الله بالكثير من الفضائل على رأسها الدعاء والعبادة، فهي ليالي ينزل فيها المولى عز وجل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من كل ليلة يقول "من يدعوني فاستجب له؟"، ومن ثم تعظيم الرجاء في الله وحسن الظن فيه بالعشر الأواخر واجب، حيث كان منهج حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وتلتمس الأمة الإسلامية ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، وبركات أيامها، وتسعد بالتعرض لنفحاتها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّام دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا؛ لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ يُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا"، ويقول صلى الله عليه وسلم: "وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالخَوَاتِيم".
وحول احتفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعشر الأواخر تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيره، فكان صلوات ربي وسلامه عليه إذا دخل العشر أحيا ليله وأيقظ أهله للصلاة.
قيام الليل
وتعد أفضل أعمال العشر الأواخر من رمضان قيام الليل، فهو سبيل المتقين إلى رضا رب العالمين، يقول تعالى: "أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الأَلْبَابِ".
وقال صلى الله عليه وسلم في "قيام الليل": "عليكم بقيام الليلِ، فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ قبلكم، وقربة إلى الله تعالى ومنهاةً عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد"، ويقول صلى الله عليه وسلم): "أَيُّهَا النَّاس: أَفْشُوا السَّلامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ والنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلام".
الرجاء والاجتهاد في الدعاء
ويأتي ضمن فضائل العشر الأواخر الرجاء في الله وحسن الظن به والاجتهاد في الدعاء، خاصة ليلة القدر التي هي درة هذه العشر، وهي ليلة الدعاء والتضرع إلى الله (عز وجل)، ويقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم": "تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في الوثر مِنَ العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ"، وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها: "يا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم": "قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَلَى"، ويقول صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".
التكافل والتراحم وقضاء الحوائج
ومن أفضل القربات في ليالي الرجاء التكافل والتراحم والبذل والعطاء وقضاء الحوائج والإنفاق في سبيل الله، والتي تتجسد فيها معاني الرحمة والإنسانية، يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: "أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنَا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا" ويقول صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا وَمَلَكَانِ يَنْزِلَانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا".