اعتبر معهد دراسة الحرب، ومقره واشنطن، أن مسؤولي الكرملين يعملون على استغلال الروايات حول الضربات الأوكرانية والعمليات القتالية داخل الأراضي الروسية لتبرير رفض مفاوضات السلام مع أوكرانيا، والاستمرار في الحرب أمام الجمهور الروسي.
ورأى تقرير نشره المعهد اليوم السبت، أن الكرملين يستخدم مفاوضات وقف إطلاق النار الجارية كأداة، ويقوم عمداً بتشويه وضع وشروط أي اتفاق مستقبلي، بهدف تأخير وإفشال الجهود الرامية للتوصل إلى تسوية للصراع.
واستشهد المعهد ، في هذا الإطار، بتصريحات المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، في تعليقه على الحريق الذي اندلع في محطة توزيع الغاز سودجا، أن إنكار أوكرانيا لتورطها في التفجير "يُظهر مدى إمكانية تصديق المسؤولين الأوكرانيين والثقة بهم".
وفي السياق ذاته، تساءلت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، عن كيفية "إدارة" الولايات المتحدة لأوكرانيا، في ضوء ما وصفته بانتهاك أوكرانيا للحظر المفروض على استهداف البنية التحتية للطاقة.
وأوضح محللو معهد دراسة الحرب أن تصريحات زاخاروفا وبيسكوف تهدف إلى إعادة إحياء سردية أن أوكرانيا هي المعتدية في هذه الحرب، وأنها تعمل تحت توجيه وضغط غربي، وأن الحرب في أوكرانيا تمثل تهديدًا وجوديًا لروسيا، مما يستوجب ردًا روسيًا.
كما استأنفت السلطات الروسية مزاعمها ، بأن القوات الأوكرانية تستهدف محطات الطاقة النووية الروسية وترتكب جرائم حرب ضد المدنيين الروس، في محاولة لتقويض مصداقية أوكرانيا وتعزيز الشعور بالخطر الوجودي بين الرأي العام الروسي.
وأشار التقرير إلى أن الكرملين دأب على استخدام هذه الروايات طوال فترة الحرب لصرف الأنظار عن تصرفاته، وذكّر محللو المعهد بأن القوات الروسية ارتكبت العديد من جرائم الحرب، سواء في ساحات القتال أو في المناطق الأوكرانية المحتلة، كما قامت بتعريض محطة زابوريجيا النووية للخطر عبر عسكرتها، إضافة إلى أن طائرة مسيرة روسية من طراز شاهد استهدفت الهيكل الواقي لمفاعل رقم (4) في محطة تشيرنوبيل النووية في 14 فبراير الماضي.
ولفت التقرير إلى أن الكرملين قد يسعى لاستغلال رواياته التي تصور أوكرانيا على أنها تهدد المفاعلات النووية الروسية وتدير محطة زابوريجيا بطريقة غير آمنة، بهدف إفشال المحادثات الثنائية بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، خاصة بعد التصريحات الأخيرة من المسؤولين الأميركيين والأوكرانيين حول إمكانية تدخل واشنطن في البنية التحتية للطاقة، بما في ذلك محطة زابوريجيا الواقعة تحت الاحتلال الروسي.
وفي سياق المفاوضات، عقدت وفود من الولايات المتحدة وأوكرانيا اجتماعًا في جدة بالمملكة العربية السعودية، في 11 مارس الجاري، حيث أعربت أوكرانيا عن استعدادها لقبول الاقتراح الأميركي بوقف فوري لإطلاق النار لمدة 30 يومًا، شريطة التزام روسيا به في الوقت ذاته.
كما زار المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف موسكو في 13 مارس ، حيث التقى بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ووفقًا للكرملين، فقد نقل بوتين "معلومات وإشارات إضافية" إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر ويتكوف.
وفي 18 مارس، أجرى ترامب مكالمة هاتفية مع بوتين، أعقبها إعلان البيت الأبيض عن اتفاق موسكو على وقف محدود لإطلاق النار فيما يتعلق بالبنية التحتية والطاقة في أوكرانيا. وفي 19 مارس، تحدث ترامب مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حيث جدد التزامه بتحقيق سلام دائم في أوكرانيا، وفقًا للإدارة الأمريكية.