نحو أسبوع مر على تصعيد إسرائيل في قطاع غزة عبر الانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار المُبرم مع حركة حماس، لتُبدد بدون اكتراث جهودًا دؤوبة بُذلت لأكثر من 13 شهرًا من قبل الوسطاء الإقليميين في سبيل تحقيق التهدئة هناك، والحفاظ عليها.
وتنصلت إسرائيل من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، تحت ذريعة أن حركة حماس ترفض إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لديها، وذلك رغم أن طريق الإفراج عنهم يُمرُّ بالانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق المُبرم، التي تنصلت منها.
ووسط قصف دامٍ، وتوغل بري من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي في شتى نواحي قطاع غزة، يعكف المستوى السياسي في "تل أبيب" على إنفاذ مخطط تهجير فلسطينيي قطاع غزة، كخطوة أولى نحو تصفية القضية الفلسطينية.
نحو التهجير
ومطلع هذا الأسبوع، صادقت إسرائيل على إنشاء إدارة لتهجير سكان قطاع غزة، حسب مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي من المفترض أنه عدل عنه، وفق ما صرح به في 21 من الشهر الماضي.
وبحسب ما صرح به وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الأحد، فإن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر "الكابينت" وافق على إنشاء إدارة لانتقال سكان غزة طوعًا إلى دول ثالثة لمن يُبدون اهتمامًا بذلك، على أن يخضع ذلك لأحكام القانون الإسرائيلي والدولي، على حدّ زعمه.
وأكمل موضحًا أن هذه الإدارة ستكون تابعة لوزير الدفاع، وستعمل بالتنسيق مع المنظمات الدولية والجهات الأخرى، طبقًا لتوجيهات المستوى السياسي، وستنسق أنشطة الوزارات الحكومية المعنية في هذا الشأن.
و"ستعمل هذه الإدارة -المعنية بتهجير فلسطينيي غزة- على التحضير وتسهيل انتقال آمن ومنضبط لهم لمغادرة القطاع طوعًا إلى دول ثالثة، بما يشمل تأمين حركتهم، وإنشاء مسار عبور، وإجراء تفتيش للمشاة عند المعابر المخصصة في قطاع غزة"، وفق مزاعم كاتس.
وإلى جانب ذلك، ستعمل على تنسيق توفير البنية التحتية التي تتيح الانتقال عبر البر والبحر والجو إلى الدول المستهدفة، وفقًا له.
وتحاول إسرائيل إضفاء الشرعية عبر القول إن عملية الهجرة ستتم "طوعًا"، رغم أن هذا يتعارض جملةً وتفصيلًا مع الواقع الذي يشهده قطاع غزة منذ أكثر من 17 شهرًا، جراء حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل ضدهم.
وفي إطار إنفاذ مخططها، حولت إسرائيل قطاع غزة إلى أكبر سجن في العالم، حيث تُحاصر هناك أكثر من مليوني فلسطيني، قاطعةً دخول الإمدادات الإنسانية والغذائية، بشكل أدى إلى مستويات مجاعة غير مسبوقة.
مصر تؤكد انتفاء أساس ما يسمى "المغادرة الطوعية"
في المقابل، يصطدم المخطط الإسرائيلي بتهجير فلسطينيي قطاع غزة برفض قاطع على الصعيدين الدولي والأممي، لما فيه من انتهاك صارخ للقانون الدولي، وتقويض الجهود الرامية لإنفاذ الحلول السياسية.
وأكدت مصر، من طرفها، على انتفاء أساس ما يسمى "المغادرة الطوعية"، والتي يدعي الجانب الإسرائيلي استهدافها من خلال إنشاء وكالة تستهدف تهجير الفلسطينيين.
وأكدت مصر، أن المغادرة التي تتم تحت نيران القصف والحرب، وفي ظل سياسات تمنع المساعدات الإنسانية وتستخدم التجويع كسلاح يعد تهجيرًا قسريًا، وجريمة ومخالفة بموجب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
من جانبها، أكدت قطر، أن تهجير الفلسطينيين بأي صورة من الصور يشكل انتهاكًا سافرًا للقانون الإنساني الدولي.
بدوره، أكد البرلمان العربي، رفضه القاطع لأي محاولات تستهدف تصفية القضية الفلسطينية أو فرض حلول غير عادلة، مشددًا على أن تهجير الشعب الفلسطيني بكل صوره يُعتبر جريمة ضد الإنسانية وفق القانون الدولي واتفاقيات جنيف، وخرقًا فاضحًا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وفي الإطار ذاته، استنكرت رابطة العالم الإسلامي، الإعلان الإسرائيلي بإنشاء وكالة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، معتبرةً ذلك انتهاك لكل القوانين والأعراف الدولية والإنسانية.
وفي فجر الـ18 من مارس 2025، تنصلت إسرائيل من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المبرم مع حركة حماس، بواسطة مصرية قطرية أمريكية، حيث أعلنت عن إطلاق عملية عسكرية هناك تأتي في سياق استكمال مسلسل إبادة الشعب الفلسطيني، الذي بدأ في السابع من أكتوبر 2023.
ومنذ ذلك الحين، خلفت الهجمات الإسرائيلية ضد قطاع غزة، أكثر من 162 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.